بقلم:عباس الصباغ
العطش والجفاف والتصحّر هو واقع الحال الذي وصل اليه الملف المائي للعراق بعد الجفاف المريب لبحيرة ساوة التي تبعها جفاف الكثير من المسطحات المائية وهو مايتعلق بامرين مهمين الاول يخص القطاع الزراعي والثاني يخص معيشة الناس وسبب الازمة يعود الى عاملين : الاول هو العامل الطبيعي كقلة تساقط الامطار والثاني هو العامل البشري كإقامة السدود على انهار حوضي دجلة والفرات مايقلّل من كمية المياه التي تصل الى العراق لكونه من دول المصبّ ، وتلك الدول تنظر الى الماء من وجهة نظر تتعلق بالأمن القومي لها ولضمان مصالحها الستراتيجية فالضرر الاكبر يقع على العراق الذي يستهلك حوالي 53 مليار م3 وهي كمية تذبذب بين 44 الى 77 م3 وخروج اية نسبة من المياه عن المعدلات العامة يقابلها خروج نسبة كبيرة من الارض الصالحة للزراعة مايعرّض أحد مرتكزات الأمن القومي العراقي الى الخطر وهي نتيجة تتحملها جميع الحكومات المتعاقبة لانها اهملت ملف السدود فمازالت آلاف المليارات م3 تذهب هدرا الى الخليج. الشحة لاتحلّ بالمفاوضات والمجاملات واللقاءات البروتوكولية وتبويس اللحى بل بتفعيل المواثيق الدولية الملزمة والخاصة في هذا المضمار انطلاقاً من مبادئ حسن الجوار ومراعاة المصالح المشتركة، ولكن العراق اتبع جميع تلك الوسائل فلم تجدِ نفعا لان جميع من تعاقب على حكم العراق منذ تأسيس دولته الحديثة لم يقم بوضع خارطة طريق تضمن حق العراق واقتسام حصته العادلة من حوضي دجلة والفرات ، فلم تقم تلك الحكومات بتامين حصته من المياه وذلك بعقد اي اتفاقية اطارية ملزمة من الممكن ان يلتجئ اليها العراق في ظروف عسيرة كالتي يمر بها الآن خاصة ان بقية الدول (المنبع والممر) هي التي تتحكم بالكميات التي ترد اليه وحسب مزاج من يقوم على ادارة ملف المياه الخاص بها من اعلى الهرم في سلطاتها التنفيذية عكس الوضع في العراق حيث تدير وزارة الموارد المائية هذا الملف فتكون في مواجهة ضغوطات دولية وإقليمية هي اكبر من امكاناتها فعليها ان تواجه جميع سياسات المحيط الشرق الاوسطي المضطرب فهذه الوزارة لوحدها لاتستطيع تامين حصة العراق من المياه وكل ماتستطيع فعله هو تامين اللقاءات الثنائية (المجاملاتية) والتي دائما ما تكون حبرا على ورق ، يجري كل ماتقدم رغم انضمام العراق الى اتفاقيتي الامم المتحدة للمجاري المائية (1997) واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية (1992) ، الاّ ان العراق مازال يعاني من تجاهل بقية الاطراف في تغطية حصة مائية كافية خاصة بعد ان دقت بحيرة (ساوة) ناقوس الخطر بجفافها فلا بد من تضافر جميع الجهود الدولية (التدويل) والقارية والاقليمية والمحلية لاستغلال الوقت وعمل المستحيل لإنقاذ بلاد النهرين من التصحر الشامل قبل فوات الاوان .
أقرأ ايضاً
- أكثر من تبييض السجون في البلاد
- ممثل السيستاني لوفود الدول في الأربعين: البشرية متعطشة لمبادئ الامام الحسين
- بلاد الرافدين العظيمين ام بلاد الجدولين العطشين ؟؟!!