بقلم: علي حسين
هل كان لابد أن يظهر فيديو وزير الصناعة في حكومة عادل عبد المهدي الـ"تكونو قناصة"، صالح الجبوري، وهو يؤدي القسم أمام "أبو مازن"، ويتعهد بوضع وزارة الصناعة تحت إشارته وعدم مخالفة توجيهاته "السديدة"، حتى ندرك حجم الكارثة؟.
هل هذا الفيديو يمثل نموذجاً فردياً لمنظومة حكم ستبلغ عامها العشرين؟، ربما كان الأوفق والأصوب، أن نعترف بأن الوطن كله تحول إلى مزاد في حلبة السياسيين، كل مدير عام ووكيل وزارة ونائب عليه أن يؤدي القسم لا لخدمة الوطن الذي يقبض منه راتباً وامتيازات وسيارات مصفحة، وإنما أن يكون القسم بالولاء لرئيس الحزب بأن يضع الوزارة أو المؤسسة تحت إشارة رئيس الكتلة.
قبل هذا التاريخ بأكثر من عشرة أعوام، كنت مثل كثيرين يبحثون عن الغريب والمثير في عالم السياسة العراقية، كان هذا قبل أن تنفجر حنفية المضحكات بأشكالها وألوانها البراقة "عباس البياتي.. خالد العطية.. محمود الحسن.. عتاب الدوري.. علي حاتم السليمان.. عواطف النعمة.. محمود المشهداني.. حنان الفتلاوي.. صالح المطلك.. عالية نصيف، وعشرات غيرهم، كانوا معيناً لي في الاستمرار بكتابة عمود يومي، طبعاً لا يسعني إلا أن أوجه الشكر الخاص للسيد إبراهيم الجعفري الذي تفوق على الجميع، وأثبت أنه المؤسس الحقيقي لمدرسة الكوميديا السياسية في العراق.
بعد سنوات سنكتشف أن المهازل السياسية ليست موسماً وينتهي، لكننا وجدنا مصابي وباء المهازل والكوارث يتكاثرون وكأنهم يثبتون بالدليل القاطع أن هذه المدرسة لن تغلق أبوابها، وأن "جنابي" سيجد دائماً موضوعاً ساخناً يملأ به هذه الزاوية. ولأنّ الله رحيم بعباده من العراقيين، فقد تلقيت بسرور بالغ عودة أبو مازن إلى ساحة العمل السياسي وبيع المناصب.
صحيح أن فيديو قسم "أبو مازن" سيمر وكأن شيئاً لم يكن، وسيخرج علينا البعض ليتهم أصابع خارجية بتشويه سمعة "المناضل" احمد الجبوري، غير أنه لو كنا نعيش في دولة يُحترم فيها القانون وتتمتع بكامل سلامتها لما شاهدنا مثل هذا الفيديو المخزي.. لكننا للأسف نعيش في دولة مصابة بزهايمر وضعف في الرؤية. دولة تجيّش فيها الجيوش لمحاصرة متظاهرين شباب، وتسفك دماء المئات منهم، وبدلاً من أن يُقدم المسؤولون عن المجازر إلى المحاكمة، تم منحهم تقاعداً مجزياً وامتيازات.
تتذكرون كيف خرج علينا ذات يوم "أبو مازن"، ليطالبنا بأن نعطيه ثلاثين مليون دولار كي يصرفها على الغجريات! .فهي في نظره أفضل من العملية السياسية التي لا تريد أن تعطي رجلاً بحجم "أبو مازن" حقه، فمنصب وزير ومحافظ، وعرّاب صفقة رئيس البرلمان ونائب أو نائم دائم على قلوب العراقيين، لا تكفي مسيرة أحمد الجبوري الذي طالبنا بأن نسميه "الزعيم".