- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بلاد الرافدين العظيمين ام بلاد الجدولين العطشين ؟؟!!
بقلم: إنتصار الماهود
عدنا من جديد لأزمة المياه لنكتب عنها، محذرين من مخاطرها، فبعد تأجيل زيارة أردوغان المرتقبة للعراق والتي كان من المزمع أن تكون قريبة دون تحديد تأريخ لها، إلا أن تركيا اجلت تلك الزيارة، والحجة هي تداخل الملفات التي من الواجب مناقشتها مع حكومة بغداد.
ما الذي يريده الاتراك من هذه الزيارة اولآ؟؟ وما الذي ينتظره العراق من تركيا بهذه الزيارة ؟؟.
للإجابة على تلك الاسئلة علينا اولا الإحاطة بالملفات التي من الممكن أن يتفاوض عليها الجانبان وهي:
1- ملف المياه وهو ملف مهم جدا للعراق أكثر من الجانب التركي.
2- ملف حزب العمال الكردستاني PKK، وهذا الملف يعتبر الأهم بالنسبة لأنقرة وتضغط كثيرا على بغداد، من أجل إعتباره تنظيما إرهابيا.
3- ملف إعادة تصدير النفط عن طريق ميناء جيهان التركي.
4- الملف الاقتصادي وحجم التبادل التجاري بين البلدين، حيث بلغ حجم التبادل التجاري فقط في عام 2022 الى 14 مليار دولار كصاردات الى العراق في حين بلغ التصدير العراقي لتركيا 1,5 مليار دولار فقط.
تلك هي أهم الملفات التي من المفترض مناقشتها من الجانبين الإ أن أهميتها تختلف بين الجانبين، فبالنسبة للعراق يعتبر ملف المياه ومناقشته مع أنقرة هو الأهم ، بسبب خطورة هذا الملف والجفاف الذي يعاني منه العراق، فبلدنا يعاني ومنذ العام 2021 من الجفاف وهو لا يستلم الا 40% من حصته المائية من الجارة تركيا، والتي لا تكفي للإستهلاك البشري والزراعي والصناعي، وهذا ما يجعل العراق يدق ناقوس الخطر، خاصة بعد أن قلت نسبة المياه المخصصة للزراعة الى النصف، وتراجع مساحة الأراضي المزروعة من 11.600.000 دونم الى 7.000.000 دونم فقط، وتسبب هذا الجفاف بهجرة أكثر من 7 ملايين مواطن بين فلاح و ساكني الأهوار وعوائلهم من مناطق سكناهم، بسبب الجفاف وشحة المياه، كما تضررت الثروة السمكية وفقدنا نسبة كبيرة منها تصل ل 60% منها، فمياه نهري الفرات ودجلة والتي يستلم فقط ما نسبته 40% بعد أن كانت أكثر من 90% منها بالنسبة لنهر الفرات، أما دجلة فمن نسبة 45% من حصته المائية لا يستلم العراق سوى الثلث حيث تناقصت الكميات من 625 متر مكعب بالثانية الى 200 متر مكعب بالثانية، ولك أن تتخيل خطورة المشكلة التي يعاني منها البلاد، بسبب قلة التخصيصات المائية، والتي شرحناها سابقا، وقد تحججت تركيا ايضا بأنها تعاني من شح المياه والتي بدأ منذ ستينات القرن الماضي، وعلى اثرها بدأت بإنشاء 22 سدا على نهري دجلة والفرات وبكلفة تصل الى 30 مليار دولار وهو ما يعرف ب (مشروع جنوب شرق الأناضول GAP)، على حساب جارتيها سوريا والعراق، إن إكتملت تلك المشاريع فلن يبقى للعراق حتى مياه للشرب وليس للزراعة!!.
وهذا ما أكدت عليه تقارير الإجهاد المائي بأن العراق سيعاني جفافا تاما في عام 2040، أي سيجف نهر الفرات تماما.
إن حكومة تركيا تحاول أن تفرض وجودها الدولي، أمام القوى الكبرى، من خلال السيطرة إقتصاديا على الدول المجاورة لها، كما حدث في العراق وحجم التبادل التجاري المهول تخيل لو أن العراق يوقف الإستيراد من تركيا لمدة 6 شهور فقط، كم ستبلغ حجم الخسارة الإقتصادية؟؟ الجواب ستقارب ال 7 مليار دولار طبعا رقم مهم وحرج على الإقتصاد التركي و سيجبر مفاوض انقرة من الجلوس مرة أخرى مع حكومة بغداد وفتح ملف المياه للتفاوض مرة أخرى.