كثيرة هي الظواهر التي انتشرت بالمجتمع العراقي والتي هي بين ايجابية وسلبية, ومن إحدى هذه الظواهر هي ظاهرة (البيع بالتقسيط)، والتي سرعان ما انتشرت بين العراقيين وبصورة سريعة, لتحمل جزءاً من الأعباء الثقيلة التي أبتلي بها المواطنون، سواء كانوا من أصحاب الدخل المحدود أو غيرهم، ولكنها حملت معها أيضاً مشاكل عديدة متعلقة بآلية التنظيم القانوني وطبيعة العقود المنظمة، وإمكانية حماية كل ذي حق حقه سواء كان صاحب شركة أم المستهلك.
وللوقوف عند ظاهرة التقسيط وكيفية انتشارها في المجتمع العراقي كان لموقع نون هذا التحقيق الميداني.
مساوئ التقسيط
تقول (أم علي) وهي إحدى ضحايا عمليات البيع والشراء بالتقسيط ،ولكونها تقبعُ في السجن لما يقارب الستة أشهر،\" ستة اشهر وانا في السجن بسبب تأخري عن دفع أقساط ثلاجة اشتريتها بالتقسيط من إحدى النساء، حيث كنت ملتزمة بالدفع ولعدة اشهر إلا أن تأخري عن الدفع لأيام معدودة قد جعلني حبيسة السجن\".
مشيرةً الى,\" إن السبب وراء لجوئها إلى التقسيط أنها لا تملك ما يكفيها من المال لشراء ما يلزمها من أجهزة او أثاث,ولكنها سرعان ما ان تحولت إلى ضرر بدلاً من الفائدة المتوقعة\".
النسبة الاكبر من الراتب تذهب الى الاقساط
فيما يقول المواطن (ثامر جواد)موظف (43)عاماً ،\" أقوم بدفع النسبة الأكبر من راتبي الشهري الى صاحب شركة التقسيط بغية تسديد ما ترتب علي من مبالغ مالية, إذ كان من المستحيل أن اشتري جهازا واحدا للمنزل عبر الشراء المباشر من الأسواق كوننا من أصحاب الدخل الشهري المحدود بسبب ارتفاع أسعار البضائع التي تشكل عائقاً أمامنا كموظفين \".
وللتقسيط ايجابيات ..
بين المواطن (زهير عبد الحسن) 32 عاما \" للتقسيط أُثر واضح على حياتي اليومية فمن خلال التقسيط تمكنت من الحصول على سيارة،وأنا اعمل فيها الآن في حين إني كنت ولمدة عاميين عاجزا عن العمل لعدم امتلاكي ما يكفي من المال لشراء سيارة بسيطة تمكنني من كسب رزقي \".
فيما أكد المواطن (ستار جبر)26 عاما ,\"انه سيلجأ الى التقسيط في حال أراد ان يبني منزلاً او أراد أن يذهب للعمرة او الحج، إذ تعد من الأمور الايجابية والتي هي متوفرة في كثير من بلدان العالم, حيث نشاهد ألان كثرة الشركات والمؤسسات التجارية التي تتبنى العمل بنظام التقسيط .
فيما يقول (حسين كاطع) صاحب شركة لبيع الأجهزة المنزلية بالتقسيط ،\" إن طبيعة العمل لدينا تعتمد على مسألة توفير ما يحتاجه المستهلك من أجهزة على أن يقوم بدفع المبلغ عند أول كل شهر، وبشرط أن يلتزم بدفع المبلغ وبخلافه فإن الكافل له يتحمل مسألة تسديد المبلغ\".
موضحاً،\" إلى انه وبالرغم من إن عملنا هو عمل إنساني وخدمي ألا إن الكثير لا يلتزم بالاتفاق ويجعل من المسألة لتوفير المال عبر بيع ما أخذه بالتقسيط وبالتالي يكون هناك تأخير في التسديد المترتب عليه \". مبينا,\" إن نوع العقود المستخدمة هي من النوع البسيط الذي لا يتعدى أن يكون ورقة إستلام وتسليم بين الطرفين وهذا الامر يسبب لنا الكثير من المشاكل، حيث لا يوجد قانون ينظم عملية البيع والشراء بالتقسيط\".
[img]pictures/2010/06_10/more1277279900_1.jpg[/img][br]
وللقانون رأي في مسألة التقسيط وآلية التنظيم الواجب اتباعها إذ بين المحامي (ربيع المسعودي) :\" إن آلية التعامل بالتقسيط يجب أن تنظم وفق عقود معتمدة وبين أطراف معتمدة أيضا مثل البائع والمشتري وهذا على غرار ما متبع إثناء شراء منزل حيث يتم تمليكه للشخص المشتري وفق القرار(1198) ليحمي الطرفين من المسببات والنزاعات وان عدم وجود عقد في أية معاملة لا يتم اعتمادها وتعد باطلة لأنها لم تحصل على شكلها القانوني المطلوب\". مؤكدا \" يجب إن تكون هناك التزامات لغرض سير العملية بنجاح وان تمارس بشكلها القانوني لحماية المستهلك، وان العمل على حجز الأملاك والرواتب هي عملية لضمان الحقوق ولعدم التلاعب بحقوق الآخرين \". مضيفاً ،\" إن الظروف الاقتصادية هي السبب وراء جعل المواطن العراقي يتمسك بشركات التقسيط، وهي محاولة منه لتفادي التدهور الذي حصل له بسبب الظروف الاقتصادية للبلد، وان التقسيط لدينا في العراق هو لنهب ومصادرة الأموال من المواطنين بعكس ما هو موجود لدى دول أخرى، كون شركاتنا تبحث عن الربح فقط\". فيما اكد الدكتور عبد الحسين الطائي معاون عميد الشؤون العلمية والدراسات العليا في كلية الإدارة والاقتصاد إن ظاهرة التقسيط من الظواهر المنتشرة في المجتمع العراقي منذ فترة طويلة ولكنها نشطت وبقوة في المجتمع مؤخرا، اذ ساعدت هذه الفكرة المواطنين الذين لا يملكون من الدخل إلا القليل في اقتناء ما يلزمهم من المواد التي يحتاجونها وهناك صنف آخر ممن جعلها مهنة في توفير السيولة المادية من خلال شراء سلعة معينة بالأقساط وبيعها مباشرة لتوفير السيولة المادية وان كانت عليها فوائد مترتبة . واضاف الطائي، \" إن أكثر الأسباب التي ساعدت على انتشارها هو الفقر الموجود في مجتمعاتنا العربية ،بالإضافة إلى التضخم الحاصل في السوق عبر ضخ مجموعة كبيرة من الأموال وتوفر البضائع بشكل كبير في الأسواق من قبل الدولة وكبار الشركات التجارية ومع وجود أصحاب الدخل المحدود وهم من الغالبية حيث ساعد هذا الأمر على الانفتاح وانتشار مثل هذه الظواهر، مضيفاً، انها تؤثر سلباً على المواطنين من ذوي الدخل المحدود كونها تستنزف الدخل الشهري وهي من المظاهر السلبية التي نشأت في مجتمعاتنا,كما ان لها مردودات سلبية حيث ساهمت في ارتفاع أسعار البضائع وهي عامل ساعد في مشكلة التضخم الاقتصادي لأنها تستهلك دخل المواطن,
إن الكثير قد يلجأ إلى عملية التقسيط لعدم توفر السيولة المالية الكافية، إن التفكير الموجود لدى البعض حول الأقساط بأنها عملية شراء مربحة ولمدة طويلة هو تفكير خاطئ كونه يدفع الضرر المترتب عليه من خلال الأرباح المتراكمة وأنه على الحكومة أن تهتم بفتح المجال للقطاع الخاص الذي يساعد على تقليل نسبة التضخم في السوق وزيادة الإنتاج والحدّ من انتشار هذه الظاهرة.
تحقيق:صفاء السعدي
أقرأ ايضاً
- مكتب السيستاني بدمشق :يد العون العراقية تمتد الى (7) الاف عائلة لبنانية في منطقة السيدة زينب
- لماذا يثق العراقيون والعالم بالسيد السيستاني ...السيد الاشكوري يجيب (فيديو)
- الرئيس العراقي لقناة ايرانية: علاقتنا مع واشنطن جيدة ومع طهران جيدة جدا والامن في دول المنطقة مربوط مع بعضه البعض