- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شرح دعاء اليوم العشرين من شهر رمضان المبارك
بقلم: الشيخ محمود الحلي الخفاجي
(اَللّـهُمَّ افْتَحْ لي فيهِ أَبْوابَ الْجِنانِ، وَاَغْلِقْ عَنّي فيهِ أَبْوابَ النّيرانِ، وَوَفِّقْني فيهِ لِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ).
أولاً: الجنان هي ذلك الجزاء الذي منحه تعالى لعباده المطيعين تفضلاً منه وكرماً، وقد حث القرآن الناس على العمل لتحصيل ذلك الجزاء، وقد وصف هذا العمل بالتسابق والتنافس والمسارعة إليه من خلال الأعمال الصالحة والأخلاق النبيلة وأداء ما افترضه عليهم عبادات ومعاملات وما يتعلق بشؤون حياتهم اليومية, فالجنة هي نتائج تفضلية لانعكاسات أعمال العاملين يحصلون عليها بالعمل والإجتهاد في العبادات والإخلاص في العمل..
ولهذا.. النتائج (جنة النعيم والرضوان) أثمان لابد أن تقدم في عالم الإمتحان (الدنيا) ليصل من خلالها على نتائج الآخرة وهي جنات النعيم الإلهي. فماهي أثمان الجنة؟.
تتجسد أثمان الجنان بجملة من الأمور بعضها على مستوى الإعتقاد وبعضها على مستوى العمل:
١- الثمن الأول: الإعتقادات الصحيحة بالله تعالى. يذكر أنه جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: (يا رسول الله هل للجنة من ثمن؟ قال: نعم، قال: ما ثمنها؟ قال: لا إله إلا الله). وهذا هو الثمن الحقيقي لها.
٢- أداء ما افترضه الله تعالى. ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: (عشر من لقي الله عز وجل بهن دخل الجنة: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والإقرار بما جاء من عند الله عزوجل، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحج البيت، والولاية لأولياء الله، والبراءة من أعداء الله، واجتناب كل مسكر).
٣- الأعمال الصالحة، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (ثمن الجنة العمل الصالح).
٤- الموالاة لمحمد وآله والبراءة من أعدائهم، فعن النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) قال: (تَوْفِيقُهُ لِمُوَالاَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ اَلطَّاهِرِينَ وَ مُعَادَاةُ أَعْدَائِهِمْ ثُمَّ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): وَكَيْفَ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ خَيْراً مِمَّا يَجْمَعُونَ وَ هُوَ ثَمَنُ اَلْجَنَّةِ).
٥- مجاهدة النفس وتهذيها يكون طريقاً إلى الجنة، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (جهاد الجنة ثمن الجنة).
- إذن.. الجنة لا تعطى مجاناً بل وفق مقاسات إلهية فتعطى بالتقوى والعمل الصالح والعقيدة بكل شروطها وموالاة أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة من بعده (عليهم السلام.
ثانياً: غلق أبواب النيران. النيران هي تلك الدار التي أعدت للكافرين والمشركين والمنافقين والعاصين استحقاقاً لاعتقاداتهم الباطلة والمنحرفة وجزاءاً لاعمالهم السيئة، والذين تعدوا حدود الله عز وجل. فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (النار غاية المفرطين)، أي الذين أسرفوا في المعاصي والآثام، وقد وصفها أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: (إنها نار لا يهدأ زفيرها ولا يفك أسيرها ولا يجبر كسيرها حرها شديد وقعرها بعيد وماؤها صديد).
وأصحاب النار هم العاصون والذين تمردوا على طاعة الله والذين ارتكبوا كبائر الذنوب والخطايا: (فَأَمَّا مَن طَغَى* وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيَا*فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى). وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا). وقوله تعالى: (بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ...). وقوله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ...), وغيرها من الآيات التي تبين موارد الإستحقاق العقابي لفئات وأفراد تلبسوا بموارد هذا الإستحقاق كالكفر والشرك والفسق والنفاق والتعدي على حدود الله وارتكاب المعاصي والذنوب وغير ذلك.
ثالثاً: الحث على تلاوة القرآن. وتلاوة القرآن لها مرتبتان: - المرتبة الأولى: مرتبة القراءة
- والمرتبة الثانية: مرتبة العمل بالقرآن من خلال اتباع منهجه في الحياة العملية.
فعن النبي (صلى الله عليه وآله): (يتلونه حق تلاوتِه: يتبعونه حق اتباعه). وقد جاءت تلاوة القرآن بعد فتح أبواب الجنان وغلق أبواب النيران، بمعنى أن العمل بالقرآن هو الطريق لدخول الجنة وغلق مفاتيح النيران.
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر