بقلم:عباس الصباغ
المتتبع لتاريخ العراق المعاصر يجد صفة اللا استقرار الثابتة تطغى عليه فمن موجات التداول اللاسلمي للسلطة والانقلابات الدموية الى التيارات السياسية المؤدلجة التي ساهمت في تشظّي الرأي العام وتفتيته ، الى الاقتصاد الريعي الذي مازال يعيش على كف عفريت لأسعار النفط ومازال يعاني من الريعية المتحكمة بمصيره منذ ان دخل النفط كمورد شبه رئيس في ميزانيات العراق المالية ، ومؤخرا بالتحديات الامنية المتمثلة ببقاء فلول داعش وخلاياه النائمة والمتجسدة باستهداف البنى التحتية للكهرباء الوطنية وحرق حقول الحنطة ومحطات المياه واخيرا المستشفيات ، الى السُنن العشائرية الخاطئة كالدكَة العشائرية فضلا عن انتشار ظاهرة المخدرات والعنف الاسري وتفشي اسباب الانتحار وجرائم القتل العمد ، الى اقتران عمليته السياسية بالفساد والمحاصصة التوافقية الى تغوّل السلاح المنفلت والمليشيات الخارجة عن القانون وغير ذلك كثير .
الازماتية المتلازمة للمشهد العراقي العام اضحت شبه ثابتة عليه فهو يغصّ بالأزمات المتلاحقة واحيانا المترادفة والمتوارثة ،ومايكاد المشهد العراقي يتخلص من واحدة منها حتى يظهر في الافق شبح ازمة جديدة ، الازمات تحتشد على طول تاريخ العراق المعاصر ومن كل صنف من اصنافها الى درجة يوصف المشهد العراقي العام بالمشهد المأزوم او الذي لاتنفك اشباح الازماتية عنه ، وجميع الازمات التي يمر بها العراق كالسياسية والاجتماعية والاقتصادية والامنية والبيئية وغيرها تشي بالمعنى الحرفي للازمة التي هي بحسب الموسوعة الحرة (صدمة مفاجئة تكون في اغلب الاحيان غير سارة، وتتطّلب قيادة محنّكة ذات رؤية استراتيجية للأمور ومعزّزة بفريق محترف وكفوء ويمتلك القدرة على التنبؤ بالأزمات قبل وقوعها واعداد الخطط المناسبة والبرامج الناجعة لها لاحتوائها واستيعاب الصدمات التي تتركها، والتقليل من آثارها السلبية بعد وضع خارطة طريق للمعالجة لاحتوائها او تفكيكها باقلّ الخسائر وكل ازمة تستوجب التهيؤ المسبق لها وعدم انتظار المفاجأة الى درجة الكارثة )، فصارت الازماتية مرادفا موضوعيا للمشهد العراقي وليس لها موسم معين ابتداء من التأسيس الدولتي الاول (1921) والى الان فلم يشهد العراق حياة سياسية مستقرة وهادئة بسبب توالي الاختلالات البنيوية للتأسيسات الدولتية الفاشلة والخاطئة والمرتجلة المتعاقبة والتي لعبت في رسم محدداتها الارادات والمصالح والتوافقات الدولية والاقليمية والتي كان آخرها التغيير النيساني (2003) والذي اقترن بحمولات فاشلة اكثر من سابقاته من التأسيسات ورافقتها او كانت نتائج عرضية لها ، وهي كانت اهم مقاربات الازماتية التي اتسم بها المشهد العراقي الا وهو عدم الاستقرار في كل مناحي الحياة دفع ثمن اخطائها وخطاياها الفرد العراقي باهظا من ضياع فرص التنمية المستدامة والبشرية الهائلة واقدم من وضع قدمه على خارطة الحضارة منذ فجر التاريخ والتقدم وهو صاحب الامكانات المادية والثرواتية والحضرية.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي