- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الولايات المتحدة الأمريكيّة وأفعالها المُدهشة في أفغانستان والعراق
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
لدي قناعة شخصية بأن في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وفي سلوكها الدولي، الكثير من "الرؤى" الخاصة بكلّ شيء، والكثير من الخطط والأسرار، وليس المؤامرات.
ولحين قيام الولايات المتحدة الأمريكية بنشر وثائقها "السريّة" (وفق توقيتات مؤسسيّة محسوبة بعناية)، وإعلانها على الملأ، سأبقى أنا (مثل كثيرين غيري)، ممن يُحبِطُهُم عنصر المفاجأة في وقوع الحدث (لأنّهُ يُخالفُ توقّعاتهم)، نتخبّطُ (مثل نصف غريق) في محيطٍ شاسعٍ من الدهشةِ التي ليس لها حدود.
وفق هذه "المقاربة" في فهم وإدراك الأشياء، سيُدهشني اعتراف كبار القادة الإداريين والعسكريين في الولايات المتحدّة الأمريكية، بأنّهم "فوجئوا" بحجم الفساد الهائل في افغانستان.. هذا الفساد الذين قاموا هم بوضع أسسه الرئيسة بعد احتلالهم لأفغانستان، و"تحريرها" من طالبان في عام 2001.
يُدهِشني أن يقوموا بإفساد الحكّام، ليتفاجئوا فيما بعد، بأنّهم أفسدوهم أكثر ممّا يجب.
يُفسدونهم (بهدف التحكّم بهم)، إلى حدّ تمكينهم من تحويل "ظاهرة" الفساد في بلدانهم إلى "بُنية"، ومنظومات، ومؤسسات، وقيم، ويستمرّون في فعل ذلك لما يقربُ من ربع قرن.. ليتفاجَئوا بعد ذلك بأنّ هذا الفساد قد نخَرَ كلّ شيء، و قوّض كلّ شيء، وحوّل كلّ شيءٍ إلى خراب.
يُفسدونهم، و يُطلقونهم على شعوبهم مثل "ماردَ في قمقم".. ثمّ يُعلنونَ عن إصابتهم بالدهشة من ضخامة فسادهم، ومن خروجهم عن السيطرة، ومن عبء التكاليف الباهظة للبقاء بينهم، ومعهم.
يُفسدونهم إلى درجةٍ يقرّرون معها "الإنسحاب" من تلك البلدان الفاسدةِ على نحوٍ مُدهش، وترك "زعماءها" المُدهشين، يُمارسونَ فسادهم المُدهش على شعوبهم المُندَهِشة.. والتي من شدّة دهشتها تعلّقت بإطارات الطائرات، هرباً من القادمِ من أحداثٍ مُدهشات.
يحدثُ كُلّ ذلك، وسط ذهول، و دهشة "المجتمع الدولي"، الذي عقدتْ لسانهُ الدهشة، فلم يعُد يعرف كيف يصف الأمر، ولم يعُد يعرفُ ماذا يقول.
تتفاوضُ الإدارة الأمريكية "السابقة" مع طالبان على تسليمها حكم أفغانستان .. و يعرِفُ الجنودُ الأفغانُ بذلك .. وبعد ذلك "تتفاجأ" الإدارة الأمريكية "اللاحقة" من عدم قدرة الجنود الأفغان عن الدفاع عن المدن الرئيسة، و"انسحابهم" المُدهِش أمام "زحف" طالبان .. بينما تنسحب القطعات العسكرية لأقوى دولة في العالم إلى مطار "حامد كرزاي الدولي"، وتتحصّنُ به، تاركةً طالبان "تحرسها" و تحرسهُ من جميع الجهات.
في المحصّلة النهائية ، فإن الجهة الوحيدة التي لم تُصَب بالدهشة ممّا حدث.. هي طالبان.
"طالبان" التي ستدهشنا بما هي قادرةٌ على فعله، في أكثر من بلدٍ، وفي أكثر من مكان.
"طالبان" التي تعرف الولايات المتحدّة الأمريكيّة كيف سـ"تتعايش" معها مُستقبلاً.. في أكثرٍ من بلدٍ، وأكثرِ من مكان.
أقرأ ايضاً
- هل سيشهد العالم موت الأمم المتحدة؟
- العلاقة المضطربة والعراق المُحْرَج
- فلسطين موجودة قبل وجود الامم المتحدة