
مع بدء المفاوضات بين طهران وواشنطن بشأن البرنامج النووي الإيراني، يجد العراق نفسه مرة أخرى في مرمى نيران الصراع الإقليمي والدولي، في ظل واقعٍ مرير لا يحتمل المزيد من الأزمات.
ومع الحديث غير الرسمي عن طرح إيران أكثر من 4 ترليون دولار للاستثمار الأمريكي في الداخل الإيراني، اقترح رئيس مؤسسة عراق المستقبل، والخبير في الشأن المالي والمصرفي منار العبيدي، اليوم الأحد، إنشاء صندوق استثماري عراقي-أمريكي، يُموَّل من عائدات تصدير ما لا يقل عن 100 ألف برميل نفط يوميًا تُباع مباشرة للولايات المتحدة، ويتم تخصيص هذه العائدات للاستثمار في السوق الأمريكية حصراً، في خطوة لتعزيز الإستقرار المالي للبلاد.
وقال العبيدي في تدوينة له عبر منصة (أكس)، إنه “في الوقت الذي تسارع فيه دول العالم، سواء كانت حليفة أو معادية، إلى كسب ود إدارة ترامب، مدركة أن النجاة تكمن في الابتعاد عن إدارة لا ترى في علاقاتها الدولية سوى وسيلة لتحقيق مصالحها الخاصة، يبقى العراق متفرجًا على هذا المشهد المتحرك”، مبينا أن “دول الجوار من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، تقدم عروضًا مباشرة للولايات المتحدة، في محاولة لحماية أمنها واستقرارها عبر تأمين مصالحها القومية، بينما العراق يُترك في كثير من الأحيان كجزء من أدوات التفاوض لا كمشارك فعلي فيه”.
وأضاف أنه “لم يعد استخدام العراق كورقة في لعبة التفاوض مقصورًا على الجانب الإيراني، بل دخلت أطراف عربية وتركية على الخط، فصارت الملفات العراقية المتعددة تُدار أحيانًا كجزء من صفقات التفاهم أو التصعيد بين القوى الإقليمية والولايات المتحدة”.
وتابع أنه “في خضم هذا المشهد، يملك العراق فرصة نادرة لأن يتحول من مجرد ساحة نفوذ إلى لاعب إقليمي فاعل، إذا ما أحسن استثمار أدواته الاقتصادية”، مبينا أنه “من أبرز هذه الأدوات الممكنة، اقتراح إنشاء صندوق استثماري عراقي-أمريكي، يُموَّل من عائدات تصدير ما لا يقل عن 100 ألف برميل نفط يوميًا تُباع مباشرة للولايات المتحدة، ويتم تخصيص هذه العائدات للاستثمار في السوق الأمريكية حصراً، بما يشكّل نواة لصندوق سيادي قادر على تحقيق أرباح طويلة الأمد للدولة العراقية”.
وأكد أن “تنمية هذا الصندوق وتعزيز استثماراته من شأنه أن يخلق مصلحة اقتصادية متبادلة مع الولايات المتحدة، ويحوّل العراق إلى قوة سياسية ذات ثقل إقليمي، ترتبط بعلاقات اقتصادية استراتيجية طويلة الأمد، بدلاً من أن يبقى أداة في يد المفاوضين على طاولة لا يُدعى إليها”.
وعقدت إيران والولايات المتحدة محادثات “إيجابية وبناءة” في سلطنة عمان، أمس السبت، واتفقتا على استئنافها الأسبوع المقبل، ويهدف الحوار إلى التوصل لحل بشأن برنامج طهران النووي المتسارع بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتنفيذ عمل عسكري إذا لم تنجح المحادثات في التوصل إلى اتفاق.
وكان الدبلوماسي الإيراني أمير الموسوي، كشف مؤخرا، عن طرح إيران أكثر من 4 تريليون دولار لاستثمار الشركات الأمريكية في الداخل بشرط الحفاظ على الأمن القومي الإيراني.
ويواجه العراق تحديات تتعلق بتوازن الميزان التجاري، وتأثير ذلك بالسوق النفطية العالمية، في ظل الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وغياب الصندوق السيادي.
ويعد الصندوق السيادي هو صندوق استثماري تمتلكه الدولة يهدف إلى إدارة الفوائض المالية التي تحققها الدولة من عائدات النفط أو الغاز أو غيرها من الموارد الطبيعية، ويتم توجيه هذه الفوائض إلى الاستثمار في الأصول المختلفة مثل الأسهم والسندات والعقارات والمشاريع الاستثمارية الكبرى، حيث أن الهدف من هذا الصندوق هو ضمان استدامة الموارد المالية للدولة في حال انخفاض أسعار الموارد الطبيعية أو نضوبها وكذلك تعزيز الاستقرار المالي والتنمية الاقتصادية.
ويمكن للصندوق السيادي أن يسهم في تمويل مشاريع كبيرة لتطوير البنية التحتية وقطاعات أخرى خارج نطاق النفط مثل التعليم الصحة النقل والطاقة المتجددة ما يساهم في تعزيز التنمية المستدامة كما يدعم الصندوق السيادي السياسة المالية حيث يعني وجوده أن الحكومة ستتمتع بمزيد من المرونة في إدارة العجز المالي وتوجيه الإيرادات الزائدة للاستثمار بدلا من الاعتماد على القروض الخارجية، بحسب مختصين.
وفكرة إنشاء هذا الصندوق لم تكن وليدة اللحظة، بل تعود إلى تطلعات الحكومات السابقة، التي لم تتمكن من إخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود، فقد طرحت حكومة مصطفى الكاظمي فكرة إنشاء صندوق سيادي، إلا أن المشروع لم ير النور، وظل مجرد حديث إعلامي، حسب تصريحات المسؤولين.
الجدير بالذكر أن رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي وقع في 2019، اتفاقية مع الصين فعّلت برنامج “النفط مقابل إعادة الإعمار”، تعهّدت بموجبه عشرات الشركات الصينية بالعمل في البنى التحتية العراقية مقابل تلقّي بكين 100 ألف برميل نفط يوميًا.
وفتحت هذه الصفقة الباب واسعًا أمام الصين للتدفّق على قطاعات الاقتصاد العراقي، وهي الخطوة التي تسبّبت في اندلاع مخاوف غربية من أن تُصبح بغداد رهنًا للتنّين الصيني مثلها مثلا العديد من عواصم الدول الآسيوية الناشئة التي غرقت في أزمات اقتصادية عدة بسبب اعتمادها المُطلق على الاستثمارات الصينية.
أقرأ ايضاً
- انخفاض أسعار الدولار في العراق مع إغلاق البورصة مساء اليوم
- سوق العراق للأوراق المالية توقع مذكرة تفاهم مع سوق أبوظبي للانضمام لمنصة "تبادل"
- صندوق النقد محذراً: الاقتصاد العالمي على أعتاب تباطؤ بسبب "حرب الرسوم"