- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العملات المشفرة وتنظيمها القانوني

بقلم: إسراء نادر كيطان
في عصر يتسم بالتقدم التكنولوجي السريع والابتكار المتواصل فان العالم اليوم يشهد تحولا جذريا في العديد من المجالات ولاسيما الاقتصادية والمالية التي هي محور موضوعنا، ومن ابرز هذه التحولات هو ظهور العملات الالكترونية (الرقمية والمشفرة) التي تعد بمثابة تجسيد رقمي للقيمة المالية والتي تحمل في طياتها وعدا باحداث ثورة في اجراء المعاملات المالية، وجاء ذلك نتيجة للتقدم في مجال الشبكات والاتصالات مما ادى الى ظهور منصات مالية رقمية جديدة يمكن ان تعمل بشكل مستقل عن الانظمة المالية التقليدية وتمثل (العملات المشفرة) وهي نوع من الاصول المالية التي توجد فقط في شكل الكتروني ولاتملك وجود مادي ملموس، ويتم انشائها وتداولها عبر الانترنت دون وجود سلطة مركزية او بنك مركزي يقف وراء اصدارها.
فهي عملة خارج اصدار النقد الرسمي، وعلى الرغم من عدم رسميتها فانها تلاقي قبولا من قبل الاشخاص الطبيعيين والمعنويين كوسيلة دفع يمكن تخزينها ونقلها وتداولها الكترونياً ومن امثلتها (البيتكوين والايثيريوم وغيرها) الا ان البيتكوين هو الاكثر رواجاً والذي يتم الاعتماد فيها على التفنيات المتقدمة مثل (البلوكيشن) لتحقيق الامان والشفافية ويكون انتاج هذه العملات من خلال برامج مجانية تجري عمليات حسابية معقدة ويتم استخدامها من خلال عملية تعدين (البيتكوين) وبعدها يتحول الى الدفتر الرقمي وهو (البلوكيشن) لتصبح عملة جاهزة قابلة للتداول الكترونيا وتوثق العملية بتوقيع الكتروني لايمكن تزويره او تغييره دون تسجيل البيانات الشخصية، وتتمز بانها عالمية وسرية ورسومها منخفضة إلا انها لاتصدر من سلطة مالية مركزية فهي ليست ذات وجود قانوني، وعلى الرغم من ذلك فان بعض الدول اضافت لها تنظيم قانوني ومنها دولة الامارات العربية المتحدة، اذ عززت الاخيرة الابتكار في مجال التكولوجيا المالية فهي تسعى لتوفير بيئة تنظيمية داعمة للاقتصاد الرقمي، ففي ايلول عام 2020 اصدر البنك المركزي في الامارات تعليمات تتعلق باستخدام العملات الرقمية المشفرة كقيمة مخزونة، وصدر قرار رقم(3) لسنة 2020المعروف بلائحة انشطة الاصول المشفرة والتي تتضمن اصدار العملات المشفرة وعرضها وادراجها وتداولها ووضعت اطار قانوني يشمل تنظيم تلك العملات وتكنولوجيا البلوكيشن.
اما من ناحية التنظيم القانوني لهذه العملات في العراق، واقعيا يشهد الاخير استخدام للعملات الرقمية المشفرة، على الرغم من ان البنك المركزي العراقي يحظر التعامل بها ومنع استخدام البطاقات والمحافظ الالكترونية لغرض التداول بالعملات الرقمية والمشفرة، فلايوجد اي من القوانين العراقية النافذة يمكن ان يعطي وصفا قانونيا لهذه العملات، وان التعامل بها يجعل المتداولين خاضعين لاحكام قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب رقم 39 لسنة 2015 والقوانين النافذة بها الصدد.
ومن خلال ما تقدم يتبين ان هذه العملات ليس لها تنظيم قانوني في اغلب الدول ولاسيما العراق لكن وبسبب تزايد استخدامها واستجابة للتطور الحاصل فاننا بحاجة الى تنظيم قانوني لها واستحداث بنى تحتية وهياكل تنظيمية وصياغات تفصيلية حول استخدام هذا النوع من العملات.
أقرأ ايضاً
- التعليم القانوني "القياس والتقييم"
- تأثير التحول الرقمي على الجريمة المنظمة: التحديات القانونية الواجب مواجهتها
- مكاتب الاعلان والمطابع والحماية القانونية