بقلم: القاضي عامر حسن شنته
قراءة في ضوء تعديل قانون العقوبات
صدر مؤخراً القانون رقم (١٠) لسنة ٢٠٢٤( تعديل قانون العقوبات العراقي رقم ١١١لسنة ١٩٦٩ المنشور في الوقائع العراقية بالعدد (٤٧٧٦في ٢٧/أيار/٢٠٢٤،السنة الخامسة والستون).
والذي تضمن تعديل عدد من مواد قانون العقوبات،ومنها المادة(١١)منه. وسنحاول في هذا المقال المختصر،إثارة بعض التساؤلات، والتعليقات بخصوص المادة المعدلة .لعلها تسهم في دفع الباحثين ،إلى إغناء الموضوع بشكل اكبر.والملاحظ على التعديل أنه أبقى على النص السابق كما هو ،في البند (أولا) منه.
وأضاف البند (ثانياً / بفقراته الأربع)، والبند (ثالثاً). لتصبح المادة(١١)بعد التعديل ببنود ثلاثة. وبذلك فأن التعديل غير من هيكل المادة بشكل كامل،وأقام بنيانها الجديد على ثلاثة أضلاع . تعلق الأول منها (بالمبدأ العام للحصانة)، وأختص الثاني بحصانة (عضو مجلس النواب) بشقيها (الموضوعي) عما يدلي به من آراء أثناء دورة الانعقاد،و(الإجرائي) بشأن الإجراءات الواجب إتباعها بحقه عند اتهامه بجريمة ما، لا تتعلق بصفته النيابية.وفيما يتعلق بالحصانة الموضوعية ،المنصوص عليها في المادة (١١/ثانياً/١)نجد أن المشرع استخدم مصطلح المحاكمة بقوله ( ولا يتعرض للمحاكمة أمام المحاكم).وهو مصطلح له مدلول خاص في قانون أصول المحاكمات الجزائية، يشير إلى إجراءات المرافعة التي تقوم بها المحكمة الجزائية بعد توجيه التهمة.وبعد أن تكون الدعوى الجزائية قد قطعت شوطي التحقيق الابتدائي،والتحقيق القضائي.وكان الأجدر بالمشرع الالتزام بالمصطلح الوارد في نص المادة (٦٣ثانياً/١)من الدستور.
التي نصت على عدم التعرض (للمقاضاة).والذي يشير بوضوح إلى قصد المشرع الدستوري في منع المقاضاة أساساً،ويجب عدم مخالفته باعتباره القانون الأسمى بموجب المادة (١٣)من الدستور.أما الفقرات (٢و٣) فقد تحدثت عن إجراءات رفع الحصانة عن عضو مجلس النواب المتهم بجناية،سواء خلال مدة الفصل التشريعي أو خارجه.وجاءت مطابقة ومنسجمة مع نص المادة (٦٣ثانياً/ ب / ج ) من الدستور.والمادة (٢٠)من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي .في حين جاءت الفقرة (٤)من البند (ثانياً) من المادة (١١)المعدلة، بحكم جديد لم يتضمنه النص الدستوري،المتعلق بحصانة عضو مجلس النواب.واشترطت في جميع الجرائم، أي سواء كانت (جناية أو جنحة أو مخالفة).أن يتم استحصال موافقة رئيس مجلس النواب ونائبيه،لتوقيف عضو مجلس النواب،أو اتخاذ الإجراءات الجزائية ضده.
ونرى أن المشرع بهذا النص جعل الدعاوى التي تحرك ضد أعضاء مجلس النواب من دعاوى الأذن،أي الدعاوى التي تحتاج إلى إذن مسبق للبدء في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المشكو منه عضو مجلس النواب.لكونه نص على عدم جواز (اتخاذ الإجراءات الجزائية ضده) إلا بموافقة رئيس مجلس النواب ونائبيه.والإجراءات الجزائية تشمل مرحلة التحري وجمع الأدلة والتحقيق الابتدائي المنصوص عليها في الكتاب الثاني من قانون أصول المحاكمات الجزائية . ومنها إجراء الكشف وسماع شهود الإثبات،وانتداب الخبراء،وإجراء التفتيش.وكلها إجراءات جزائية تتخذ في مواجهة المشكو منه وضده ،وقد تمسه مباشرة، كما هو الحال في إجراء التفتيش مثلاً.ولو أراد المشرع غير ذلك، لنص على عدم جواز إصدار أمر تكليف بالحضور أو أمر قبض بحق عضو مجلس النواب إلا بعد استحصال الموافقة المذكورة،ولكنه نص على (الإجراءات الجزائية)، الأمر الذي يعني أنه اراد أن تشمل الموافقة جميع إجراءات الدعوى الجزائية.أما إيراد البند (ثالثاً) في المادة المعدلة،فلم يكن له موجب ،لسبق النص عليه في المادة(٦٤)من قانون التنظيم القضائي رقم (١٦٠لسنة ١٩٧٩المعدل).
ولاداعي لتكراره طالما أنه لم يأتي بحكم جديد.ومما تجدر الإشارة إليه ،صدور كتاب مجلس القضاء الأعلى / رئاسة الادعاء العام ،ذي العدد (١٣١٠٩في ٢٠٢٤/٧/١)الذي تم أعمامه على رئاسات الاستئناف كافة،والمبين فيه الآلية الواجب إتباعها عند تقديم طلبات رفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب، تطبيقاً للتعديل المذكور.
أقرأ ايضاً
- الحصانة.. سلاح ذو حدين
- بعد اصطياد سمكة الفساد سهى خليل .. الشعب ينتظر رفع الحصانة عن الحوت مثنى السامرائي
- من يرشح رئيس الوزراء الكتلة البرلمانية الاكثر عددا ام المتظاهرون؟