سوق تجاوز عمره قرن من الزمان ما زال يحافظ على اسمه والمهن التي يعمل بها اشخاص توارثوا المهنة أبّاً عن جد، انه سوق الحبال في الشواكة احدى مناطق مركز بغداد القديمة، في هذا السوق تشاهد بنايات عمرها من عمر السوق، وبعد ان كان يعج بالمتبضعين لشراء الحبال وادوات الصيد التي تصنعها ايدي حرفيين عراقيين، بات المستورد يسيطر على كل مواد السوق، وأثر انخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات منذ سنوات على حركة الصيادين في جميع المحافظات ومعها قلّت حركة البيع والشراء، لكنه مازال يزخر بجميع انواع الحبال والشباك وادوات الصيد واسماء العائلات التي امتهنت بيع الحبال والشباك وادوات الصيد.
سوق عتيق
هذا السوق عتيق جدا ويعد واحدا من اسواق بغداد القديمة وتسمى هذه المنطقة رأس جسر الشهداء او الشواكة وهي احدى مناطق مركز بغداد القديمة وكان سوقا يعج بالباعة والمتبضعين وتباع فيه الفواكة والخضر والاسماك والحليب والاجبان التي يجلبها المزارعون، بهذه المقدمة يسرد عبد الامير كريم سعيد العبودي (75) عاما لوكالة نون الخبرية قصة السوق، ويضيف بقوله "لكن تخصصه بمجال تجارة بيع الحبال والشباك كان طاغيا على كل شيء، وتأسيسه يعود الى اكثر من مئة عام، وحتى هذه البنايات تعود اعمارها الى قرن من الزمان، وقرب السوق من النهر جعله يعج بالحركة التجارية وكان فيه سوق يسمى (المسكف) يقع على حافة النهر واتذكر ان مقام لبنات الحسن (عليه السلام) موجود ايضا، ومقهى البيروتي المشهورة التي تقع الآن على ضفة النهر مقابل نادي الزوراء كانت هنا في هذا السوق وكان فيه جامع قديم اندثر الآن، اما بناية التقاعد العامة فكانت مقرا لـ (السِيف) وهو سوق وبورصة الحبوب وابرزها الحنطة والشعير وكذلك للتمور التي تجلب من البصرة باللنجات (مراكب متوسطة السعة) وجسر الشهداء لم يكن قد انشأ ببنائه الحالي الخرساني وكان ممدود بـ(الدوب) المصنوعة من المطاط".
الحبال والشباك
ويمتاز السوق ببيع الحبال من مختلف الانواع وشباك الصيد التي كانت تصنع يدويا في محافظة النجف الاشرف، هكذا يسرد تفاصيل السوق ويكمل بالقول ان "صناعة الشبكة تتم بفتحات محددة القياس حسب الطلب ونوع السمك المراد صيده، وكانت الشباك تصنع من خيوط مغزولة ومعها السليات او الحذافة تصنع ايضا من نفس الخيوط، وتباع باسعار رخيصة وفي منتصف السبعينيات وزعت وزارة الزراعة على المستثمرين في مجال البحيرات الصناعية لتربية الاسماك شباك صيد اسماك يابانية ولكنهم كانوا يبيعونها في الاسواق لنا وقد دخلت حينها لاول مرة في السوق، لان السوق حينها يقتصر على محال بيع الحبال والشباك المحلية فقط واشهرها محال الحاجين جليل ومنديل العكيلي والحاج ناصر وابو طالب ومحلي وآخرون ويصل عدد المحال الى عشرين محل، وتبيع حبال السيزال والخوص المصنوع من الليف وانواع اخرى وتستعمل في السفن والقوارب والصيد وعدد من الصناعات وفي البناء لرفع الاشياء واستخدامات اخرى كثيرة، وتختلف انواع الحبال حسب نوع العمل، وهو مركز العراق الرئيس لتجارة الحبال وادوات الصيد وكانت كل المحافظات العراقية تلجأ اليه للتزود بما تريد لان انهار العراق سابقا مشهوره بوفرة مياهها وثرواتها السمكية فتجد الصيادين والسفن والزوارق في كل المحافظات، وفي نهاية او منتصف السبعينات دخلت الحبال وشباك الصيد المستوردة من نوع النايلون المستوردة من اليابان وكوريا وتايلند، وصار عليها اقبال لان اطوالها كبيرة تصل الى (180) متر وخفيفة الوزن وتصطاد اضعاف ما تصيده الشباك المصنوعة باليد، وحافظ السوق على ديمومته لان اغلب الابناء توارثوا مهن الاباء والاجداد واغلب اصحاب المحال من الاقارب ولكن العمل تراجع كثيرا لانه مرتبط بمناسيب المياه ووفرة الاسماك وحركة السفن والقوارب ومنذ سنوات ومنسوب المياه منخفض في نهري دجلة والفرات والثروة السمكية قليلة".
ادوات الصيد
في السوق محال تبيع حاجات لها علاقة بصيد السمك وهي ادوات الصيد الفردية التي يقول عنها علي مقداد الرماحي صاحب محل لبيع مستلزمات صيد الاسماك لوكالة نون الخبرية بقوله ان" هذا السوق كانت الصفة الطاغية عليه هي بيع الحبال وشباك الصيد التي كانت تصنع حرفيا بيد عائلات متخصصة حيث تحاك حياكة ووفق الطلب والقياس المراد ومنها (الدعيجي والعشري) وهي التي تتباعد باصبعين او ثلاثة عن بعضها وكانت تحاك في بغداد والنجف الاشرف وتستخدم في حياكتها خيط (الستلي والسيزال) وهي خيوط قوية لا تتأثر بالماء ولا تنقطع وكانت تصنع شباك طولية تصل الى (50 ــ 60) مترا وتشارك العائلة باكملها في حياكة الشبكة واشهرهم بيت عبد الحسين في الشواكة وكانت تباع بدنانير قليلة وفي نهاية العقد السبعيني دخلت المواد المستوردة وجاءت في البداية من اليابان وتايلند وكان عبارة عن خام ابيض وعصب نايلون ووردت بقياسات وخيوط وانواع مختلفة واطوال اكبر مما يصنعه الحرفيون، فاثر على الحرفي وتصدر المبيعات، وحاليا بعد العام 2003 والاستيراد العشوائي وبالاخص من الصين الذي يصل المستورد منه في السوق المحلية الى (90) بالمئة وهناك التايلندي وقليل من نوع الماني اصبحت الخيوط تصل انواعها الى (1500) نوع بعد ان كانت من نوع واحد، والى الان لدينا زبائن متعلقين بالصيد بشكل شخصي (السنارة) التي وصلت انواعها الى الف نوع ومثلها المكائن والخيوط من حجم (20 ـ 120) مليمتر، وحتى الاطعمة الجاهزة اصبحت انواع كثيرة".
قاسم الحلفي ــ بغداد
أقرأ ايضاً
- نذر نفسه لمساعدة الناس: ام " الشهيد احمد" ..ولدي توسل بالحسين لنيل الشهادة ممزقا فكان له ما اراد
- اسكنوا اعداد اضافية وقدموا خدمات :اصحاب فناق سوريون يثمنون مبادرات العتبة الحسينية ويتعاونون معها
- نينوى تخسر 40% من أراضيها الزراعية بسبب الاستثمار الجائر والتوسع العمراني