بقلم: زيد المحمداوي
منذ سقوط القطب العالمي الثاني وهو الاتحاد السوفييتي عام 1991 وامريكا انفردت في الهيمنة على العالم لكن في نفس الوقت احس المعسكر الشرقي بالخطر الكبير من قبل الغرب وحلف الشمال الأطلسي، بدء التحرك الصيني الفعلي نحو سد فراغ الاتحاد السوفييتي ولكن خطواتها كانت بطيئة ومحكمة وغير مستفزة للغرب.
كان الطريق الاقتصادي هو طريق الصين نحو القطب العالمي الثاني، ومن الخطوات الصينية المهمة هي انشاء حلفين متوازيين غير متقاطعين واحدهما يعضد الاخر وهما منظمة شانغهاي التي بدأت مشوارها لترسيم الحدود بين الصين وبعض الدول التي خرجت من الاتحاد السوفييتي ثم تحول الى حلف امني ومن ثم الى اقتصادي وسياسي، للعلم ان الاجتماع الأخير للمنظمة صوت بانضمام ايران اليها بعدما كانت عضو مراقب بالمؤتمر.
اما الحلف الثاني الذي برعامة الصين هو دول بريكس وخصوصا بعد الاجتماع الأخير في دولة افريقيا الجنوبية وانضمام دول مهمه من ناحية الطاقة كالسعودية وايران وكذلك تصريح الرئيس الروسي بوتين و رئيس الجنوب افريقي المتضمن نية دول بريكس بأنشاء عملة موحدة للتعامل بينهم بدل الدولار الأمريكي.
ان التحرك الصيني بالعموم ضم عدة دول التي هي ليست على وفاق من الغرب وامريكا والتي تعرضت او تحت العقوبات الامريكية مثل روسيا وايران وكوريا الشمالية وغيرهم من الدول معارضة للنهج الغربي، واما الصين هي المتصدية للمبادرات لان الغرب والعالم لا يستطيع ابدا ان يفرض على الصين العقوبات لان أمريكا والعالم هو الذي سيتضرر.
وان التحرك الصيني بالعموم هو تحرك اقتصادي لذلك اضافت خط ثالث ليكون موازي للخطين الاخرين المذكورين أعلاه لكن بصبغة اقتصادية مئة بالمئة لكن بالحقيقة هو حلف اقتصادي سيتحول الى سياسي لان الصين حتما ستدافع عن مصلحتها، الخط الثالث هو مشروع الحزام والطريق الذي يمر بعدة دول وله عدة مسارات ومنها من يمر بالعراق عن طريق ميناء الفاو او عن طريق ايران فالعراق فسوريا والبحر الأبيض المتوسط فاوروبا.
للعلم وكما قلت سابقا ان طريق الحرير هو حلف سياسي مغلف باقتصاد وطريق وسكك حديد وطريق ملاحة، واخذت الصين المشروع على محمل الجد وانشات له بنك (البنك الاسيوي للاستثمار بالبنى التحتية) والذي هو معادل الى البنك الدولي من حيث الاعمال والمهام والاقراض.
العديد من الدول ومنها المجاورة للعراق تعي ما يدور بالمنطقة والعالم ولذلك تحركت نحو الشرق ليكون لها السبق في التحول العالمي الجديد ولذلك اخذت عدة خطوات:
1 – انها سارعت لتكون جزء من البنك الاسيوي للاستثمار بالبنى التحتية الا العراق، ويقال أخيرا طلب الانضمام الية ولكن لا نعلم كم ساهم بالبنك، للعلم ان البنك يتعام باليوان لا الدولار ولذلك لا يستطيع العراق ان ينضم الية لان أموال العراق بالدولار وعند الامريكان بالبنك الفدرالي الأمريكي.
2 – سارعت دول المنطقة والعالم للانضمام او طلب الانضمام الى منظمة شانغهاي والعراق لم يفكر بالأمر حتى.
3 – سارعت دول المنطقة الى الانضمام لدول البريكس ومنها ايران والسعودية ومصر والامارات والقسم الاخر طلب الانضمام ولكن العراق لم يفكر بالموضوع ابدا.
4 – سارعت دول المنطقة ومنها الجمهورية الإسلامية في ايران والعربية السعودية والامارات والكويت (تأجير جزيرة بوبيان) بالذهاب الى الصين كي تتفق معها حول مشروع الحزام والطريق وحتى ان بعض زعماء دول الخليج صرح بحجم الأموال المخصصة لهذا المشروع، لكن العراق اخذ خطوات تعارض مشروع الحرير وهي:
أ – إعطاء مشروع انشاء ميناء الفاو الكبير لشركة دايو المملوكة لشركة موتور الامريكية وبالتالي استبعدت الصين من المشروع.
ب – قام العراق بتبني مشروع اسمة طريق التنمية وهو طريق بري وسككي من الجنوب الى الشمال برعاية خليجية واستبعاد كامل للصين والشرق، وهو طرح مغاير وبديل عن المشروع الصيني.
ج – التصريحات الأخيرة للمسؤولين العراقيين بتكذيب وجود المشروع او تسفيهه او القول بان الطريق لا يمر بالعراق وكانه طريق فقط (شارع) متناسين انه حلف اقتصادي سياسي، وخصوصا التصريح الأخير للحكومة بان العراق ليس على طريق الحرير.
د – ان الحكومة بدل من ان تمضي بمشاريع مع دول سيكون لها مستقبل كبير، ذهبت باتجاه دول خاسرة لا مستقبل لها مثل أوكرانيا، وتصريح بعض المسؤولين ان العراق يقترب من توقيع عقد مع شركة أوكرانية لاستثمار غاز حقل عكاز، للعلم ان يوم امس المحلل السياسي وعضو السي أي أي السابق يقول ان أوكرانيا لديها ثلاث طرق لا اكثر فأما ان تخسر الحرب او تمحى او تستلم لروسيا بالشروط المفروض عليها.
وبالتالي أتمنى من الحكومة ان لا تضيع بوصلة أهدافها وان تراهن على الفرس الفائز لا الخاسر وان تستغل ولادة القطب العالمي الجديد باستغلال الأطراف المتنازعة في مصلحتها لا ان تكون تابعة لطرف ضد طرف اخر على رغم بعدم وجود مصلحه لها في ذلك.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي