بناية قديمة في وسط بغداد، قريبة من شارع المتنبي يعود تاريخ بنائها الى فترة ولاية الوالي نامق باشا من عام 1850- 1852حيث بنيت بطابق واحد فقط ثم أكمل بناءها الوالي مدحت باشا وجعل لها طابقا ثانيا وشيد برجا عاليا في وسط ساحتها ليضع عليها ساعة من اجل إيقاظ الجند.
\"القشلة\" او قشلة البيادر \"ثكنة الجنود المشاة\" تلك هي البناية القديمة التي تم ترميمها في الثلاثينيات من القرن العشرين وبقي المبنى مشغولا ومستعملا وضيقا منذ نشأته وحتى وقتنا الحاضر كما يقول الادباء.
تغيرت وظائف القشلة بتوالي الأحداث كما يقول التاريخ، فقد رفع العلم البريطاني فوق برج الساعة عام 1916، ثم استعمل المبنى عام 1917 مسكنا للضباط الإنكليز وعوائلهم، كما توج الملك فيصل الاول في ساحة المبنى عام 1921.
كما اتخذ من مبنى القشلة مقرا لبعض الدوائر والوزارات في الدولة العراقية.
واعتبر مبنى القشلة تاريخيا وتراثيا عام 1989، وتعتبر القشلة واحدة من أهم البنايات التاريخية على ضفاف نهر دجلة.
إن أقدم الدوائر العراقية التابعة للحكومة منذ نشأتها قد شغلت بناية القشلة، وقد كانت فيما مضى الثكنة الشتائية للجيش العثماني، وهي مركز القيادة للدولة في بغداد، وقد شغلتها فيما بعد وزارة العدل والمحاكم والاستئناف وجميع المحاكم الجزائية والبدائية والدوائر التابعة لها ومديرية المعارف، التي تحولت الى وزارة المعارف ثم التربية.
كان على راس البرج المرتفع تمثال لاعرابي يمتطي جملا، فجاء على شكل تحفة فنية، لكن ازيل هذا التمثال صبيحة يوم الاثنين الرابع عشر من تموز سنة 1958 يوم قيام ثورة عبد الكريم قاسم، وقد قيل وقتها ان هذا التمال يمثل الحاكم البريطاني (لجمن) وكان حاكما عسكريا على العراق ولم يكن محمود السيرة عند العراقيين.
ويقال ان مدحت باشا كان قد اكمل بناء القشلة من احجار سور بغداد العباسي حسب ما جاء في كتاب العزاوي (العراق بين احتلالين) وهذه خسارة فادحة للتاريخ العراقي تضاف الى الخسارات الاخرى في ابنية وشواهد لها قيمتها الكبرى.
خبير الاثار الدكتور (داخل مجهول) تحدث لنا عن القشلة قائلا \"القشلة تمثل احدى البنايات المهمة في اواخر العهد العثماني. هذه البناية شغلتها عدة دوائر منها وزارة المالية والخزينة المركزية كما شغلتها وزارة العدل في وقت مضى، كما حشرت فيها بعض البنايات شوهت منظرها الطبيعي فرفعت في حينها وجردت البناية من البنايات المضافة اليها\".
وعن مدى تاثير الخراب الذي طال بناية القشلة بعد احداث عام 2003 قال مجهول:
\"البناية تعرضت الى تدمير هائل بعد احداث عام 2003 حيث رفعت جميع سقوفها وخربت اغلب جدرانها بحيث انها الان بحالة يرثى لها، كما ان التفجير الذي حدث في شارع المتنبي ادى الى تاثر الجهة الامامية المطلة على الشارع وحدوث تخريبات كثيرة حيث قلعت بعض الشبابيك وتاثرت السقوف والجدران\".
وبيّن مجهول مدى اهتمام الهيئة العامة للاثار والتراث قائلا:
\"شكلت الهيئة العامة للاثار والتراث لجنة لاعادة ترميم بناية القشلة واوكلت هذا العمل الى احد المقاولين ليعيد البناية الى ما كانت عليه في السابق، وفعلا تم اعادة هذه البناية وفق البناء السابق وبنفس المواد المستخدمة في بنائها\".
عادت القشلة من جديد تزهو في وسط بغداد وتحديدا في منطقة الميدان حيث يزورها يوميا العشرات او المئات من المهتمين بشؤون التراث والاعمار.
احد الزائرين قال للصباح الجديد: \"انا سعيد جدا باعادة بناء او ترميم بناية القشلة، هذا الصرح التاريخي الذي يعتبر واحدا من اهم المعالم التي تتميز بها مدينة بغداد\".
وطالب عدد من المهتمين بشؤون التراث والمعمار بحماية بناية القشلة وباقي المعالم التراثية في عموم العراق من التخريب والسرقة.
باحثون وخبراء في الهندسة المعمارية طالبو ايضا بان يتم التعامل مع هذا المبنى بمنتهى الرقة كونه مبنى تاريخي ومهم، كما طالبوا باجراء الصيانة الدورية عليه.
التراث العراقي الذي يمتد الى الاف السنين، وبالرغم مما يتعرض له بين فترة واخرى الى ضربات موجعة بسبب الحروب التي مرت على عراقنا الحبيب او بسبب الفساد الذي طاله بين سرقة وتخريب الا انه يظل شامخا ومؤثرا ومزارا لكل محبي التراث في العالم.
بقلم ياسين الربيعي
أقرأ ايضاً
- بغداد تتهم وأربيل ترد.. هل تعود أزمة الرواتب بإقليم كردستان للواجهة؟
- هل تكون السعودية وجهة العراق الجديدة تجاريا؟
- السدود الجديدة.. هل تنقذ العراق من أزمة الجفاف؟