- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
دور الذكاء الاصطناعي في إجراءات التحقيق الجزائي
بقلم: مروة عماد مهدي - ماجستير في علوم الحاسبات
إن تطور التكنولوجيا المتسارع الذي يشهده العالم و ظهور مصطلح كيانات الذكاء الاصطناعي ( Artificial intelligence) أدى إلى ظهور أنواع جديدة من الجرائم الرقمية فأصبح الاستدلال الرقمي له أهمية بالغة في الإثبات الجزائي لا يقل شاناً عن باقي الأدلة إلا إن هذا الدليل له طابع خاص يختلف عن سائر الأدلة الأخرى, وذلك لطبيعته الرقمية و طبيعة الوسط الذي يستخلص منه, كما إن هذه الدليل يمكن إن يكون في بعض الأحيان ركناً مهماً في إجراءات التحقيق الجزائي, بالنظر لأهميته و مدى تأثيره على الدعوى الجزائية بنفيها أو إثباتها فيجب التأكد من صحة و سلامه أي دليل قبل اعتماده.
كما إن للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على الأدلة الرقمية لكونه أكثر خطورة من برامج الفوتوشوب وذلك لان عمله يتصف بالاحترافية و الدقة العالية , فمن أهم هذه التقنيات تقنية التزييف العميق (Deep fake) التي تعمل على تزييف مقاطع الفيديو والصوت إذا يصعب على البشر تميزها و التفريق بين ما هو حقيقي وما هو زائف , و ذلك بدمج عدد من الصور و مقاطع الفيديو , علاوةً على قدرته على تغير الصوت و التلاعب بمكوناته ( الفونيمات (Phonemes)) التي تمثل وحدة الكلام و تستخدم لقياس الصوت و تميز كل حرف عن الأخر عند نطقه, مما يؤدي إلى إنتاج فيديو جديد يبدو كأنه حقيقي للغاية لكنة في حقيقة الأمر لا يمد للواقع بصلة.
لتصبح هذه الطفرة في علم التكنولوجيا تشكل تحدياً كبيراً للمجتمع القانوني و الأمن السيبراني , و تثير مخاطر جنائية متعددة , و لا سيما أنها تعد تصريحاً واضحاً على دخول الجريمة عصراً يستوجب تحركاً تشريعياً و قضائياً يوائم تغيرات العصر الراهن , علاوة على ما للذكاء الاصطناعي من اثر فعال في إجراءات التحقيق الجزائي و دور أنظمته في تمحيص الأدلة الرقمية إذا يتصف عملها بالدقة العالية من جانب و عدم تدخل العنصر البشري من جانب أخر.
تكون هذه الأنظمة مصممة خصيصاً لفحص الأدلة الرقمية وإليه عملها معتمداً بالدرجة الأساس على خوارزميات الذكاء الاصطناعي, المتمثلة بالتعلم الآلي ( Machine learning ) والتعلم العميق (Deep learning), حيث تبنى هيكلية الأنظمة من عدد كبير من شبكات الخلايا العصبية ( Neutral network) التي يختلف عملها بالاختلاف مراحل فحص الدليل ابتدءا من مرحلة تحليله وفقاً لمجموعة من الخوارزميات المبرمجة (algorithms) و العمليات الحسابية الدقيقة (accurate calculations ) لتشخيص بعض الصفات و الخصائص السلوكية التي تتمثل بتعابير الوجه, الابتسامة , نظرة العين و حركة الشفاه, انتقالاً إلى التدريب الخلايا باستخدام الكم الهائل من البيانات لمساعدتها في اتخاذ القرار, وصولاً إلى مرحلة الاختبار لمعرفة مدى تحقق الشرطين الأساسيين لتأكد من صحة الدليل و اعتماده و هما المصادقة و السلامة (Authentication and Integrity) , وأخيرا مرحلة التصنيف لبيان حالة الدليل الرقمي إذا كان حقيقي أم زائف .
فيتضح مما سبق إن التطور التكنولوجيا يمكن إن يكون سلاح ذو حدين من خلال خلق أدلة مزيفة يمكن إن تؤدي إلى تشويش الحقيقة و تضليل العدالة إلا انه في ذات الوقت يوفر طرق يمكن من خلالها التحقق من صحة الدليل قبل اعتماده, إذا يعد الإثبات الجنائي بالأدلة الرقمية من ابرز تطورات العصر في كافة النظم القانونية التي جاءت لتلائم الثورة العلمية و التكنولوجيا و التقنية في عصرنا الحالي.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- رمزية السنوار ودوره في المعركة