رأى متخصصون بالشأن الاقتصادي، ضرورة استثمار بغداد لزيارة مساعدة وزيرة الخزانة الأمريكية إلى بغداد، من أجل إيجاد حل أو اتفاق للتعامل بالدولار بين العراق وإيران، لاسيما وأنها الأساس بعدم استقرار سعر الصرف في السوق المحلية، نظرا لاعتماد التجار على الحوالات السود لتمويل تجارتهم مع الجارة الشرقية، وفيما أكدوا أن أي استقرار بسعر الدولار لن يحدث دون هذا الاتفاق، ألمحوا إلى احتمال بدء المباحثات خاصة مع وجود نائب محافظ البنك المركزي الإيراني ببغداد.
ويقول الخبير في الشأن المالي رشيد السعدي، إن "زيارة مساعدة وزير الخزانة الأمريكي إلى بغداد لها أهمية كبيرة على المستوى الاقتصادي والسياسي، خصوصاً وأنها تأتي مع وجود نائب محافظ البنك المركزي الإيراني في بغداد، بحسب مصادر إعلامية، وهذا يأتي ضمن سعي بغداد لإيجاد حل للتعامل مع إيران".
ويضيف السعدي، أن "الموضوع المهم والأساسي بملف الدولار هو التعامل مع إيران والدول الأخرى كسوريا ولبنان، وزيارة المسؤولة الأمريكية تأتي للتأكيد والتشديد على الالتزام في المنصة الإلكترونية، وهذا الزيارة ربما تكون لها نتائج إيجابية في قضية التعامل مع إيران بخطوة تجنب العراق العقوبات الأمريكية".
ويشير إلى أن "ارتفاع سعر صرف الدولار هو بسبب سحب الدولار من السوق لغرض التجارة مع إيران، خصوصاً وأن هناك تعامل يومي مع إيران بملايين الدولارات، وهذه المبالغ يتم تغطيتها من خلال سحب الدولار من السوق، لذا نرى هناك أزمة في سعر الصرف".
ووصلت مساعدة وزيرة الخزانة الأمريكية إلزابيث روزنبرغ إلى بغداد يوم الأربعاء الماضي، وعقدت اجتماعا مع محافظ البنك المركزي علي العلاق، وبحسب البيان الرسمي، فقد جرى متابعة مخرجات ونتائج الاجتماعات السابقة بين البنك المركزي العراقي من جهة، ووزارة الخزانة الأمريكية والبنك الفيدرالي الأمريكي من جهة اخرى، فضلاً عن إمكانية تقديم الدعم الفني في مجال تمويل التجارة الخارجية عبر القنوات المصرفية الرصينية بآلياتٍ تُمكّن تمويل التجارة الخارجية المشروعة، بعملات مختلفة منها اليورو، اليوان الصيني، والدرهم الإماراتي، وكذلك تنظيم حركة التجارة مع تركيا.
كما التقى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بروزنبرغ، وبحث معها التعاون المشترك بين المؤسسات المالية في العراق ووزارة الخزانة الأمريكية، ومناقشة إجراءات الحكومة في تطبيق الإصلاحات المالية والمصرفية، للحد من عمليات الفساد بكل أشكاله.
يذكر أن سعر صرف الدولار، قفز اليوم، في السوق المحلية إلى 157 ألف دينار لكل مائة دولار، بعد أن كان بحدود 153 ألف دينار لكل مائة دولار خلال الايام والاسابيع الماضية.
يشار إلى أنباء وردت، ولم يتم التأكد من صحتها، بشأن عقد لقاء غير معلن بين نائب محافظ البنك المركزي الإيراني والمسؤولة الأمريكية ومسؤولين عراقيين في بغداد، لحل قضية التعامل بالدولار بين العراق وإيران.
إلى ذلك، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني، أن "زيارة مساعدة وزيرة الخزانة الأمريكية إلى بغداد وعقدها اجتماعات مع المسؤولين العراقيين، تأتي ضمن المتابعة والرقابة الأمريكية على تعامل العراق بالدولار ومتابعة منع تهريبه بأي طريقة للخارج".
ويضيف الكناني، أن "استمرار ارتفاع الدولار في السوق المحلية، يؤكد أن الدولار ما زال يخرج إلى بعض الدول بطرق غير شرعية وبعيدة عن المنصة الإلكترونية، وهذا يعني استمرار الحوالات السود خاصة إلى ايران، مع استمرار استيراد البضائع المختلفة بشكل كبير منها".
ويؤكد أن "استقرار سعر صرف الدولار في السوق المحلية، يتطلب من العراق إيجاد حلول متفق عليها مع الجانب الأمريكي لتمويل التجارة مع إيران، فالدولار مازال يتم جمعه من السوق من قبل بعض التجار من أجل تمويل تجارتهم مع إيران وسوريا ودول أخرى، ودون وجود أي اتفاق لن يكون هناك أي استقرار في سعر الصرف".
يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وجه الشهر الماضي، المؤسسات المعنية كافة، بالتقيّد بالعمل على وفق ما جاء في قانون البنك المركزي العراقي رقم 56 لسنة 2004، الذي بيّن أن البنك المركزي العراقي هو الجهة الوحيدة التي لها سلطة اتخاذ كافة الإجراءات لتنظيم ورقابة عمل المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية لضمان امتثالها، وذلك خلال لقائه رابطة شركات الصرافة، التي تعهدت من جانبها بالعمل طيلة أيام الأسبوع لبيع العملة الأجنبية للمواطنين بالسعر الرسمي المعتمد، وفقا للبيان الرسمي.
من جانبه، يبين مظهر محمد صالح، المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء، إن "زيارة مساعدة وزارة الخزانة الأمريكية إلى العراق، ولاسيما في هذا الظرف الدقيق الذي تتطلع فيه البلاد نحو الاستقرار والتنمية الاقتصادية، تؤشر بلا شك وجود أجواء من الشراكة الإيجابية بين البلدين، آخذة في التسارع، وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة ببن العراق والولايات المتحدة في العام 2008".
ويضيف صالح، أن "الزيارة توضح في الوقت نفسه أن هناك استقرارا وتناميا في مناخ علاقات التعاون بين البلدين، كما تصب نحو تطوير العلاقات المالية والاقتصادية، خاصة وأن العراق يتطلع نحو إعادة تنظيم جهازه المصرفي بشكل واعد ليكون الذراع الحقيقي في تمويل التنمية الاقتصادية".
ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل مائة دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام "سويفت" المالي الدولي.
وقد أصدر البنك المركزي 3 حزم إجراءات للسيطرة على بيع الدولار وضمان عدم تهريبه إلى الخارج، وقلل في بداية الأزمة من مبيعات مزاد العملة، ومن ثم عاود مؤخرا الارتفاع لمستواه السابق والبالغ نحو 300 مليون دولار يوميا.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟