لم يشهد العراق تعدادا للسكان منذ نحو 3 عقود، وكان آخرها عام 1997، والذي لم يشمل إقليم كردستان العراق حينها، نظرا لتمتعه بسلطة شبه مستقلة عن العراق، أما الآن، يستعد البلد لإجراء التعداد العام للسكان ومن ضمنه إقليم كردستان العراق، لكن بدأت الاعتراضات الكردية والتركمانية ودعوات التأجيل بالظهور، مع اقتراب الموعد.
وعلى الرغم من أن إجراء التعداد السكاني المرتقب وموعده، وهو في الـ20 من تشرين الثاني نوفمبر الحالي، جاء بعد اتفاق بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق، إلا أن الجانب الكردي بدأ يطالب بغداد بتهيئة الأوضاع في المناطق المتنازع عليها وإيجاد حل لسكانها النازحين قبل إجراء التعداد أو تأجيله، وهذا الأمر لم تعلق عليه وزارة التخطيط، بل أكدت أن التعداد سيجرى بموعده وسيشمل الإقليم وأنها على تنسيق معه.
ويقول مدير عام التعداد السكاني في إقليم كردستان العراق وعضو اللجنة المركزية للتعداد في العراق محمود عثمان، إنه “بعد عام 2014 جاءت الآلاف من العوائل وسكنت مدينة كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها، وما تعرف بمناطق المادة 140، وهذه العوائل استقرت في تلك المناطق”.
ويضيف عثمان، أن “هذه العوائل ستضاف لسجلات كركوك وباقي مناطق المادة 140، وهذا يعد تغييرا ديموغرافيا، لأن التعداد السكاني سيضيفهم للمدن التي تواجدوا بها، في حين يجب اعتماد سجلات عام 1957″، مبينا أن “الأمر ذاته في محافظات إقليم كردستان العراق، فقد سكنت الآلاف من العوائل من بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق، وهؤلاء يجب تسجيلهم على محافظاتهم الأصلية، حسب بطاقة السكن، ولا يسجلون على محافظات الإقليم، ومن الأفضل أن يعود السكان لمناطقهم في يوم التعداد، لكي لا تحصل إشكاليات كبيرة”.
ويلفت إلى أن “تسجيل العوائل على مناطق جديدة، سيؤثر على نسبة كل محافظات في الموازنات، وأيضا عدد المقاعد البرلمانية، ونحن في الإقليم نطالب بإيجاد الحلول، واعتماد نماذج 1957 في كركوك، وأيضا تسجيل العوائل التي سكنت جديدا على مناطق الأصلية، وإذا لم تنفذ مطالبنا فإننا نطالب بتأجيل التعداد لوقت آخر”.
ويستطرد أن “الإقليم بدأ مؤخرا بتسيير الفرق الجوالة، على عكس المحافظات العراقية التي بدأت قبل شهر، وبالتالي حتى الآن لم نتمكن من إحصاء جميع المناطق والعوائل، ونحتاج لوقت وأموال إضافية وفرق فنية”.
ومن المفترض أن يجرى التعداد السكاني في كافة المحافظات، يومي 20 و21 من الشهر الحالي، وصدر قرار بفرض حظر التجوال خلال هذين اليومين.
يذكر أن آخر إحصاء للسكان في العراق كان عام 1997، وأظهر أن عدد السكان هو 22 مليون نسمة، ولم يجر أي إحصاء بعد ذلك لغاية الآن.
يشار إلى أن التعداد السكاني، كان من المفترض أن يجرى خلال الأعوام السابقة، وخاصة في العام 2020، لكن جرى تأجيله لأسباب عدة ومنها الخلافات السياسية حول وضع كركوك.
ويرى عضو برلمان إقليم كردستان العراق السابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، سعيد مصطفى، أن “الإقليم مع إجراء التعداد ووافقنا عليه، وأبدينا التعاون الكامل مع وزارة التخطيط، لكن يجب الأخذ بالملاحظات، ومنها اعتماد بيانات عام 1957 في كركوك، لأنها المشكلة الأكبر”.
ويردف مصطفى، أن “النظام السابق أجرى عمليات تعريب كبيرة في كركوك، وبالتالي جرت عمليات تغيير ديموغرافي كبيرة على سكان المدينة من الكرد، وحتى التركمان الذين لديهم اعتراضات كبيرة”.
ويؤكد “بالتالي يجب اعتماد تعداد 1957، لاحتساب العوائل وتسجيلهم، وأي عائلة لا تمتلك السجلات في هذا الإحصاء لا يتم احتسابها على كركوك، وأيضا يجب حل مشكلة النازحين الذين لم يعودوا إلى مناطقهم الأصلية، ومنهم سكان سنجار وباقي المناطق التي لم يعود أهلها لها، لذا فالأهم حل كل تلك الإشكاليات أولا، لآن إجراء التعداد بوضعه الحالي سيؤثر على وضع الكرد والمكونات والأقليات”.
ومنذ عام 2005 وحتى الآن، يجري الحديث عن تطبيق المادة التي تحمل الرقم 140 في الدستور العراقي، والخاصة بإعادة رسم خارطة إقليم كردستان العراق، وتحديد المناطق التابعة له والتي جرى تعريبها خلال النظام السابق، لكن تعطل تنفيذ هذه المادة لما لها من سلبيات كثيرة.
إلى ذلك، يؤكد المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، أن “التعداد سيجرى في موعده المقر في العشرين من الشهر الحالي”.
ولم يعلق الهنداوي على ما طالبت به الأحزاب الكردية، بل أشار لعكس ذلك، بالقول: “لدينا تنسيق عال مع الإقليم، وأكملنا كل الاستعدادت الفنية، وفرقنا جاهزة لإنجاز هذه المهمة، وهنالك تعاون مع جميع الوزارات والمؤسسات، والإقليم سيشترك بهذا التعداد”.
يشار إلى أن مسؤول مكتب الإعلام وعضو المكتب السياسي في الاتحاد الوطني الكردستاني عماد أحمد، دعا في مقال نشره مؤخرا، إلى تأجيل عملية التعداد العام للسكان والمساكن، محذرا من ان التعداد في الوقت الراهن بمثابة كارثة ونقطة مميتة للمادة 140 من الدستور العراقي.
وتعد كركوك من أبرز مناطق الصراع بين بغداد وأربيل، وخضعت لسيطرة الأحزاب الكردية في عام 2014 بعد أن اجتاح تنظيم داعش محافظات عدة، قبل أن تستعيد الحكومة الاتحادية السيطرة عليها عام 2017.
وتم تشكيل لجنة لتطبيق أحكام المادة 140، في ظل حكومة إبراهيم الجعفري، حيث أسندت رئاسة اللجنة إلى حميد مجيد موسى، وفي حكومة نوري المالكي شكلت لجنة أخرى برئاسة وزير العدل السابق هاشم الشبلي، لكنه استقال من منصبه، ثم حل محله رائد فهمي، وأسندت رئاسة اللجنة التي أعيد تشكيلها في آب أغسطس 2011 إلى رئيس تحالف الفتح ووزير النقل الأسبق هادي العامري، وما تزال برئاسته حتى الآن.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- حل "ترقيعي".. خطة الداخلية لشراء الأسلحة تُنعش "سوق مريدي" ولن تجمع 2٪
- رئاسة المشهداني.. هل تمهد لعودة الزعامات الكلاسيكية؟
- "ترتيبات" مع الناتو.. هل وجدت بغداد بديلا للتحالف الدولي؟