بعد إعلان نتائج الانتخابات في إقليم كردستان، ومعرفة كل حزب لعدد مقاعده، بدأ يلوح في الأفق صراع داخل عائلة “بارزاني”، وتحديدا بين أولاد العم، رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، ورئيس الحكومة مسرور بارزاني، حيث بات نفوذ كل منهما على المحك، بعد مطالبة الاتحاد الوطني الكردستاني بأحد المنصبين “السياديين”، ما يعني إبعاد أحد “البارزانيين” عن الواجهة السياسية والأمنية.
ويقول مصدر مطلع، إن “عدم تحقيق الحزب الديمقراطي الكردستاني، للأغلبية في نتائج الانتخابات، فإن هناك صراعا جديدا سيحدث بقوة داخل عائلة بارزاني”.
ويضيف المصدر، أن “الديمقراطي الكردستاني رشح مسرور بارزاني لولاية ثانية بمنصب رئيس حكومة إقليم كردستان، بينما يطالب الاتحاد الوطني بمنصب رئاسة إقليم كردستان، ورشح لهذا المنصب قوباد طالباني، فيما يطالب حراك الجيل الجديد بمنصب رئاسة برلمان الإقليم، وهو المنصب الذي كان من حصة الاتحاد الوطني، وفي حال حصل عليه حراك الجيل الجديد، سيفرض على الجميع منح منصب سيادي للاتحاد الوطني، سواء الرئاسة أو رئاسة الحكومة”.
ويتابع أن “رئيس إقليم كردستان يدرك صعوبة الوضع الحالي، وأنه سيخرج من المعادلة، حيث يسيطر مسرور بارزاني على المشهد الأمني والنفطي داخل الإقليم، وهو صاحب الكلمة الأقوى داخل الحزب الديمقراطي، ويمتلك فضائيات ومؤسسات إعلامية وشبكات تتحدث بأكثر من لغة، فضلاً عن امتلاكه الجهاز الأمني الأخطر في الإقليم وهو الباراستن”، مبينا أن “نيجيرفان بارزاني بدأ يدرك بأنه سيخسر في صراع مع ابن عمه وصهره مسرور، ولكن ما يريده هو إصرار الحزب الديمقراطي على الظفر بمنصبي رئاسة الإقليم والحكومة في آن واحد، حتى يبقى في منصبه الحالي لولاية ثانية”.
وكان القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، أكد في تصريح سابق، أن شرطنا هذه المرة بأننا نطلب واحد من منصبين اما رئاسة إقليم كردستان، أو رئاسة الحكومة، وإذا حصلنا على واحد من المنصبين فيمكننا تصحيح المسار وتحسين العلاقة مع بغداد، وحل المشاكل التي يعاني منها المواطن الكردي.
وبحسب النتائج، جاء الحزب الديمقراطي الكردستاني أولا، بحصوله على 39 مقعدا، وبعده الاتحاد الوطني بحصوله على 23 مقعدا، والجيل الجديد بـ15 مقعدا، ثم الاتحاد الإسلامي الكردستاني بـ7 مقاعد، وتيار الموقف بـ4 مقاعد، وجماعة العدل الإسلامي بـ3 مقاعد، وجبهة الشعب بمقعدين، فيما حصل كل من حركة التغيير، وتحالف إقليم كردستان على مقعد واحد لكل منهما، بينما حصلت المكونات من المسيحيين والتركمان على 5 مقاعد.
وهذه النتائج، لم تمكن أي حزب من الحصول على الأغلبية داخل برلمان كردستان والبالغة 51 مقعدا، والتي يتمكن من خلالها من تشكيل الحكومة وتسمية الرئاسات داخل الإقليم.
من جهته، يبين الكاتب والمحلل السياسي ميرزا لطيف، أن “الصراع سيشتد داخل عائلة بارزاني، لأن نتائج الانتخابات لم تكن كما أراد الحزب الديمقراطي”.
ويلفت لطيف، إلى أنه “في حال أصر الاتحاد الوطني على منصب رئاسة إقليم كردستان، فليس أمام الديمقراطي سوى إرضائه، لأنه لن يستطيع تشكيل الحكومة بمفرده”، مضيفا أن “محاولة الإرضاء قد تكلف الديمقراطي الكردستاني خسارة منصب رئاسة الإقليم، وقد يكون الأمر بدفع من مسرور بارزاني، للتخلص من نفوذ ابن عمه نيجيرفان، والبقاء كزعيم متفرد بالسلطة ولا ينافسه أحد في النفوذ”.
ويشير إلى أن “نيجيرفان بارزاني في حالة خسارته منصب رئاسة الإقليم لن يبقى له أي منصب، ومن المستحيل أن يرضى بمنصب وزاري، ومن الممكن اختراع منصب تشريفي له حفاظاً على ماء وجهه، ولكن من المؤكد بأن الصراع سيكون قويا داخل العائلة البارزانية”.
وما تزال القضية القانونية لانتخاب رئيس الإقليم محل جدل، فبين من يرى أن النصف زائد واحد، وهي الأغلبية النسبية كافية لانتخابه داخل قبة برلمان الإقليم، ترى جهات أخرى أنه يشترط الثلثين انتخاب رئيس الجمهورية في البرلمان الاتحادي.
وتأجلت الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان أربع مرات منذ قرابة عامين بسبب الخلافات السياسية إذ كان من المزمع إجراؤها في العام 2022.
من جهة أخرى، ينفى عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام، أن الأنباء “التي تتحدث عن صراع قوي داخل عائلة بارزاني”.
ويؤكد سلام، أن “هذا الصراع موجود فقط عند الأحزاب المنافسة ووسائل إعلامها، وهي تتمنى حصول مثل هكذا صراعات، لكنه حلم العصافير، وهم يعرفون قوة الحزب الديمقراطي ومدى العلاقة الوطيدة بين نيجيرفان بارزاني ومسرور بارزاني”.
ويردف أن “موضوع رئاسة الإقليم محسوم لصالح الحزب الديمقراطي، لأن الاتحاد الوطني يمتلك منصب رئاسة الجمهورية، وهي حصة الكرد التي استحوذ عليها، رغم أن الحزب الديمقراطي صاحب أعلى عدد مقاعد داخل المكون الكردي”، مضيفا أن “الاتحاد إذا شارك في الحكومة فسيحصل على استحقاقه فقط، ولن نقبل أن يأخذ أكثر من هذا الاستحقاق إطلاقا”.
والحزبان الكرديان الحاكمان، يتقاسمان النفوذ في مدن الإقليم، فالديمقراطي يسيطر على محافظتي أربيل ودهوك، فيما يسيطر الاتحاد الوطني على محافظتي السليمانية وحلبجة، كما أن الحزبين يتقاسمان النفوذ في أغلب المناصب الأمنية والاقتصادية، حيث يمتلك الحزب الديمقراطي جهاز آسايش وقوات بيشمركة خاصة به، ومثله الاتحاد الوطني.
يشار إلى أن الاتحاد الوطني، المدعوم من الإطار التنسيقي “الشيعي”، حصل على مناصب مهمة في كركوك ونينوى، بينها منصب محافظ كركوك، فيما يتمتع الحزب الديمقراطي، بالكثير من النفوذ في المناطق المتنارع عليها خارج الإقليم.
إلى ذلك، يبين السياسي الكردي المستقل لطيف الشيخ، أنه “على مدى ما يقرب من عقدين، تم الحفاظ على توازن دقيق في السلطة بين نيجيرفان ومسرور بارزاني، حيث كان نيجيرفان يشغل منصب رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان، بينما كان مسرور يقود وكالة الاستخبارات”.
ويوضح الشيخ، أن “هذا التوازن تغير لصالح مسرور عندما تولى منصب رئيس الوزراء في عام 2018، حيث مكنه هذا المنصب من بسط سيطرته على الحزب والحكومة، مما وسع من نفوذه وزاد من سيطرته، وأصبح الرجل الأقوى داخل الإقليم حاليا، في ظل تقدم والده بالعمر ومرضه”.
ويتابع أن “نيجيرفان بارزاني يمتلك أيضا نفوذا من حيث القوة الأمنية والاقتصادية ولديه مؤسسات إعلامية وجامعات، ولكن قوته الأكبر هي في علاقته الكبيرة مع تركيا، وهذا الأمر قد يزيد الصراع داخل عائلة بارزاني مع اقتراب موعد تشكيل الحكومة، في حال خرج نيجيرفان بلا أي منصب”.
يذكر أن الحزب الديمقراطي، يعتبر القوة الأكبر داخل الإقليم الكردي، وهو الذي يتصدر المشهد الانتخابي باستمرار، وحصل في آخر انتخابات لبرلمان الإقليم، أجريت في أيلول عام 2018، على 45 مقعدا، فيما لم يحصل الاتحاد الوطني على نصف عدد مقاعد البارتي، واكتفى بـ21 مقعدا.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟