يعود ملف التعديل الوزاري إلى الواجهة مجددا، بعد حسم ملف انتخاب رئيس جديد للبرلمان، وهي العقبة التي كانت تحول دون التعديل بحسب رئيس الحكومة، والذي وضعها كشرط أساسي، وفيما يجري الحديث عن مرحلتين للتعديل، تتزايد الضغوط السياسية على الأخير، بسبب "الحماية" التي توفرها الكتل السياسية لوزرائها، ما قد يضعه في "حرج" شديد.
ويقول المتحدث باسم ائتلاف النصر عقيل الرديني، إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، جاد بقضية إجراء تعديل وزاري، خاصة وأنه يمتلك تقييما لعمل وزراء كابينته الحكومية، من قبل لجنة خاصة".
ويضيف الرديني، أن "تحرك السوداني نحو إجراء التعديل الوزاري، ليس فيه أي استهداف سياسي لأي جهة، ونعتقد أن التعديل سوف يشمل ما يقارب خمسة وزراء من جهات مختلفة، وهو مبني على تقييم مهني، وربما تكون هناك وجبة ثانية للتعديل بعد التعديل الأول المرتقب خلال الفترة القليلة المقبلة".
ويتابع أن "السوداني بكل تأكيد سوف يتعرض إلى ضغوط سياسية مختلفة لمنعه من التعديل الوزاري، بهدف الإبقاء على الوزراء، فالحماية السياسية دائما ما تكون متوفرة لأي مسؤول عليه ملفات أو شبهات أو حتى إخفاق في العمل والأداء، ونعتقد أن تلك الضغوط هي من تؤخر إجراء هذا التعديل وسوف تعطله أكثر".
يشار إلى أن ائتلاف إدارة الدولة، عقد الأسبوع الماضي، اجتماعا بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ورئيس البرلمان محمود المشهداني، وفيه جرى مناقشة إجراء التعديل الوزاري.
وكان السوداني، أكد في أيلول الماضي، على أهمية حسم استحقاق رئاسة مجلسِ النواب، من أجل التقدم للمجلس لإقرار التعديل الوزاري المبني على تقييم أداء الوزراء، والذي يهدف الى زيادة الفاعلية الحكومية، بحسب نص كلمة له في حينها.
وبعد ستة أشهر من تشكيل حكومته، أكد السوداني في نيسان 2023 أنه عازم بعد تجربة وزرائه على إجراء تعديل وزاري قريب، وأعلن أنه "حق دستوري" لن يتنازل عنه، ملمحا إلى أنه سيذهب إلى البرلمان لأجل ذلك، وأن الكتل السياسية التي ترفض التغيير ستكون مسؤولة أمام الشعب، وفق قوله.
من جهته، يبين النائب المستقل جواد اليساري، أن "هناك مؤشرات وملاحظات كثيرة على عمل وأداء الكثير من الوزراء، وهذا الأمر دفع بالنواب إلى تقديم طلبات استجواب لبعضهم، ونعتقد هؤلاء الوزراء هم ضمن المشمولين في التعديل المرتقب".
ويتوقع أن "تواجه إجراءات التعديل الوزاري صعوبات، بالرغم من وعود السوداني بالأمر، وخاصة بعد انتخاب رئيس مجلس النواب، فالكتل والأحزاب السياسية تعارض هذا التعديل، كونه سوف يمس مصالحها، ولذا فإنها تريد استمرار الوضع كما هو عليه دون أي تعديل وزاري".
ويلفت إلى أن "السوداني لا يستطيع إجراء أي تعديل وزاري دون وجود اتفاق مسبق بينه وبين الكتل والأحزاب التي تملك الأغلبية في مجلس النواب، فهي من سوف تصوت على هذا التعديل، وهي من سوف ترشح له البدلاء عن الوزراء، ولذا فهناك صعوبة في حسم الملف بالرغم من وعود السوداني التي يكررها منذ أكثر من عام ونصف".
وفي أيار العام الماضي، كشف مصدر مسؤول في مكتب السوداني، أن الأخير "جاد بقضية إجراء تعديل وزاري، وأنه سينفذ بعد إقرار مجلس النواب لقانون الموازنة، فهو حاليا لا يريد أي صِدام سياسي مع الكتل والأحزاب بشأن تغيير الوزراء، ما قد يعرقل تمرير قانون الموازنة، وعلى الرغم من إقرار الموازنة إلا أن التعديل بقي مؤجلا".
يذكر أن أبرز تعديل وزاري شهدته الحكومات العراقية، هو ما أجراه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، منتصف العام 2016، وذلك بعد تظاهرات واقتحام للبرلمان من قبل أتباع التيار الصدري، واعتصام زعيمه مقتدى الصدر بخيمة أمام المنطقة الخضراء في حينها.
من جهته، يبين الباحث في الشأن السياسي مشاجع التميمي، أنه "وفق كل المعطيات والمؤشرات، فإن السوداني لن يستطيع إجراء أي تعديل وزاري، بسبب عدم وجود رغبة سياسية بذلك، خاصة من قبل قوى الإطار التنسيقي، التي ترغب باستمرار الوزراء لعدم التأثير على سمعتها بأن وزراءهم فشلوا في مهامهم".
ويشير إلى أن "السوداني يدرك صعوبة إجراء أي تعديل وزاري في ظل الرفض السياسي، لذلك فهو تحجج سابقا بقضية انتخاب رئيس مجلس النواب، وبعد حسم هذا الملف وقع في حرج كبير بسبب عدم القدرة على التعديل في ظل الاعتراض السياسي وخاصة من قبل قوى الإطار التنسيقي".
ويكمل حديثه بالقول إن "السوداني يريد الحفاظ على الاستقرار السياسي والحكومي، لذا فإنه لا يريد القيام بأي خطوة يمكن أن تفتح أزمات مع الكتل والأحزاب السياسية، حيث سيعمل على محاولة إقناعها بإجراء تعديل وزاري محدود، بالرغم من الرفض والاعتراض المستمر للقوى السياسية".
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- مع اقتراب موعده.. هل تعرقل المادة 140إجراء التعداد السكاني؟
- رئاسة المشهداني.. هل تمهد لعودة الزعامات الكلاسيكية؟