حجم النص
بقلم :هادي جلو مرعي
هذا هو الوصف الطبيعي للعراقيين جميعا ،وبلا إستثناء إذا ماسلمنا بالطريقة التي تدار فيها الأمور في بلادنا ،من قبل سياسيين ومثقفين ورجال دين ،وحتى مع الدعوات للتهدئة ومع الأكاذيب التي نسمعها عبر وسائل الإعلام فإنني أجد في الغالب إن الناس العاديين من الطائفتين هم أيضا متطرفون، وبنسب مختلفة، وهو المسكوت عنه في وصف حال العراقيين الذين يشتمون الطائفية ويلعنونها نهار مساء ،وهم صادقون بالفعل لأن أحدا لايرغب في الدخول الى دائرة شر لاتنقطع خاصة وإن المواجهة فيها لاتعتمد العقل ،بل العاطفة والوجدانيات ،وللأسف فالعراق مقسم طائفيا ومناطقيا حيث تجد إن مدنا بالكامل محكومة لإحدى الطائفتين ،والأخرى للطائفة الثانية ،وحتى مع وجود قلة من إتباع الطائفة الأخرى فإن الحكم والنفوذ والسيطرة للطائفة الغالبة في عددها ،ونقدر كثيرا مانسمعه من عبارات ومشاعر تعبر عن الوحدة والتلاحم وهي عبارات تصدر في الغالب من مثقفين وأناس تربطهم علاقات مصاهرة أو مصالح تجارية أو صداقات أو تتوفر لديهم ثقافة واعية لكن غالب الجمهور منساق حتما لعاطفته ولمعتقداته التي يظن أو يراد له أن يظن بتوجيه من جهات متنفذة إنها الباقية وإنه لابد من التمسك بها لمواجهة خطر محدق ،ومثل هذه العبارات الطيبة التي نسمعها من مواطنين فغننا نسمع عبارات أخرى وهي غالبة كالتي تقول ،هل يستطيع شيعي أن يذهب ويمارس شعائره في قلب الرمادي والفلوجة أو تكريت ؟وهل يتمكن السني من التحرك بحرية كاملة في مناطق شيعية مغلقة ؟
يمكن القول إن هذه الأجواء المحتقنة توفرت من فترة ليست بالقصيرة أعقبت الإحتلال الأمريكي وصعود المد الطائفي لكن هذا لايلغي أن تلك الأجواء هيئ لها في الفترة التي حكم فيها صدام حسين حيث كانت قرى ومدن شيعية تدمر بالكامل وكان الآلاف من الشيعة يعتقلون ويعدمون ويطمرون في مقابر جماعية دون رحمة من قبل نظام صدام وبحجج وذرائع مختلفة، ولم يكن الجمهور السني يظهر التذمر بل في الغالب كانت الدعوات تخرج لوصف مايجري إنه قتل من دول أخرى كما في حلبجة حين كانت طائرات الهليكوبتر تلقي الموت بالسلاح الكيمياوي والآلة الدعائية تصرخ، إنها إيران تقتل .فالشيعة شعروا بمظلومية حين ساقهم نظام صدام حسين ليسحقوا في الحرب مع إيران وساقهم ليستسلموا الى سياساته وقمعه لمظاهر تدينهم ..الفرق إن النظام كان دكتاتوريا ،ولم يكن الشيعة يمتلكون قوة النفوذ ليطالبوا بحقوقهم في الحكم والثروة كما يفعل السنة الآن من خلال تظاهراتهم التي في غالبها تحمل صفة الشرعية وتستحق الدراسة بعناية.
وصف الشيعة بالعملاء لإيران ،والذين ينتمون لأحزاب شيعية بذات الوصف سواء كانوا في الحكم أو في المعارضة يعد تصرفا خطيرا يتكرر برغم تبريره بأنه موجه للطبقة الحاكمة الموصوفة بتلك العمالة،ويقابل ذلك توصيف مماثل يتهم السنة بالعمالة لتركيا ولقطر والسعودية وللحركات الدينية الصاعدة كالوهابية بالتمويل من تلك الدول وأيضا بالتخطيط لقلب الطاولة على الشيعة أو لتقسيم البلاد.
سمعت من سنة كثر إن هناك مؤامرة لتقسيم العراق تقودها إيران ،سمعت من شيعة كثر ،إن هناك مؤامرة لتقسيم العراق تقودها تركيا والسعودية وقطر ،سمعت من عراقيين كثر إنهم ضد الطائفية ،لكن كيف للعراقيين أن يتحركوا لينقذوا بلدهم لا بالتصريحات والشعارات الكاذبة بل بالمكاشفة ؟
أقرأ ايضاً
- متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟
- العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية
- هل يدير العراقيون ظهورهم لمجالس المحافظات؟