- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العراقيون مابين خطاب صالح و حصار كورونا ...!!!
تركي حمود
العراقيون بطبيعتهم وكأن شيئا توارثوه لايحلمون بالكثير بل بالمعيشة البسيطة الخالية من المنغصات ، بعيدا عن ويلات الحروب التي ملوا سماع اخبارها ، كونهم من اكثر شعوب العالم ذاقوا مرارة فقدان آبائهم واخوانهم فيها وماعادت المقابر تكفي لدفن اجساد احبتهم جراء الحروب المتعاقبة سواء الاجبارية ام التي بالوكالة حتى بات اللون الاسود و " الخاكي " هما المفضلين لديهم في احزانهم وافراحهم ، واليوم وبعد تفشي وباء كورونا ومع اشتداد وتزايد حالات الاصابة بالعراق والتي أخذت تتصاعد ارقامها بشكل ملفت ، كنا نتأمل ان تقوم الحكومة بأجراءات تضمن معيشة شعبها الذي طالما قدم التضحيات لوطنه في كل الازمنة ودافع دفاع الابطال المستميتين عن ارضه رغم مايعانيه من الفقر والعوز ونقص في الخدمات واولها الصحية وبشهادة الجميع ، ورغم المطالبات المتكررة من قبل المواطنين بعد فرض حظر التجوال بتوفير متطلبات المعيشة لكنها لم تستمع لكافة الدعوات التي وجهت اليها من اجل توزيع حصص اضافية ضمن البطاقة التموينية مع زيادة مفرداتها في الوقت الراهن لضمان بقائهم في المنازل بل صمت آذانها وكأن الموضوع ليس من شأنها وتركت المواطن يحتار بنفسه وعائلته حتى بات العراقي الفقير اليوم يحارب كورونا وبطنه خاوية ...!!!
وفي ظل الحصار الاجباري الذي فرضه فيروس كورونا على الجميع ، خرج الينا رئيس الجمهورية برهم صالح ، بخطاب دعا فيه الى تعاون الجميع واطلاق المبادرات الاجتماعية ، مما أثار استغراب اغلبية ابناء الشعب، حيث قال بالحرف الواحد " يجبُ أن نتكاتفَ جميعاً لتوفيرِ الموادِّ الغذائيةِ والصحية لمن يحتاجُها من أبناءِ شعبنا، وأن يكونَ لوسائلِ الإعلامِ دورٌ رياديٌ في الحثِّ على المبادراتِ الإنسانية مثلَ الدعوةِ الى تخفيضِ إيجاراتِ المنازل مؤقتاً و تأجيل استحصال القروض من قبل المصارف وتوفيرِ الاحتياجاتِ الضروريةِ للأسرِ المتعففةِ ولذوي الدخْلِ المحدود وأنْ لا ننسى أهلَنا في مخيماتِ النزوحِ وما يُعانونَه من مصاعبَ، وأن يتمَّ السعيُ الى إنهاءِ مأساتِهم وحمايتِهم وتوفيرِ احتياجاتِهم، وتسهيلِ عودتِهم الى مناطقِهم ان شاء الله " ، ومثار استغرابنا اننا كنا نتأمل ان يرسل سيادة الرئيس رسائل اطمئنان مفادها ان دولتنا ستوفر لنا كافة احتياجاتنا من مأكل ومشرب وتعقيم مدننا وشوارعنا بل وحتى منازلنا المليئة بمختلف انواع الفيروسات بسبب انعدام الخدمات ، لكنه وكعادته خاطبنا وهو بكامل قيافته ودعانا الى أن نتكاتف ونطلق المبادرات ، والى هنا حمدنا الله وشكرناه ، لاننا نعرف معدن العراقيين الاصيل وكيف يتسابقون رغم كل الويلات والمحن الملاصقة لهم لتوفير سلات غذائية للعوائل الفقيرة والمحتاجة والتي توقفت اعمالها بسبب حظر التجوال والتزام البيوت فضلا عن مبادرة اغلب مالكي المحال التجارية بعدم المطالبة ببدلات الايجار ، ولكن الذي لم يخطر ببالنا ان يدعو رئيسنا وسائل الاعلام من اجل ان تبادر بالحث على المبادرات الانسانية ومنها تأجيل استحصال القروض من قبل المصارف والتي غالبيتها تعود للحكومة ومنها مصرفي الرافدين والرشيد اما المحال التجارية فأغلبها تعود ملكيتها للدوائر البلدية في بغداد والمحافظات او لوزارات الدولة ومؤسساتها وكان الاجدر ان يصدر قرار حكومي بايقاف دفع بدلات ايجار تلك الاملاك والايعاز للمصارف بعدم استيفاء القروض فضلا عن اطفاء مبالغ الماء والكهرباء وكذلك الضرائب بدل من الدعوة لتلك المبادرات التي ليس للمواطن فيها ناقة ولاجمل ...؟؟؟
كنا نتوقع ان تبادر حكومتنا برؤسائها الثلاث بتوجيه دعوة الى جامعة الدول العربية لعقد قمة طارئة وعبر الفيديو اسوة بقمة قادة مجموعة دول العشرين من أجل توحيد جهود الدول العربية لمحاربة وباء كورونا ومساعدة بعضها البعض ولكن الظاهر ان جامعة الدول العربية قد أصيبت هي الاخرى بكورونا وبدليل ان غالبية الدول العربية اغلقت ابوابها بوجه اخوانها واخذ الكل يفكر في كيفية الخلاص من هذا الفيروس وبأمكاناته الصحية المتاحة ، اما نحن في العراق فأن فيروس كورونا بات لايعير اهتمام لقرارات خلية الازمة وأخذ يتمدد ليصبح " كرندايزر العصر " ولاندري هل كان يعلم مسبقا ان العراق لايمتلك سياسة التعاطي معه بسبب كثرة انشغال قادته بمصالحهم الضيقة والتي تزايدت مع تكليف رئيس الجمهورية للسيد عدنان الزرفي لمهمة رئيس الوزراء ومايجري الان خلف الكواليس من حراك محموم لاقصائه قبل اعلانه لوزارته وتحت حجج وذرائع شتى ، تاركي الفقراء من ابناء جلدتهم يعيشون مرارة الحصار ببن جدران المنازل ودموع أطفالهم الجياع ...!!!