حجم النص
بقلم:عباس الصباغ
لايجانب الصواب من يقول ان العراق بإمكاناته الذاتية فقط غير قادر لوحده على مجابهة مخاطر غول المخدرات ، وانما يحتاج الى تضافر جميع الجهود الاقليمية عبر جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية فضلا عن الدولية وذلك من خلال التعاون مع الانتربول (الشرطة الدولية) ، فقد شكّل هذا الغول تحديا جديدا مزعجا ناهيك عن جملة التحديات الامنية ـ الاجتماعية التي تواجهها الحكومة وهي كثيرة ، فهو يأتي بالدرجة الثانية بعد الارهاب خاصة الشباب الذين يشكّلون نسبة عالية من تعداده كون المجتمع العراقي يوصف بانه مجتمع فتي لوجود اكثر 60 % منهم وهنا تكمن الكارثة العظمى ، فهم من اكثر الفئات المعرضة لتعاطي المخدرات ممن تتراوح اعمارهم ما بين 18-35 عاما ولكلا الجنسين ،وهنالك اسباب عديدة تجعل الشباب يتوجهون لتعاطي المخدرات منها الفراغ النفسي القاتل ورفاق السوء وضعف التربية المنزلية اضافة الى البطالة ، لذا يجب تحصين الشباب اجتماعيا وتربويا وامنيا ودينيا من هذه الافة بتوعيتهم عبر جميع وسائل الاعلام والسوشيل ميديا اضافة الى دور رجال الدين ومنظمات المجتمع المدني ناهيك عن متابعة اسرهم واولياء امورهم وصلحاء المجتمع وعقلائهم فضلا عن العشائر . وانا شخصيا لا استبعد نظرية المؤامرة عن استهداف زهرة شباب المجتمع العراقي لآنه بتحلل وتوهين الشباب سيسهل تمرير جميع الاجندة الهادفة الى زرع الانحلال والمثلية وثقافة الجندر والجريمة المنظمة وسوء الخلق ، وكل ذلك يؤدي الى تحطيم البنية التحتية الاخلاقية للمجتمع العراقي انطلاقا من الشباب وهنالك اسباب اخرى اذ تعتبر الحروب والصراعات السياسية المستفحلة في العراق منذ عقود وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي من العوامل الرئيسة التي ساهمت في تفاقم تجارة المخدرات اضافة الى انتشار الفقر والبطالة وانعدام الأمان والاستقرار والارهاب ما يجعل المجتمع ملاذاً آمناً لتجار المخدرات الذين يستغلون هذه الظروف الصعبة لترويج بضاعتهم بكل حرية، بعد ان تحول العراق ـ في الماضي القريب ـ من معبر للمخدرات إلى مستهلك لها خاصة بعد التغيير النيساني اذ تنتشر المخدرات وتباع وتوزع في المناطق الفقيرة والمحرومة والعشوائيات في بغداد والمحافظات والتي تعاني نسب بطالة ومحرومية عالية، حيث تصل نسبة التعاطي بين الشباب في المناطق الأكثر فقرا إلى 70%، والمؤسف له ان هؤلاء هم خلاصة شباب العراق وزبدة قواه العاملة وعماد مستقبله . قانون المخدرات السابق لسنة 1965 كان متشددا حيث يعاقب بالسجن 15 عاما لمن يتعاطى المخدرات، أما القانون الحالي الذي شرع عام 2017 فالعقوبة فيه هي الحبس من سنة إلى سنتين، وغرامة مالية تصل إلى 10 ملايين دينار فقط، وهي عقوبة غير رادعة وهزيلة ، بعد ان كان القانون الجنائي العراقي يفرض عقوبة الاعدام على المتورطين بترويج المخدرات لكن القانون الجديد يفرض بمقتضاه "علاج" المتعاطين في مراكز التأهيل، أو الحكم بسجنهم لفترات بسيطة وهي عقوبات بسيطة جدا قياسا الى الواقع المعاش والذي يشهد يوميا الإطاحة بالكثير من العصابات التي تتاجر وتروج لأطنان من المخدرات فضلا عن ضبط مصانع لإنتاج سموم الكبتاغون وترويجها بين الشباب والمراهقين، فالعقوبة او الغرامة البسيطة لاتتناسب مع فداحة الجرم الذي يفتك بالشباب وامن المجتمع ويسبب باستشهاد الكثير من رجال الامن الشجعان المتصدين لتلك العصابات. لذا دعت الحكومة إلى "تشكيل تحالف عالميٍّ يتجاوز المحلية (تدويل القضية ) من خلال ضبط الحدود الوطنية وتجفيف منابع ترويج وتسويق المخدرات فضلا عن تفعيل حملات توعية كبيرة في المجتمع خاصة بين الشباب والمراهقين وصغار السن وتفعيل الضوابط القانونية تجاه من يسيء لأمن واخلاق المجتمع بصرامة ، مع توفير المصحات النفسية الخاصة بالإدمان الذي يحتاج الى جهد عالمي واقليمي يساند المحلي (كما يفترض) في الحدّ منه لان خطر هذه السموم مشترك ولايخص احدا.
أقرأ ايضاً
- القصف الذي أراح بايدن
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- الأخطاء الطبية.. جرائم صامتة تفتك بالفقراء