- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قوانين أبى الإنسان حملها فحملتها الرفوف
بقلم:حسن كاظم الفتال
تمهيد
ـــــــــ
مما هو معروف ومألوف إن حياتنا اليومية مزدحمة بل مفعمة بالمفارقات والتغايرات والتناقضات والتوافقات وهذا ما تختص به كل مجالات الحياة ومسيراتها وأنماطها . وهي خاضعة لتشريع السنن والقوانين التي تحدد النظم وتضمن سلامة هذه المسيرة .
منذ أن وجد الإنسان على وجه الأرض وجدت معه القوانين وهي التي تنظم عيشه وتستلزم احترامها والإنسياق لقواعدها إذ هي محصنة بثوابت ومتسمةٌ بأفضل التحديدات والتعليمات وأدقها وترسم المسارات الآمنة لتضمن لمن ينصاع لها السلامة حين يسلك تلك المسارات بكل إقرار وقناعة واطمئنان إذ هي أمست تلامس كل جوانب الحياة .
وهي منها ما هو شرعي شرعته السماء ومنها ما هو وضعي يتم تشريعها من قبل هيئات تشريعية أو جهات مختصة تصدرها بشكل رسمي تتكفل تنظيم حياة المجتمع وتجعله ينتخب كل ما هو أفضل مما يتوافق مع سلامة العقل الجمعي وهي أي القوانين لعلها مفاتح لمغالق التطور ووسيلة أو سبيل من سبل تقدم المجتمعات وتحضرها إذ أنها تشكل منظومة قيمية أخلاقية للمجتمع حين يذعن لمعاييرها وضوابطها وتطبيقاتها بأكمل وجه .
بل هي بمثابة موازين تحدد كل الموازنات وتوصي باعتماد صيغ العدالة والتوازن وضمان المساواة وبسط الأمن . وقد قال جل وعلا ( والسماء رفعها ووضع الميزان ) أي وضع الأشياء في محلها .ولا إفراط ولا تفريط في جانب دون آخر. ولعلها إشارة أو حثٌ لأن يأخذ مبدأ العدالة دوره الكبير والمؤثر في التعاطي مع مجريات الحياة بكل مستوياتها ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾ ـ النحل/ 90 ويرى المختصون بالشأن المجتمعي إن إقامة العدل وشيوعه وتعميمه لينعم به المجتمع كل ذلك يتحقق بالتفاعل الحقيقي مع مبادئ القوانين وبنودها وجزئياتها وما ذلك إلا سبيل من سبل التحضر وإظهار السمة الحضارية للمجتمع.
بسلامة الأنظمة تحيا الأمم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلما كانت الأمة متمسكة بالنُظم والقوانين أثبتت أنها متجهة نحو الحضارة الإنسانية ضامنةً العيش الرغيد والاستقرار والأمان .
إذ أن القوانين يستند تشريعها على أسس علمية بحكمية وعقلائية ومهنية دقيقة لتنظم الروابط الإجتماعية وتعمق العلاقات الإنسانية على مستوى الأفراد والجماعات وحتى على مستوى البلدان مما يستدعي تطبيقها بدقة متناهية غير خاضعة للمزاجية أو للآراء الشخصية إذ يحق للمشرع أن يسلب الحرية في الإنتقاء بالمزاجية في التطبيق .
حيث أن المشرعين للقوانين يحرصون غاية الحرص على فرض سيادتها وشيوع قدسيتها وضرورة سريانها لتكون سارية المفعول شمولية السريان دون استثناء أي لا تعنى بجهة أو جماعة أو طبقة أو فئة دون أخرى مما يقتضي الإلتزام بها واحترام قدسية ضوابطها وتشريعاتها وما تتضمن من نصوص وأسس .
فهي ما وجدت إلا لحماية الإنسان وحفظ كرامته وسلامته وضمان حقوقه وهذا ما يخول المشرع لأن يحاسب أو يعاقب كل من يخالف النصوص القانونية أفرادا وشعوبا وحكومات ويحرم إنتهاكه ويجرم منتهكيه .
بالمناسبة وللتذكير ينبغي أن لا ننسى أن الكثير من القوانين التي شرعت سواء في مجتمعات صغيرة أو كبيرة أو حتى لدى بعض الدول فقط كتبت ووضعت على رفوف عالية لا تمسها الأيدي ولا الأبصار وصارت لا تؤدي أي غرض أو فاعلية بل لعلها منحت صلاحية لمن لا يروق له تطبيق ما يلزم تطبيقه من القواعد الصحيحة والمفيدة النافعة.
مزاجية التعالي على القانون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بما أن الدنيا مليئة بالمترادفات فهي كذلك مليئة بالمتضادات والنقائض والتعاكسات فحيث يوجد الخير يقابله الشر وحيث يوجد الصلاح تناهضه عناصر الفساد وأين ما يحل التوافق والتعاضد والتطابق لابد أن تجد الخلاف والتناقض والتعاكس ولاشك أن لكل قاعدة استثناءات .
وهذا ما يظهره الواقع عندما يدعو الخيرون بكل صدق وإخلاص لأن تنمو عناصر الخير والحب والتوادد والصلاح والفلاح والرشاد ويروجون لها لتشيع وتنتشر
ولا عجب أن نلاحظ أحيانا وجود اعتراضات على القوانين شرعية كانت أم وضعية بل يتعدى ذلك إلى إعلان المخالفات الشديدة والاصرار على عدم التطبيق ومثلما ثمة مناصرون للخير والصلاح فهنالك مناهضون فمؤيدون ومخالفون وهي أشبه بسنة صارت متبعة في الحياة اليومية.
لذا يبرز من يتعمد إثارة الجدل إذ يفتعل أو يتصنع في انصياعه لجزء يسير من القوانين التي تتوافق مع مزاجيته أو مصالحه أو تأملاته ومتبنياته فيمنح نفسه صلاحية وأحقية الرفض والقبول والرضا في الاختيار فيختار ما يناسب رغباته ويرفض ما لا يروق له معلنا التعالي على القانون أو مطالبا بتغيير بعض نصوصه أو بنوده .
وهذا التعاطي السلبي مع التشريعات سواء كان تعمدا أو تجاهلا فهو إصرار وتعمد على المخالفة للتطبيق وربما يؤدي إلى إنعدام الاستقرار .
ولابد أن هنالك مؤديات أو أسبابا تدعو أفرادا معينين لمخالفة القوانين أو الإعتراض عليها. وإن ما يزيد الأمر تعقيدا أن يُلاحظ غالبا ما تتزايد نسبة الإعتراض أو المخالفة لدى بعض الأشخاص ممن يتيسر له ان يتولى اي أمر معين لإدارة شؤون الناس كأن يتكلف مسؤولية قيادة شريحة معينة أو يتسنم منصبا معينا فيخيل له أن عليه ليس أن لا يطبق بعض القوانين فحسب بل هو الذي يشرع قوانين حديثة كحداثة سنه وعمره الإداري حتى حين تكون مخالفة تماما للواقع وللضوابط والمعايير والحكمية والعقلانية .إذ يتوجس من أن يلحق بعضها به ضررا بسبب دقتها ودعوتها للعدالة والإنصاف
وقد ابتليت بعض المجتمعات بهكذا أصناف وعناصر وهكذا إشكاليات
ولا شك أن هذا الأمر يشكل خطرا على القوانين برمتها بتشريعاتها وتطبيقاتها ويحدث اضطرابا في النُظُم والواقع المعيش . مما يوجب أن يضعه المشرع بالحسبان فهي ظاهرة يجب إخضاعها للدراسة والتحليل وإيجاد معالجات لما يمكن معالجته
ومن البديهي أن عملية التنفيذ أو التطبيق تتطلب أحيانا وجود عناصر أو عوامل كوسائط تساعد على ذلك يتم من خلالها العمل بها وتطبيقها بالشكل الصحيح وبأفضل وجه لضمان الاستقرار المجتمعي
أقرأ ايضاً
- الفراغ التشريعي بشأن قوانين تملك العرب والأجانب للأموال المنقولة في العراق
- كربلاء دولة الإنسانية والحسين عاصمتها
- مجزرة المعمداني.. مصداقية النظام العالمي في حماية الأمن الإنساني على المحك