بقلم:عباس الصباغ
من معالم تمدّن او تحضّر اي شعب من الشعوب التزامه الطوعي بقوانين وضوابط المرور لأنها السبيل الوحيد للحفاظ على حياة الناس وكراماتهم وللحدّ من الخسائر الفادحة في الارواح والممتلكات وللإظهار بمظهر لائق ومتحضر امام بقية الشعوب ، ولكن المشهد المروري في العراق مازال مشوّشا ، فالكثير من طرقه توصف بانها طرق الموت لما تسبّبه من حوادث مؤسفة يوميا دون ان تتخذ الجهات المعنية معالجات ميدانية وعملية لذلك ، اضافة الى تدنى الوعي المروري وضعف الالتزام بقواعد المرور لأغلب المواطنين ، وتخلخل البنى التحتية المرورية وقدمها فالكثير منها يحتاج الى تحديث وتطوير فضلا عن انشاء جسور العبور للمواطنين حفاظا على سلامتهم ، ناهيك عن استهتار البعض بسلامة الاخرين بعدم الالتزام بضوابط المرور فهم يضربون بها عرض الحائط مستندين الى اسلوب القوة او المحسوبيات او الرشاوى للتخلص من العقوبات الانضباطية التي يفرضها عناصر المرور ، واجمالا تتنوع اسباب الحوادث المرورية فمنها ما يتعلق بالشوارع نفسها واكثر لايصلح للاستخدام البشري كالطرق غير المعبدة وغير المؤثثة بصورة مثلى فضلا عن ضعف متانة المركبات وتهور السائقين فتنحصر اسباب الحوادث المرورية في هذا الثالوث المؤسف (السائق , المركبة ، الطريق ) علما ان ملايين السيارات دخلت العراق دون أية توسعة في شبكة الطرق والجسور وقد فاقمت تلك الملايين حوادث المرور المؤسفة . يقول المختصون تنحصر الحوادث المرورية بأربعة انواع، وهي الدهس والاصطدام والانقلاب والحوادث المركبة لذا يقع العبء الاكبر على السائق بعدم التزامه بالتعليمات المرورية، اضافة الى السرعة الشديدة والمفرطة والسياقة بتهور ورعونة ناهيك عن الاستدارة بدون اعطاء اشارة التنبيه والسير عكس الاتجاه , فالتصاعد المخيف في الحوادث المرورية التي بلغت أرقاماً عالية جاء لأسباب عديدة منها عدم تأهيل الطرق وتعبيدها، وكثرة المطبّات الاصطناعية والحفر، وتهور معظم الشباب أثناء القيادة والسرعة الفائقة ، وفقدان التركيز أثناء القيادة . وقد كشف المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق عن أن ( 10 أشخاص ) يموتون يوميًا جراء الحوادث المرورية، ويحتل العراق المركز (السابع) عالميًا في عدد حوادث الطرق، كون أغلب المركبات التي أدخلت إلى العراق لا تتوافر فيها مواصفات السلامة والأمان العالمية، مع غياب شبه تام لأجهزة المرور في متابعة ورصد شروط السلامة والأمان في هذه المركبات ناهيك عن عدم وجود قانون يحاسب المتجاوزين خاصة صغار السن والذين يقودون العجلات غير النظامية كالتكاتك والستوتات والدراجات الهوائية والبخارية، وينطبق الامر على بعض الكبار البالغين ايضا في وجوب تنفيذ قواعد المرور حفاظا على سلامتهم وسلامة الاخرين وتجنب الطرق والشوارع غير المهيأة للسير فيها واختيار البديل الامن إن وجد . الكرة اذن في ملعب الجهات المختصة لذا يجب ان يتحلى جميع المواطنين بالثقافة المرورية للحدّ من تكرار الفواجع التي تحدث على متون الطرق سواء بالاصطدامات المؤسفة او بالدهس المفجع كما حدث لفاجعة الهارثة المؤلمة ـ التي اجتمع فيها جميع الاسباب المؤدية للكوارث المرورية ـ و التي راح ضحيتها العديد من فلذات اكبادنا ضحية التهور والاهمال وعدم الالتزام بضوابط المرور وضحية القصور في البنية التحتية مع ضمور واضح واستهتار جلي في الثقافة المرورية ، لذا وعلى الاقل يكون واجبا على الحكومة ان تهيئ المجسرات ـ كحد ادنى ـ التي تقي المواطنين حوادث الطرق خاصة الاطفال وكبار السن وذوي الهمم في الاماكن التي تستدعي عبورهم عسى ان تكون ضمن الفعاليات الخدمية لحكومة الخدمات كما وصفت نفسها .