حجم النص
بقلم: نزار حيدر لم يعُد يختلف اثنان في هذا العالم على حقيقة انّ نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية هو مصدر الارهاب (الرسمي وغير الرسمي) الاول وربما الاخير في هذا العالم. فبعد عدوانهِ العبثي الهمجي الجائر والارعن على اليمن، وما رافقه من عمليات قتل جماعية وتدمير واسع للبنى التحتيّة للبلاد، اتّضح للجميع، دولاً وشعوباً ومؤسسات عالمية، ان هذا النظام يرتكب يومياً الكثير من المجازر المرعبة في العديد من دول العالم، يرقى الكثير منها الى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية حسب التوصيفات العالمية المنصوص عليها في اللوائح والتشريعات والقوانين الدولية، إنْ بشكل مباشر، كما هو الحال بالنسبة للبحرين واليمن، او بشكل غير مباشر من خلال دعمه اللامحدود والشّامل واحتضانه للجماعات الإرهابية بمختلف أسمائها ومسمّياتها، كما هو الحال في العراق وسوريا وليبيا مثلاً. حتى الرئيس اوباما لمح الى ذلك قبل عدة ايام عندما اتّهم (دولاً خليجية) بدورها في تأجيج الحرب الأهلية الحاليّة في ليبيا. انّما الاختلاف في طريقة التعامل مع هذه الحقيقة، فبينما تعتقد جهات عدّة بضرورة تحريك ملفات التجريم والادانة لهذا النظام في المحافل الدولية ذات العلاقة، يذهب آخرون الى عدم وجود (مصلحة) في مثل هذه الخطوة! وكلٌّ يعتمد مصالحه الآنيّة والاستراتيجيّة بهذا الصدد. اما ضحايا هذا النظام، فانّهم متّفقون، بلا شك، على مثل هذا المشروع فيما لو اتيحت لهم الفرصة لإنجازه. وشخصياً، اعتقد ان الفرصة التاريخية مؤاتية الان بشكلٍ كبير لإنجاز هذا المشروع، وذلك لعدة اسباب، منها على سبيل المقال لا الحصر؛ اولاً؛ ان تجريمه في المحافل الدولية يقدّم خدمة عظيمة للانسانية التي ابتُليت به كنظام دموي يعتمد الجريمة بكلّ اشكالها كاداة وحيدة في تنفيذ أجنداته السياسية. انّ تجريمه دولياً يساهم في تجريم منهجية العدوان في المنطقة تحديداً، فإلى متى تظل شعوبنا ضحية سياسات عدوانية وحروب عبثيّة؟!. ثانياً؛ ان مثل هذا المشروع لم يعُد ذات طابع (طائفي) كما كان يُفهم منه فيما سبق، عندما كان العراقيون ينوون تحريك مثل هذا الملف في المحاكم والمحافل الدولية، فبعد ان تورّط هذا النظام القبلي بجرائم شتّى ضِدّ العديد من الشعوب، فانه بدأ ياخذ بعدهُ العالمي بشكل واضح. ثالثاً؛ لا ينبغي التلكّؤ بتبنّي مثل هذا المشروع، من قبل الضحايا إبتداءً، بحجة عدم جدوائيّته، مثلاً، او انّ (المجرمين) انفسهم هم الذين يسيطرون على المؤسسات القضائية الدولية فكيف سيسمحون بإنجازه؟ او ما الى ذلك من الكلام الذي يثبّط العزائم ولا يُساهم في إنجاز المشروع! نعم، كلّنا نعرف هذه الحقائق وأمثالها، الا انّها تبقى ليست مبرراً كافياً ابداً للتكاسل عن المشروع. لقد اثبتت التجربة انّ مثل هذه المشاريع قابلة للتنفيذ في يوم ما اذا كنّا مستعدّين وجاهزين لتحريكها في الوقت المناسب، عندما تحين الفرصة (الدوليّة) التي تخلقها التطورات السياسيّة في أيّة لحظة ولأيّ سبب، فعندما كانت عدة أطراف حقوقية في المعارضة الحقوقية، مثلاً، تعمل على تجميع الأدلّة والبراهين لادانة نظام الطاغية الذليل صدام حسين، يوم ان كان العام ودول المنطقة كلها مصطفّة معه وتدعم جرائمهُ وتشجّعه على ارتكاب المزيد منها، كان كثيرون يستهزئون بمثل هذه الجهود الحقوقيّة الجبّارة، الا انّ الله تعالى شاء ان يتورّط الطاغية مع المجتمع الدولي يوم ان ارتكب جريمته البشعة باحتلال دولة الكويت الشقيقة، عندها كانت الملفّات جاهزة لتنتهي به الى حبل المشنقة. ولن يشذّ مصير نظام القبيلة عن مثل هذه النهاية باذن الله تعالى، فلقد بدأت تتجمع غيوم (الظّروف الدوليّة) لتنفيذ مثل هذا المشروع، وان كانت ببطء شديدٍ ربما، الا انّ لحظة الحقيقة ستصل بلا شك شيئاً فشيئاً، عندها سنكون جاهزين لتقديم الملف. هذا من جانب، ومن جانب آخر، فانّ توثيق الجرائم يُعتبر، بحدِّ ذاته، مشروع مهم جداً، من اجل ان لا تنساها الأجيال القادمة، ومن اجل ان لا يتهرب منها المجرم او ينكرها كذلك، لقد انفقت أوربا الكثير جداً من الوقت والجهد لتوثيق جرائم النازية، كما ان اليهود بذلوا الكثير من اجل احياء هذه الجرائم في الذاكرة، لتكريس مفهوم؛ (Never again). رابعاً؛ انّ اتّساع جرائم نظام القبيلة لتشمل اكثر من شعب في المنطقة تحديداً، وفي العالم بشكل عام، يساعد اكثر فاكثر على تنفيذ مثل هذا المشروع الجنائي، ولذلك فانا اقترح هنا ان يشكل الضحايا لجنة دولية عليا لمتابعة المشروع انطلاقا من تنظيم الملف الخاص به، ومن الممكن ان تتشكل مثل هذه اللجنة حاليا من ممثلين عن أسر الضحايا في كل من: العراق ومصر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا ولبنان وأسر ضحايا اعتداء (التاسع من أيلول في نيويورك) والّتي اتهمت، في إفاداتها القانونيّة غير المنشورة، نظام القبيلة كسبب مباشر للجريمة البشعة التي شهدتها نيويورك في ذلك اليوم. كما ينبغي ان تشترك في هذا المشروع أسر الضحايا من دول الخليج نفسها، وعلى رأسها الجزيرة العربية، كأُسر السجناء المنسيّين وأسرة الشيخ المجاهد اية الله نمر باقر النمر، فهذه الشعوب هي الاخرى ضحية دائمة لجرائم هذا النظام الهمجي. فضلاً عن أسر ضحايا الحجاج الإيرانيين الذي قتلهم نظام القبيلة في مكة المكرمة في ثمانينيّات القرن الماضي وعددهم اكثر من (٤٠٠) حاج. ينبغي ان تدرج في تفاصيل هذا الملف الجنائي كل الجرائم التي ارتكبها نظام القبيلة الفاسد، بتوثيق شديد ودقيق في آن، فلا نغفل بهذا الصد، مثلاً، جريمته النكراء في كربلاء المقدسة عام ١٨٠٢ والتي راح ضحيتها اكثر من (٥) آلاف من النساء والأطفال، بالاضافة الى سرقته للكثير من النفائس والمقتنيات الثمينة التي كانت في خزائن العتبة الحسينية المقدسة وقتها. لا ينبغي ان يمرّ عدوان نظام القبيلة على اليمن مرور الكرام، اذ ينبغي العمل على تهيئة الملف الجنائي ضده بأسرع وقت، فهي فرصة مهمة جداً للقصاص من هذا النظام المجرم لكلّ قطرة دمٍ أُريقت ظلماً وعدواناً بسبب سياساته الهمجيّة والبربريّة القائمة على الغزو والإغارة والقتل والتدمير. E-mail: nhaidar@hotmail. com
أقرأ ايضاً
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- جريمة عقوق الوالدين "قول كريم بسيف التجريم"
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب