
في كل عام يحزم الاف المؤمنين امتعتهم ليسافروا من محافظاتهم ويحطوا رحالهم في كربلاء الطف الشهادة، متحملين عناء السفر والجهد والاحياء والعودة الى محافظاتهم في التوقيتات الشرعية التي تضمن لهم استمرارهم باداء فريضة الصيام، ومنهم من جاء متطوعا ليخدم الزوار ويسهل انسيابية الحركة، وآخرون جاؤوا مصطحبين اطفالهم الصغار ونسائهم لاحياء تلك الليلة في امكنة اختارها الله لتدفن فيها اجساد اهل البيت الطاهرة.
عائلة من ذي قار
ويقول "فراس خضير محمـد" من قضاء سوق الشيوخ في محافظة ذي قار لوكالة نون الخبرية انني" اسير على سيرة علمائنا ومراجعنا في محبة اهل البيت، وقد التقيت بأحد العلماء في ليلة استشهاد أمير المؤمنين "علي بن ابي طالب" عليه السلام في مدينة النجف الاشرف، واخبرته ان حياتي متعلقة بالحسين وحضور مجالسه وزياراته المخصوصة ، فسألني هل عندك اولاد فأجبته نعم انهم صغار، فاخبرني بأن اصحبهم معي في كل زيارة للحسين (عليه السلام)، او مجالس العزاء، ومنذ كان عمر ولدي الاول "محمـد الجواد" ستة اشهر اجلبه معي لجميع مجالس الحسين، والحقت به ولدي الصغير "حسن"، واليوم جئت من محافظة ذي قار الى كربلاء المقدسة انا وزوجتي واولادي الصغار لنحيي ليلة القدر الثالثة في حرم ابي عبد الله الحسين وابي الفضل العباس (عليهم السلام)، وبالأمس حصل معي شيء غريب حيث دأبت منذ سنوات على زيارة الحسين في كل ليلة جمعة وحضور ليالي القدر هنا، وبعد ان عدت من النجف الاشرف في يوم الحادي والعشرون من رمضان لحضوري ليلة استشهاد أمير المؤمنين، وسوست لي نفسي ان لا اذهب الى كربلاء لاحياء ليلة القدر لانني متعب من السفر، لكني بعد دقائق بكيت بحرقة وشعرت بالتقصير لاني خالفت ما تريده عقيدتي ونيتي، وقد يكون الامر غريبا لكني مختص بالبكاء والصراخ والعويل على مصيبة الحسين (عليه السلام) بصوت عالي، ورأيت امور كثيرة من البركات ومنها ان بيتنا مشهور في المنطقة بالبكاء والعويل بصوت عالي على مصيبة الحسين ونتعرض للانتقاد من هذا الامر، وشعرت بالحسرة وضاق صدري من هذا الانتقاد، ولكني رأيت في المنام ان الامام ارسل الي شخصا وطلب حضوري وبلغني بأن ابقى على بكائي وعويلي وصراخي على مصيبة الحسين ولا التفت الى احد، وهنا في كربلاء المقدسة لا نعرف للتعب والسهر والارهاق سبيلا، بل نشعر بالطاقة ونحن نرى جموع الناس تتعبد وتقرأ الادعية والقرآن وتصلي، وتأثر بي الكثير من عائلتي وامي واخوتي واصدقائي واهل منطقتي واصبحنا من شخصين نأتي ليلة الجمعة وليالي رمضان الى كربلاء المقدسة الى حمولة باصين كبيرين ينطلقان من ذي قار الى ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)".
خادم للصائمين
وقف "حسنين هادي حسن" بسني عمره البالغ (66) عاما الذي جاء من منطقة الشهداء بمحافظة واسط في الممر المؤدي من باب قبلة ابي الفضل العباس الى مدخل الحرم المطهر يأشر بعصاه المتوجه بالريش الاخضر ليجعل مسير الصائمين بانسيابية، ويقول لوكالة نون الخبرية ان" هذه هي المرة الاولى التي اقف فيها متطوعا لخدمة الزائرين، ومن دواعي سروري ان مكان خدمتي عند باب ضريح ابي الفضل العباس (عليه السلام)، وقد دلني على تلك الخدمة احد اصدقائي وبعد ان سجل اسمي اتصل بي بالامس واخبرني بالمباشرة بالخدمة اليوم، ووصلت اليوم عند الساعة الرابعة الى كربلاء المقدسة، وباشرنا على الفور بالخدمة وقد خالجت نفسي كثيرا من الاحاسيس والشعور بالفخر والرضا، لاني عندما وقفت بباب ابي الفضل العباس واخدم الناس والصائمين والزائرين، فهذا امر ليس هين وكبير عندي، وهي غاية امنيتي لانه سيقف لي في الآخرة لاننا نريد ان تكون حياتنا مع أئمتنا وقادتنا ومنهم ابي الفضل العباس (عليه السلام)، وانا من المواظبين على السير من واسط الى كربلاء المقدسة في زيارة الاربعين رغم بلوغي السادسة والستين من العمر، ولكن هذا العام اتمنى ان اكون من بين خدام الزائرين في الاربعينية، وتعودنا ان ليالي القدر فيها تعب وسهر واعمال ولكني اليوم اشعر بالزهو والراحة، ولدينا الاستعداد للاستمرار بالخدمة من الرابعة عصرا الى صلاة الفجر، وخدمتي ستكون حافزا لغيري من الاصدقاء والاقارب بل ان جيراني في محل عملي (تورنجي) بالحي الصناعي استغربوا من اغلاق محلي مبكرا، وعندما اخبرتهم بالخدمة طلبوا التسجيل والالتحاق بي، وعلاقتي بالامام الحسين (عليه السلام) ابديه وسبق ان سجنت (9) اشهر في وحدتي العسكرية لإدخالي كتبا دينية، وفي منطقتنا (سيد حسين) لدينا موكب الشرقية المركزي نقيم فيه العزاء والشعائر ونخدم المعزين، ونأتي في اليوم السابع من المحرم الى كربلاء للخدمة، واليوم قسمت مجموعتنا الوقت بيننا بالتناوب لنتمكن من جهة من خدمة الزائرين ومن جهة اخرى احياء الليلة باداء بعض العبادات والصلوات في ساعات استراحة محدودة".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- في ليلة امتزج فيها الحزن.. حشود المؤمنين تحيي ليلة القدر واستشهاد "الأمير" عند الإمام الحسين (ع) (صور)
- يتحدثون عن كرامات حصلت لهم: زائرون من خارج العراق يحييون ليلة القدر الاولى عند مرقد الامام الحسين
- شاهد.. إحياء ليلة القدر في كربلاء (صور)