شاب مفعم بالحيوية والنشاط، طيب القلب وكريم النفس، نذر حياته لمساعدة الاخرين، وسلك طريق ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) في احياء الشعائر واقامت التعازي، ومع حلاوة روحه له حلاوة في الصوت جعلته قارئا للدعاء في الصلاة والتعازي، رفض الخروج من مدينته لمساعدة الجرحى والمصابين والراغبين بالخروج من المدينة وكل من يريد المساعدة، وطلب الشهادة ونالها"
عدوان وحشي
وبين دموع ونحيب وصبر تتحدث والدة الشهيد "احمد سليم" لوكالة نون الخبرية عن سيرته وسمعته وحادثة استشهاده بالقول" نحن من اهالي مدينة النبطية وسكنا مدينة الانصار، وكنا تسعة افراد من عائلة واحدة مكونة من زوجي وانا وابني وزوجته واولاده الخمسة، ومرت علينا كثير من المصائب والقصف والقتل الجماعي للمدنيين، وكان الاطفال يصرخون من رعب القصف وسقوط القنابل والصواريخ على بيوت الناس، وعند هروبنا من المنطقة التي نسكنها ركبنا السيارة وكانت الطائرات تحوم فوقنا بطيران منخفض فتعطلت السيارة وتركناها فارين مع اطفالنا، ولجأنا الى مركز رياضي لنحتمي به، وقصفت الطائرات المكان الذي تتوقف فيه السيارة، ومن خلال بقائنا في الحي الذي نسكنه كنا شهود عيان على عمليات القصف الوحشي الذي يمارسه جيش الكيان الاسرائيلي على المدنيين واستشهد (10) اشخاص بينهم نساء واطفال في العمارة التي تجاورنا بعد قصفها كما جرح عدد من ساكني عمارتنا، وكان القصف يسوي العمارات السكنية بالارض بعد استخدام اسلحة فتاكة ومحرمة دوليا ويذهب كل من يوجد فيها لحظة القصف ضحايا للعدوان الغاشم، كما قصفوا مسجدا في الحي الذي نسكنه ودمروه بالكامل واستشهد فيه (3) مصلين، وخلال الايام التي بقينا بها في الشقة التي نسكنها لصعوبة الخروج واستهداف كل من يسير في الشوارع لم نخرج من البيت وكان القصف الوحشي يتكرر يوميا لمرات عدة، ولا نسمع الا ازيز الطائرات واصوات القصف، والنساء والاطفال تصرخ من شدة الهلع، وتجمعنا ابناء ابني الشهيد الخمسة وامهم وابناء ولدي الآخر الاثنان وزوجته وانا عندنا ويرعانا زوجي، لكن كان الخروج للهروب حتى وان كان للاطفال او النساء صعبا جدا ويعتبر انتحار لان الجميع مستهدف، وفي هذه الظروف كنا نسمع باستشهاد عائلات من اقاربنا او معارفنا او جيراننا".
قصف المدرسة
عرف عن "احمد" حبه للخير والسعي لقضاء حوائج الناس فكان يركض يمينا ويسارا رغم خطورة الحركة وتقول عنه والدته " ان ولدي الشهيد مشهود له بعمل الخير ومساعدة الفقراء واعطائهم المساعدات المالية دون ان يعرف احد وحتى انا وابيه لم نعلم بذلك الا بعد استشهاده، وعرف عنه احياء الشعائر الحسينية واقامت مجالس العزاء بشكل دائم، كما عرف بقراءته للدعاء عقب الصلاة او قبل بدأ المجلس لحلاوة صوته واتقانه للغلة العربية، وكان من المواظبين على زيارة مراقد الائمة الاطهار وخاصة في العراق، وفي آخر زيارة له في اربعينية الامام الحسين (عليه السلام) الماضية، طلب من ابي عبد الله نيل الشهادة والالتحاق بدرب اصحابه ومن تبعهم في سبيل الله، وكان يركز في دعائه على ان ينالها متقطعا جسده متأسيا بسيد الشهداء، وعند اشتداد عمليات القصف تمكن من اخراجنا بسلام وتوسل بنا ان نخرج من المدينة ونهرب من القصف الوحشي الظالم وودعنا وعاد لمساعدة الناس".
نيل الشهادة
وتستمر "ام الشهيد احمد" بسرد قصة ولدها وتضيف "بقي ابني مع ثلاثة من ابناء المنطقة نذروا انفسهم لمساعدة المواطنين من الجرحى او المرضى او الذين يريدون الخروج من مناطق القصف، واتخذوا المدرسة الموجودة في الحي الذي نسكنه مقرا لهم كونها خالية من الطلاب والمدرسين بسبب الحرب ليستطيع الناس الاتصال بهم، ولكن طائرات جيش الكيان الاسرائيلي قصفت المدرسة ودمرتها بالكامل، وكان له ما اراد قبل شهر من الآن فاستشهد ولدي "احمد" من جراء القصف ومعه ثلاثة مدنيين من ابناء المنطقة، وتمزق جسده بالقصف الوحشي، ولم نتعرف على جثته الا بعد اجراء فحص الحمض النووي (DNA) على بقايا اشلاء جسده ومطابقته مع دماء زوجي، وكذلك استشهد وحيدا بعيدا عن اهله واقاربه واصحابه، واخلتهم فرق الدفاع المدني والاسعاف الفوري واخرجوهم من تحت الانقاض ووضعوهم في ثلاجة حفظ الموتى، ثم دفنوهم "وديعة" في ارض المدينة لحين انجلاء الغبرة ودفنوا في مقابرنا وتشييعهم بما يليق بهم، وبعد تدهور وضعي النفسي اقترض زوجي مبلغا من المال ليرسلني الى العراق بمفردي وبقي هو والاطفال وزوجات ابنائي في لبنان بمدينة اخرى، وتلقتني عائلة من بغداد وجاؤوا بي الى محافظة النجف الاشرف ثم استقر بي الحال في كربلاء المقدسة، وتبكي وهي تقول مهما قلت من كلام بحق العراقيين هو قليل، لانهم استقبلوني كأني امهم ووفروا لي السكن والطعام والرعاية الصحية، وطبقوا وصية المرجع السيد السيستاني بإغاثتنا، وجعلوا اللبنانيين يشعرون انهم بين اهلهم وفي بلدهم، وشعرنا بأننا اكثر من ضيوف ولم نفقد شيء وكرمهم كبير جدا، وزودنا بالملابس ورغم اني اعيش "جرح ام فقدت ولدها" ومثلي الكثير من النساء اللبنانيات واخرهم بالامس بنت خالي فقدت ولدها شهيدا، الا ان رعايتهم خففت عنا الحزن والالم".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- يجريها فريق طبي عالمي مكون من (24) متخصص.. قلب الطفل "ايمن" من كركوك يعالج في مستشفى زين العابدين الجراحي
- اسكنوا اعداد اضافية وقدموا خدمات :اصحاب فناق سوريون يثمنون مبادرات العتبة الحسينية ويتعاونون معها
- توجيه للسوداني قد يجد لها حلا :مناطق البستنة في كربلاء يعجز الجميع عن بناء مدارس لابنائها الطلبة فيها