بقلم: رعد العراقي
ليس مُستغرباً أن يتفاجأ الشارع الكروي بقُرب رحيل مدرّب منتخبنا الوطني الإسباني خيسوس كاساس وكادره المساعد بعد أن دخل ذات أجواء من سبقه من كوادر تدريبيّة سارعت في حزم حقائبها هرباً من الضغوط والتدخّلات وبدائيّة التعامل معها وتعدّد سُلطات القرار في التعاطي مع خياراته الفنيّة ورؤيته في بناء منتخب المستقبل.
أوّل الغيث ما تردّد على لسان يونس محمود النائب الثاني لرئيس اتحاد الكرة حين كشف عن عدم موافقة كاساس على مواجهة المنتخب الروسي، إلا أن هناك ضغوط أجبرته على خوض اللقاء إضافة الى ما حصل من تغييرات بقائمة اللاعبين سواء بإبعاد أو تضمين اسماء مُعيّنة وفقاً لرغبات البعض وهو ما يؤشّر استمرار النهج القديم في فرض الوصاية وتحجيم دور الكوادر التدريبيّة وفقاً لأهواء ومزاجيّة المعنيّين.
سقطة تصريح نائب رئيس الاتحاد لا تتوقّف عند خطأ كشف ما يجري داخل اروقة الاتحاد من خلافات وتقاطعات ينبغي ألا تخرج عن حدود العمل، بل أنها أثارت المخاوف من حقيقة شخصيّة المدرب الإسباني ومشروعه المستقبلي ومُسايرته لطلبات وآراء المُحيطين به، في وقت أن ما تردّد عن حيثيّات العقد المُبرم يشير الى منحهٍ الحريّة في بناء منتخب المستقبل وفقاً لخطوات مرسومة يكون قادراً على المنافسة في البطولات وصولاً الى التأهّل لنهائيات كأس العالم 2026 وتلك المسألة هي أخطر ما تكشفه الأيام القادمة من أحداث متوقّعة!
أمران لا يبعثان على الاطمئنان ويُعجِّلان برحيل كاساس أو فشل مشروعه ما لم يتدارك نفسه برفض أي تدخّل في عمله، ويفرض شخصيّته ويمتلك كلّ وسائل تطبيق مُفردات منهجه بعيداً عن أي وصاية وهو ما سيجعله في صِدام مستمرٍّ مع المُطالبين بالمشاركة في خياراته وتحديد خارطة عمله، والثاني عدم الرضوخ ومسايرة ما يوجَّه به وعدم الاكتفاء بإدارة المباريات وفقاً لما يُعرض عليه من منهج إعداد أو اسماء معيّنة من لاعبين وهو ما يعني نسف أي رؤية أو تخطيط سليم، وإلاّ فمشروعه سيكون في مهبِّ الريح.
بالطبع لا نريدُ لقراءتنا أن تتحقّق برغم استشعارنا بصحّتها وفقاً لما أشرنا اليه من مُعطيات واقعيّة، إلا أن تجاوز تلك المُعضلة لابد أن تنطلق من رغبة حقيقيّة لدى الجميع من اتحاد الكرة وإعلام رياضي وشارع كروي في تدارك الأخطاء السابقة من خلال تحقيق اجتماع تشاوري لمجلس اتحاد الكرة يُخصَّص لوضع سياقات وضوابط ترسم حدود الصلاحيّات لكلّ أعضاء الاتحاد بما يتيح للكادر التدريبي أداء مسؤوليّاته بحريّة تامّة من دون أي إملاءات خارج ما مُتفق عليه ضمن شروط العقد المُبرم، والذهاب نحو استثمار الوقت لتمكين الجهاز الفني للوقوف على التشكيل الرئيسي لعناصر المنتخب وتحقيق أقصى استفادة في الانسجام واكتساب الخبرة قبل الدخول في نهائيّات كأس آسيا قطر 2024 التي ربّما يرونها بعيدة ونراها قريبة طالما أننا لازلنا في مرحلة التجريب!
أما الإعلام الرياضي فهو مطالب أيضاً بتوجيه الخطاب الإعلامي نحو المساهمة في دعم المنتخب دون البحث عن خفايا ما يدور في غرف الاتحاد أو اصطياد هفوات الكادر التدريبي والابتعاد عن التدخّل والتشكيك باختيار نوعيّة اللاعبين والتحوّل بدلاً من ذلك نحو تثقيف الشارع الكروي بضرورة الصبر على النتائج ومنح الكادر التدريبي مساحة زمنيّة لتطبيق أفكاره من دون ضغوط لخلق بيئة مُلائِمة للعمل وهي أحد شروط العقد المُبرم الذي أجاز لهم قضاء أربع سنوات للوصول الى كأس العالم القادمة.. وبخلافه فإن كاساس راحِل لا محال!
أقرأ ايضاً
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي