- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
"محطة الكذب الأخيرة" .. وثائقي إيراني يبعث رسائل غير مشفرة الى الخارج !
بقلم: نجاح محمد علي
بث التلفزيون الايراني الرسمي جزئين من فيلم وثائقي طويل عن إختراق أجهزة الأمن الايرانية لأحد المعارضين في الخارج إذ أظهرت الصور المتلفزة كيف كان يجري تزويد هذا المعارض الشاب بالأخبار والمعلومات التي كان الأمن الايراني يريد نشرها في أوساط المعارضين في الخارج.
وتفيد مصادر من داخل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التي تخضع حسب الدستور لاشراف الولي الفقيه أعلى سلطة في نظام الحمهورية الاسلامية، أن هناك نية لعرض ثلاثة عشر جزءاً آخر من هذا "المسلسل الوثائقي" ويتم ذلك خلال أيام عيد النوروز الثلاثة عشر والتي تبدأ حسب التقويم الايراني الهجري الشمسي في الأول من فرودين(21 مارس آذار) وتنتهي يوم 13 منه أي في يوم الاحتفال بشم الربيع ومايسمى بطرد النحس الذي يحتفل به الايرانيون ودول وقوميات أخرى في المنطقة.
أطلقت الأجهزة الأمنية على الوثائقي إسم" محطة الكذب الأخيرة"، وأثار بثه في التلفزيون الرسمي، جدلاً غير مسبوق داخل ايران وخارجها.
الرسالة وصلت
ترددت أنباء أن المجلس الأعلى للأمن القومي ويرأسه دستورياً الرئيس حسن روحاني لم يكن مرتاحاً لهذه الخطوة بسبب مارافقها من تخطي لقيم الدين والأخلاق سواء في انتهاك خصوصيات الأفراد ولو كانوا من أعداء النظام ونشر أو النية في نشر تفاصيل عن "ممارسات لا أخلاقية لهم" وبينهم نساء في المعارضة الملكية التي يقودها نجل شاه ايران المخلوع المقيم في الولايات المتحدة، أو في الحدود المسموح بها لرجل الأمن المسؤول عن اختراق المعارض الايراني وقد أظهر ه الوثائقي وهو يتعاطى المخدرات والخمر لخداعه وتشجيعه وتحريكه كدمية دون أن يعلم بأنه مخترق وأن الطرف الآخر كان يصور له المهمة لحظة بلحظة.
وإذ اعتبرت بعض الأوساط في المجلس المسؤول عن رسم السياسية العليا للأمن القومي الايراني، أن الغاية مهما كانت شريفة وهي حفظ نظام الحمهورية الاسلامية، فهي لاتبرر الوسيلة التي مورست أثناء عملية الاختراق، ومن هنا فان بعض أعضاء مجلس الأمن أشاروا بعدم بث الأجزاء المتبقية مشددين على أن الرسالة من بث "محطة الكذب الأخيرة" وصلت سواء الى المعارضة التي تريد الإطاحة بالنظام من الخارج بتحريك الداخل عن طريق الاعلام المكثف المدعوم من أمريكا والسعودية وإسرائيل، أو الى الدول التي تشارك في دعم المعارضة الارهابية خصوصاً فرنسا التي تتهمها طهران برعاية منظمة مجاهدي خلق المطاردة في إيران بتهم الاٍرهاب.
وبينما أظهر الوثائقي المعارض الايراني "روح الله زم" المخترق وهو يتنقل داخل باريس وسط حراسة مشددة من المخابرات الفرنسية ويتحدث لـ "مُشَغله" الايراني عن الدعم المالي الشهري الذي يتقاضاه من السلطات الفرنسية، فإن الأطراف المعترضة على بث الحلقات الأخرى من "محطة الكذب الأخيرة" ترى أن ذلك كان كافياً لكي تفهم السلطات الفرنسية أن المخابرات الايرانية موجودة داخل المعارضة الايرانية في الخارج وهي مخترقة من قبلها حتى وهي في حماية المخابرات الفرنسية.
سجال في الخارج
تفاوتت ردود أفعال المعارضة الايرانية في الخارج التي اهتمت في وقت سابق بالمعارض "روح الله زم" وكانت تنقل عنه في وسائل إعلامها كل ما كان ينشره على قناته في تليغرام وتجري قنواتها التلفزيونية لقاءات مباشرة معه قبل بث الوثائقي الأخير، لكنها أجمعت كلها على الاعتراف بأنه انتصار لصالح "المخابرات الايرانية" خصوصاً بعد أن طرق أسماعها عزم التلفزيون الايراني الرسمي على بث المزيد من الأجزاء تتعرض بالصوت والصورة لعدد كبير من أقطاب المعارضة وتكشف المستور عنهم.
قال معارضون على قناة "منوتو" التي تبث من لندن إن بث الوثائقي المذكور يهدف الى خلق صراعات داخل المعارضة غير المنسجمة أصلاً والتشكيك بصدقيتها مشيرين الى حدة الانقسامات في المعارضة حسب أجندة الدول الداعمة لهذا الطرف أو ذاك وفشلها في الاجتماع حول زعيم واحد، وأنها بعد وثائقي "محطة الكذب الأخيرة" ستكون دائماً في خانة الشك وفقدان ثقة الايرانيين في الداخل بها الأمر الذي دفع بقناة تلفزيونية أخرى تبث من لندن أيضاً وهي "ايران انترناشيونال" الى القيام بإجراء مقابلة سريعة على الهواء مع "روح الله زم" ولعب المذيع دور المشكك ليمنحه فرصة الظهور في الاعلام مرة أخرى ليدافع عن نفسه ويعتذر للجمهور وللمعارضين وعلى رأسهم نجل الشاه المخلوع، مقراً بخطئه وبنجاح المخابرات الايرانية في اختراقه مبرراً ذلك بقلة الخبرة وبأن كان يريد تحقيق هدف أكبر للإيرانيين!
حتى القناة التلفزيونية "بيان" وتبث من لندن أيضاً وكانت ترتب له برنامجاً أسبوعياً وتعرض هو لمذيعها بالسوء في "محطة الكذب الأخيرة"، حرصت على استضافته في محاولة بدت صعبة لاعادة تأهيله لكنها في النهاية أقرت معه أن "الشق كبير والرقعة صغيرة جداً لاتكفي" ووقع المحذور في المعركة الكلامية بينه وبين المذيع وشخص آخر من استراليا استفادت منه الصحف القريبة من النظام لتقول للإيرانيين في الداخل: هذه معارضتكم في الخارج فاختاروا بينها وبين الوضع الراهن واعتبروا مما جرى لسوريا وليبيا والعراق.
وبلغ الأمر الى أن يدخل صحافيون ايرانيون بارزون (تضعهم طهران في خانة المعارضة)على الخط في محاولة للتقليل من تأثير بث الوثائقي على عموم المعارضة الايرانية في الخارج، وشبّه الصحافي في قناة بي بي سي الناطقة بالفارسية مسعود بهنود "روح الله زم" بشخص مختل عقلياً غير متزن، وقال إن الوثائقي عنه يتضمن لقطات من أفلام سينمائية، وقد ردت عليه من طهران صحيفة "مشرق نيوز " وهي تسأل الصحافي المخضرم المقيم في لندن عما اذا كان حديث "زم" بالصوت والصوره مقتبس من أفلام هوليودية، وطالبته باعتباره صحافياً متمرساً بتقديم الدليل على مايقول.
ويقول الصحافي الايراني في قناة ألمانية ناطقة بالفارسية "حبيب الله بابائي" إنه اطلع على بعض الأجزاء التي يعتزم التلفزيون الايراني الرسمي بثها في عبد النوروز، مشيراً الى أن المخابرات الايرانية نجحت في هدم "مروءة" المعارضة في الخارج وأسقطتها في أعين الايرانيين لكن هذا لا يمنع من الاعتراف بضعف الاعلام الايراني الرسمي في مواجهة مخططات تحريك الداخل كما تريد إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب وإدارته من مؤتمر وارسو ودعم المعارضة. ويضيف بابائي إن قضية "روح الله زم" وهو نجل أحد رجال الدين المحسوبين على النظام،سلطت الضوء مجدداً على أن الخطر الذي يواجه الجمهورية الاسلامية لايأتيها من المعارضة في الخارج بعد بث وثائقي "محطة الكذب الأخيرة"، التي لن تكون الأخيرة على حد تعبيره، وهو ما تطرق له أيضاً المرجع الأعلى السيد علي السيستاني خلال لقائه الرئيس الايراني حسن روحاني الذي تؤكد مصادر موثوقة جداً أنه التقاه مرتين وليس مرة واحدة كما أعلن، وبحث معه المخاطر التي تهدد استقرار المنطقة وموضوعات لها صلة مباشرة بالداخل الايراني وأهمية أن تتوجه الحكومة الى المناطق المحرومة في سيستان بلوشستان والأهواز (خوزستان) وكردستان.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً