وردَت تأكيدات كثيرة من قِبَل الأئمة عليهم السلام على إقامة عزاء سيد الشهداء الحسين عليه السلام باستمرار، والإبقاء على صوت مظلومية آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، وإدامة صيحة المظلوم بوجه الظالم في كل مكان وزمان.
إن هذه الصيحة يجب أن تبقى حيةً مستمرةً، كما إن الشعائر الحسينية وخاصة المجالس الحسينية تحفظ مدرسة سيد الشهداء عليه السلام ومنهجه الذي يرتكز على إدامة المفاهيم الاسلامية السمحاء، والذين يقولون خلاف ذلك لا يعرفون أساساً ما هو منهج الحسين عليه السلام ولا يدركون أن اقامة المآتم والمجالس وهذا البكاء قد حفظ الإسلام منذ ألف وأربعمائة عام، وأن هذه المنابر والتعازي ومواكب الحزن هي التي حفظت لنا الإسلام.
ومن رواد المنبر الحسيني في وقتنا الحاضر الشيخ جعفر الابراهيمي، الذي كان لنا هذا اللقاء معه للحديث حول تجربته في خدمة هذا المنبر الشريف.
س: وجدنا أن هناك تميزاً في طرحكم لمواضيع المنبر الحسيني الشريف.. من أين ينبع ذلك؟
الموضوع ليس في أنني أمتلك طريقة جديدة، فأنا أصنّف نفسي في آخر الركب، لكن المسألة تستمد قوتها من الحسين عليه السلام وواقعة الطف بحقيقة الحال، كما إن كربلاء الحسين في كل عام عندما يطل عليها الباحث والخطيب والمهتم بالشأن الحسيني يكتشف فيها جديداً، بمعنى أدق ان الحسين عليه السلام عطاء لا ينضب، على طول الخط وعلى مدى الـ 1400 عاماً التي مضت، ففي كل سنة هناك جديد، وبحسب قابليات العقول المُحِبّة لأهل البيت تستطيع أن تنتزع من هذا الجديد شيئاً مهماً ومفيداً للمؤمنين.
س: هل لديكم رؤية خاصة في عالم المنبر الحسيني؟
ج/ لا بالعكس فلكل عطر رائحة، الخطباء كل واحد يكمل الثاني، فخطيب يهتم بالجانب العاطفي، وآخر يخاطب العقول ويتجنب مخاطبة العواطف، وثالث يهتم بالسرد التاريخي، ورابع يهتم بالتحليل، اعتماداً على قول القرآن الكريم (إن في قصصهم لعبرة).
هذه الديباجة كلها بأنفاسها بعطرها تكمل محور الحسين عليه السلام ورسالته، حتى الناعي الذي يصعد المنبر وينعى انما هو أدى دوراً ليس بالسهل أبداً.
س: يلاحِظ بعض المتابِعين قلّة تطرق خَدَمة المنبر للمواضيع العلمية ما السبب في ذلك؟
هناك بعض الناس يعتقدون أننا بلغنا مرتبة عالية بحيث اننا نناقش أموراً فقهية وعلمية، بينما نحن ما زلنا بالألف والباء نمشي.. هناك بعض الأفراد والشباب في الحرم الحسيني الشريف يطلبون منّا التأكيد على آداب الزيارة، وهذه وجهة نظرك انك تريد التطرق الى الجانب العلمي.. وهنا تحضرني قصة في هذا الخصوص: في يوم ما سأل الإمام الصادق عليه السلام أحد أصحابه، قال: حماد أتُحسن أن تصلّي، قال بلى مولاي، أنا أخذت الصلاة من كتاب حريزي وحريزي رجل واعي، قال الإمام لا قُم فصلّي أمامي، فقام وصلّى فإذا بالإمام قال له، حماد أنت لا تحسن الصلاة!!، والان لو تفحّص بعض الناس ليجد نفسه انه وبعد 20 أو 30 سنة من المواضبة على الصلاة ان صلاته غير صحيحة او انه لايحسنها! فهذه الكارثة بعينها، من هنا فأنا اعتَبر ان التركيز على نشر العبادات والممارسات والشعائر الصحيحة هو الأكثر أهمية في وقتنا الحاضر.
س: هل تقصد المرتكزات العقائدية.. أي أن تكون عقيدة المؤمن عن وعي؟.. لماذا يزور؟ لماذا يجمع بين الصلاتين؟
أجل هذه المواضيع يجب أن نركز عليها الان ونحن بحاجة الى أن نعزز العقيدة في نفوس الناس، فبعض الناس لا يوجد لديها وعي شرعي، وهذا القصور لا تستطيع أن ترميه على المنبر لأنه محدود، هذا الدور هو دور جميع الجهات الاعلامية والارشادية بما فيها الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية كالفضائيات، عليها ان تخصص برامج للوعي الجماهيري.
س: ما صفات الخطيب الناجح ومَن له الفضل في تنمية مواهبكم الخطابية خاصة في شؤون المنبر الحسيني؟
اعتبِرُ ان من اهم مقومات وعوامل نجاح الخطيب هو الاخلاص في رسالته. وبالنسبة لبداياتي في هذا المجال، فأنا مَدين لأبن خالتي الشهيد السيد فاخر مهدي الموسوي، الذي كان سيداً خطيباً بارعاً ومتمكناً، وقد أُعدِم على يد أزلام النظام السابق.. هذا الرجل تبنّاني منذ كنت طفلاً في الصف الخامس الابتدائي وبقي يُنمّي فيَّ مواهب الخطابة إلى أن كتب الله لنا التوفيق.
س: ماهي بحسب علمكم مشاعر وآراء الاخوة في الخليج من محبّي ال البيت تجاه الحسين عليه السلام وكربلاء والعراق عموماً؟
والله يا أخي ان أنفاس ابناء الخليج المؤمنين معكم في كل خطوة، وخصوصاً في الجانب الأمني فإن الناس تدعو لكم دائماً بالخير، وعندما فتحت الحدود أمام الزائرين وجاءت العديد من الوفود الخليجية، سألتُهم عن آرائهم وفي الحقيقة هم يشيدون بجهودكم، وجهود القائمين على شؤون العتبة الحسينية المطهرة.
وفيما يخص الشؤون الأمنية ومن خلالكم أنا أنصح كل من يريد أن يسيء للإمام الحسين واتباعه، أن يوفِّر جهده ويعتَبِر ممن سبقهُ.. مِن أمويين وعباسيين وعثمانيين وتَتَر، الذين كانوا كما قال الشاعر:
كناطحِ صخرة يوماً ليوهنها ... فلم يضرّها وأوهى قرنهُ الوعلُ
س: ماذا توجِّه من رسالة إلى المؤمنين من أتباع أهل البيت عليهم السلام؟
أتمنى أن يعطي المؤمنون الصورة الرائعة لفكر أهل البيت عليهم السلام من خلال التطبيق، فنحن مع الأسف نشهد التناقض بين الجانب العاطفي والجانب التطبيقي، نعم نحن نزور الحسين، ونقيم مواكب حسينية هائلة، وشعائر حسينية ناجحة، ولكن المطلوب منّا أن نتأثر بفكر الحسين عليه السلام ونعمل بنهجه لا أن نتخذه شعاراً فقط.. وأخيراً أنا أقدم شكري لكم على هذه الفرصة الطيبة.
حاوره /حسين السلامي
أقرأ ايضاً
- تصل الى (29) تخصص في اربع فروع العتبة الحسينية: الاعدادية المهنية للبنات تدرس (5) اقسام الكترونية علمية
- تستقبل طلابها في العام المقبل :العتبة الحسينية تُشـّيد جامعة تقنية تضم معاهد واقسام نادرة في العراق
- شاهد عيان: جيش الكيان الاسرا..ئيلي قصف الانسان والحيوان والشجر والحجر