يعود تاريخ مدينة كربلاء المقدسة إلى العهد البابلي وكانت هذه المنطقة مقبرة للنصارى قبل الفتح الاسلامي ، ويرى بعض الباحثين ان كلمة كربلاء يعني ( قرب الاله ) وهي كلمة اصلها من البابلية القديمة ، ورأى بعضهم ان التوصل إلى معرفة تاريخ ( كربلاء ) القديم قد يأتي من معرفة نحت الكلمة وتحليلها اللغوي فقيل انها منحوتة من كلمة ( كور بابل ) العربية بمعنى مجموعة قرى بابلية قديمة ، منها نينوى القريبة من سدة الهندية ، ومنها الغاضرية ، وتسمى اليوم ( اراضي الحسينية ) ، ثم كربلاء او عقر بابل ثم النواويس ، ثم الحير الذي يعرف اليوم بالحائر اذ حار الماء حول موضع قبر الامام الحسين ( ع ) عندما امر المتوكل العباسي بهدم وسقي القبر الشريف .
تتميز هذه المدينة بوجود مياه جوفية داخل اراضيها وخاصة في مركزها حيث ان المتعارف عليه ان مركز المدينة او مكان قبر الامام الحسين عليه السلام او المكان الذي دارت به معركة الطف (61هـ) عبارة عن منخفض ارضي ويسمى لدى المؤرخين وادي الطفوف اضافة الى قربها من بحيرة الرزازة التي تبعد عن مركز المدينة (10 كم) غربا \"
وهذه المدينة شهدت خلال السنوات الاخيرة وخاصة بعد احتلال العراق وتدمير البنى التحتية فيه ازديادا كبيرا في المياه الجوفية مما حدا بالمسؤولين برفع توصيات عديدة الى الحكومة المركزية في بغداد من اجل معالجة هذه الظاهرة الخطيرة التي اذا ماتفاقمت فانها ستؤثر سلبا على واقع ابنيتها وحتى عتباتها المقدسة ولمعرفة التفاصيل عن هذا الموضوع التقى موقع نون بعدد من المسوؤلين في المحافظة لتبيان سبب هذه الظاهرة
فقال محافظ كربلاء الدكتور (عقيل الخزعلي)\" ان بروز ظاهرة المياه الجوفية والتداعيات الصحية والبيئية والتصدعية للمباني والمنشآت التي تنتج كمحصلة تتصاعد مستويات هذه المياه يوما بعد يوم وكذلك مقدار الإهمال المسبق من النظام المباد في تبني إنشاء شبكة مياه المجاري لمياه الأمطار والصرف الصحي مع لواحقها من محطات الرفع والتصريف حيث وصل ما منجز من هذه الشبكة من تاريخ الانقلاب في عام 1968 حتى عام 2003 لا يتعدى نسبة 11% من أصل الاحتياج الفعلي للسكان مما تفاقم من حجم الأزمة الكارثية التي تنوء بها الجغرافية التحتية المؤثرة على البناء الفوقي للمحافظة، ولعل هذا الأمر يكاد يكون مختصا بكربلاء مما استوجب والحال هذه الوقوف لتطويق التداعيات من خلال مجموعة إجراءات فنية منها وضع مشاريع المجاري بأقصى سلم الأولويات حيث بلغ ما شمل من مناطق مختلفة أكثر من 150كم وحسب أسبقية التأثر والتضرر كذلك إدراج مشروع تأهيل محطات رفع الرزازة وإضافة محطات أخرى والقيام بمجموعة تصاميم تدفع باتجاه سحب اكبر من مياه شبكة المبازل لإقلال التسرب إلى المياه الجوفية.
واضاف (الخزعلي ) ان \"البحوث المقدمة ان صحت فانها تؤكد ان لا وجود تداخل مباشر لمياه الرزازة على نسبة المياه الجوفية من الناحية السلبية.
فيما بين رئيس مجلس محافظة كربلاء (عبد العال الياسري) ان\"مدينة كربلاء تسبح على بحيرة بل بحر من المياه الجوفية نتيجة لارتفاع بحيرة الرزازة الى أعلى من سطح كربلاء بأكثر من 30م وهذا يؤدي إلى ارتفاع مناسيب المياه الجوفية في كل مكان من ارض كربلاء\"
من جانبه نفى رئيس المهندسين الأقدم مسؤول قسم الشؤون الفنية والهندسية في العتبة الحسينية المقدسة (محمد حسن كاظم ) أن يكون لبحيرة الرزازة أثر في زيادة المياه الجوفية بالعتبتين، موضحا أن منسوب مياه بحيرة الرزازة يصل الي 23.5 متر عن مستوي سطح البحر موضحا بلغة الأرقام أن منسوب الماء وصل في الروضة الحسينية الي 29.5 متر عن مستوي سطح البحر فيما وصل منسوب المياه في الروضة العباسية الي 30 مترا عن مستوي سطح البحر وهذا يعني أن منسوبها أقل بنحو سبعة أمتار عن مستوي مركز المدينة.
ويؤكد رئيس المهندسين أنه توجد مياه جوفية في العتبتين الحسينية والعباسية وكذلك منطقة ما بين الحرمين وما يجاورها. ويوضح أسباب وجودها بقوله ان هناك سببين رئيسيين؛ أولهما انخفاض منطقة الحرمين بحدود مترين ونصف المتر عن الطرق المحيطة بها، وثانيهما وجود مياه سطحية سببها التكسرات الموجودة في شبكات المياه القديمة وكذلك لوجود وصلات سائبة بالنسبة لشبكة المجاري التي سببتها عمليات التفجيرات التي حدثت أيام الانتفاضة الشعبانية عام 1991.
وعن تأثير المياه بنوعيها الجوفية والسطحية علي العتبتين الحسينية والعباسية ذكر كاظم أن لها بكل تأكيد تأثيرا علي المباني وخاصة في حركة المياه صعودا ونزولا والحركة السريعة التي تصاحب سحب المياه..
وأضاف أن المياه الجوفية تسبب تآكل التربة تحت الأسس بسحب جزيئات من التربة مع المياه المسحوبة، كما تؤثر علي السراديب الموجودة تحت المباني القديمة المحيطة بالمدينة. وذكر رئيس المهندسين أنه لم تكن هذه المياه موجودة حتي خمسينيات القرن الماضي وبالتالي فإن عمر هذه المياه لا يزيد عن خمسين سنة.
وعن الخطورة المستقبلية لهذه المياه اذا لم تتم معالجتها قال بكل تأكيد سترتفع مناسيب المياه تحت المباني اذا ما بقيت الأسباب السابقة، واذا لم يتم تنفيذ مشروع عملاق لمعالجة المياه. مبينا أن ادارة العتبتين قدمت مشروعا الي وزارة الموارد المائية منذ كانون الأول عام 2003 وهو مشروع الحل ويتضمن انشاء جدار قاطع بسمك متر واحد باستخدام الكونكريت يحيط بالعتبتين ويكون بعمق ثمانية أمتار.
وكان وزير التخطيط والتعاون الإنمائي علي بابان قد حذر الحكومة، ، من مخاطر المياه الجوفية التي تتعرض لها بعض محافظات العراق كالبصرة وكربلاء. وقال إن \"على الحكومة حماية المراقد المقدسة في محافظة كربلاء من المياه الجوفية.\" في إشارة لمرقدي الإمامين الحسين بن علي وأخيه العباس (عليهما السلام )
وفي خطوة لتلافي هذه الظاهرة عقد مجلس محافظة كربلاء المقدسة المؤتمر الاول لانقاذ كربلاء من خطر المياه الجوفية وبمشاركة متخصصين من وزارات الزراعة والموارد المائية والتعليم العالي .
حيث اعتبر رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر (باهر غالي) ان\" هذا المؤتمر المنعقد يهدف الى ايجاد حلول لمشكلة وصفها بالخطيرة تكمن في ارتفاع مناسيب المياه الجوفية وغمر مساحات زراعية واسعة بالمياه رغم وجود شبكة المبازل التي تعمل من دون جدوى
واكد ان\" دراسات قدمت في المؤتمر لاجل الاستفادة من المياه الجوفية في عمليات سقي الاراضي المتصحرة التي تعاني اصلا من نفص بمياه السقي معتبرها خطوة جادة لتخليص كربلاء من آثار المياه الجوفية على المستوى البيئي والصحي \"
فيما اكد وكيل وزارة الزراعة الدكتور مهدي ضمد القيسي خلال كلمته التي القاها نيابة عن وزير الزراعة، ان الوزارة تسعى بكامل امكانياتها لايجاد معالجات دائمية وجذرية لمشكلة ارتفاع مناسيب المياه الجوفية التي ازدادت بشكل كبير خلال السنوات الماضية بسبب ما عده مشكلة البزل المعقدة في البلاد خاصة المحافظات الجنوبية، والتي طالبت اثرها وزارة الزراعة رئيس الوزراء بضرورة تشكيل كيان مستقل يعنى بمهمة الاستصلاح في البلاد، التي قال انها تسير ببطء ودون المستوى المطلوب، كاشفا عن تشكيل لجنة تضم نخبة من مختصي الوزارة لدراسة البحوث والمقترحات التي قد يرفعها المؤتمر بغية ايجاد صيغة نهائية تتواءم مع رؤية الوزارة لانقاذ اراضي المحافظة من ارتفاع معدلات المـياه الجـوفية فيها وبشكل نهائي.
من جانب آخر أوعز رئيس الوزراء نوري المالكي بإعداد دراسة متكاملة بعيدة المدى عن مشكلة المياه الجوفية التي تهدد مرقدي الامام الحسين واخيه العباس \"عليهما السلام\" في كربلاء، تسلم خلال مدة لا تتجاوز الشهر الواحد
بغية اتخاذ الاجراءات العاجلة لحل المشكلة بما يتناسب مع الأهمية الدينية والتاريخية لهما.
كشف ذلك عضو لجنة مبادرة المالكي للنهوض بالزراعة في البلاد الدكتور عبد الحسين الحكيم خلال المؤتمر العلمي الاول لانقاذ كربلاء من خطر المياه الجوفية الذي عقد في كربلاء موضحا\" أن دولة رئيس الوزراء أمر خلال اجتماع اللجنة الاخير، ان تعد الدراسة التي شدد على اهمية ان تكون علمية ووافية وتقدم حلولا ناجعة للمشكلة، من قبل خبراء من وزارة الموارد المائية بالتعاون مع مجلس محافظة كربلاء وخلال مدة لاتتجاوز شهرا.
أقرأ ايضاً
- تصل الى (29) تخصص في اربع فروع العتبة الحسينية: الاعدادية المهنية للبنات تدرس (5) اقسام الكترونية علمية
- تستقبل طلابها في العام المقبل :العتبة الحسينية تُشـّيد جامعة تقنية تضم معاهد واقسام نادرة في العراق
- شاهد عيان: جيش الكيان الاسرا..ئيلي قصف الانسان والحيوان والشجر والحجر