الصراع الثقافي الذي نعيشه في عصرنا الراهن، وتعدد المحاور الثقافية التي تزخر بها عقولنا...الأمر الذي لابد معه من وجود وسيلة نضغط فيها اكبر عدد ممكن من الافكار في اقصر فترة زمنية، مع استخدام جميع المؤثرات التي تتفاعل معها النفس البشرية، من مؤثرات صوتية وصورية وكلامية وايمائية، فكان الفن السابع الذي صُهرت في بودقته جميع الفنون، ليخرج بحلة تلبي متطلبات العصر، ولتكون السينما التي أعطت مفهوما جديدا للإلقاء الفكري، ولترسيخ المفاهيم في ذهن المتلقي، لتجعله ضمن ثوابته الفكرية سواء علم بذلك ام لم يعلم، فأثرت بذلك على السلوك الفردي.
لذلك فإن الكثير من الدول والمؤسسات التي تهتم بالجانب الفكري والتي تؤمن بأن الفكر والنظرية هي التي تحرك العالم، أولت هذا الجانب اهتماما كبيرا فأخذت تنتج الافلام التي تتبنى افكارها، فبرزت الكثير من الافلام السينمائية التي تحمل في مضمونها مفاهيم فكرية تريد ترسيخها في ذهن المتلقي مثل سلسلة افلام (جمس بوند) التي تريد ترسيخ فكرة مفادها أن المخابرات البريطانية هي المنقذة للعالم، والتي تحيط علما بكل شيء، وهي التي لاتـُقهر من خلال بطلها الوسيم (بوند) الذي يعكس اللباقة واللياقة والبطولة للسلك الدبلوماسي البريطاني، او افلام مثل (الماتركس) الذي يمسخ الكثير من القيم والمفاهيم البشرية، حيث لايوجد تعلق بالله ولاحب ولاعمل وما البشر سوى مصفوفة رقمية قي حاسبة عملاقة...
وافلام اخرى نحن لسنا بصدد تحليلها، ولكن المهم اننا نقف امام هذا الكم من الزخم الفكري الموجه إلينا والى أجيالنا مكتوفي الايدي لم ننبس بفلم واحد يعبر عن افكارنا، فهل سنكتفي بمايعبر الغرب به عنا، فإن اساء اعترضنا وان احسن من (وجهة نظرنا) استحسنا وتركنا تراثنا الفكري، وكل المفاهيم التي يزخر بها تاريخنا وعقائدنا وصرنا نطورها كتابيا، ولكن لانطور او لانلتفت إلى تطوير سبل ايصالها وترسيخها في النفوس، فتركنا الحبل على الغارب تاركين السينما الغربية تصور العرب المسلمين على انهم مجرمون ارهابيون، فتعالت الاصوات الجاهلة بعقائدنا لكي تنال من شخص الرسول الكريم (ص) وتناسينا ان ماحصل من رسم صورة سلبية في ذهن الاخر عنا هو نتيجة طبيعية لتجاهلنا مهمة ايصال افكارنا الى الاخر بطرق حديثة تتماشى مع روح العصر...
وفلم (الرسالة) هو الفلم الوحيد الذي يتناول القضية الاسلامية بروح العصر وقد اصبح (قديما) ولكن التأثير الذي احدثه هذا الفلم في الفكر الغربي كان بمستوى الذي جعل الكثير من الغربيين يسلمون بعد مشاهدته، والكثير الاخر قد غيّر فكرته عن الاسلام، والكثير الآخر اصبح مهيئا لقبول الاسلام.
علما ان السنارست المشرف والمؤلف الموسيقي للفلم واكثر من نصف الكوادر الفنية للفلم من غير المسلمين والشركة الممولة للفلم يهودية بينما اقلع الحكام العرب المسلمون عن تمويل هذا الفلم...
وفي المجمل اصبحت لنا تجربة ناجحة عن السينما الإسلامية فلماذا لانحاول تكرارها لتكون لنا تجربة السينما الحسينية ؟ فهل لأننا لانمتلك تكاليف الفلم السينمائي ام لأننا نريد كوادر اسلامية تقوم بهذه المهمة ؟ أم لأننا لا نمتلك موروثا ثقافيا وفكريا يستحق ان يُجسد في السينما.
نحن اليوم بأمس الحاجة للسينما الحسينية لإيصال قضيتنا ومفاهيمنا إلى الآخرين، ونقطع السبل أمام أي عملية تغرير يمارسها الاخرون ضدنا، ونرسخ مفاهيمها الاصيلة في الذات التي تحملها وتشوهت بعض تلك المفاهيم فيها، نحن اليوم بحاجة إلى القضية الحسينية وملحمة الطف ان ترسم افكارنا وفقا لخطاها وان نستشف منها مواقف نحن بأمس الحاجة لها لنحتل بها موقعنا بين الامم، ولنرفد صفوفنا بالمؤمنين الجدد، فأمة لا تمتلك تاريخا تسير بهداه الى مستقبلها لا تملك وجودا يستحق ان يكون بين الامم.
أقرأ ايضاً
- تكامل ادوار النهضة الحسينية
- النوايا الحسنة للعتبة الحسينية المقدسة
- الرسالة المحمدية تتألق في القضية الحسينية