- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
طَحيناً {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ}
حجم النص
بقلم:نــــــــزار حيدر هي النّهاية الوحيدة التي تنتظر الارهابيين، فمهما عظُمت جرائمَهم واتّسعت سطوتهم وتمدّدت فقاعتهم، فان نهايتهم (طحين) على يدِ العراقيّين، وهو أمرٌ مفروغٌ منه لا يشكّل به احدٌ، ولهذا السّبب تحوّلت مقولة احد ابطال الحشد الشعبي (الا طحين) التي استوحاها من خطبة الامام السجّاد (ع) في مجلس الطاغية يزيد لعنهُ الله وهو يصفُ شجاعة امير المؤمنين عليه السلام في الحربِ بقوله {يَطحَنهم في الحروب، إذا ازدلفتِ الأسنّة وقرُبت الأعنّة، طَحنَ الرّحى} تحوّلت الى أنشودةٍ على لسانِ الصغير والكبير ليس في العراق فحسب وانّما على لسان كلّ حرّ شريف في العالم، لانها لسانُ حالٍ لا يجادل فيه اثنان ولا يختلف عليه احد الا الطائفيون والمرعوبون والوصوليون الذين لا غيرة لهم ولا ناموس. انّ الذي يحقّقه العراقيون اليوم في طول ساحات الحرب على الارهاب وعرضِها، على يد القوات المسلحة الباسلة مدعومة بالحشد الشعبي الشريف، الذي وصف دوره وزير الدفاع في مؤتمره الصحفي المشترك مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية في بغدد، بالإيجابي جداً والمهم، والبيشمرگة، يكتب تاريخاً جديداً ليس في العراق فحسب وانّما في المنطقة بشكل عام، فهو سيُعيد للعراق مكانته واحترامه ويكرّس سيادته واستقلاله، ويوحّد صفوف العراقيين ويرصّها ويقضي على كلِّ اسباب التفرقة العنصريّة والطائفيّة والتمييز المناطقي بعد ان اختلط دم العراقيين في حربهم المقدسة على الارهاب. لا ينبغي ان يعودَ العراقيون القهقرى بعد كلِّ هذه الانتصارات الوطنيّة الباهرة التي دفعوا ثمنها دماءاً ودموعاً وأرامل وأيتام. لا ينبغي ذلك على صعيدين؛ الاول؛ ان يعودَ الارهابيون يدنّسون شبراً واحداً من المناطق التي حررها المقاتلون في سبيل الله والوطن. الثاني؛ ان يعود السياسيون يثيرون الفتن الطّائفية والعنصريّة والتمييز المناطقي ليعتاشوا عليها على حساب وحدة الارض والعرض والدم والمصير وكل شيء. ينبغي عليهم ان يلجموا السنتهم، فـ {الِّلسَانُ سَبُعٌ، إِنْ خُلِّيَ عَنْهُ عَقَرَ} كما يصفه الامام امير المؤمنين (ع) ولذلك لا نريدُ ان نسمعَ منهم، بعد الان، تصريحات طائفية او عنصرية، ولا ايّ نوع من التصريحات السخيفة التي تضرّ بالصالح العام وتثير الفرقة وتُضعف المعنويّات!. لا معنى لعودة عقارب الزمن العراقي الى الوراء ابداً ابداً. لقد اثبتت هذه الحرب المقدّسة انّ مصير العراقيين واحدٌ لا يتجزّأ، فعندما يتعرض العراق لخطرٍ ما فهو لا يميّز بين مواطنٍ وآخر او بين شبرٍ واخر، فالعراق وحدة واحدة، التاريخ والجغرافية والحاضر والمستقبل والمصير، ويخطئ من يتصوّر ان بامكانه ان يتجنّب الخطر اذا داهمَ جزءاً دون آخر، او اذا تحايل عليه بالتّسميات القاصرة والتافهة التي تناقض الواقع والحقيقة، فلقد ظنّ القادة الكرد فترة من الزمن بانهم جمعوا في ايديهم كلّ اسباب القوة والمنَعة فلا شيء يهدّدهم بعد الان حتى اذا داهم الخطرُ بقيّة اجزاء العراق، اذا بهم يجدوا انفسهم فجأة وجها لوجه مع نفس الخطر الذي دهم الموصل والرمادي وديالى وبغداد وغيرها من مناطق العراقِ ومدنهِ، وبطول حدودٍ تجاوزت (١٣٠٠) كم، وها هم اليوم مشغولون بالدفاع بعد ان ظنوا انهم في مرحلة هجوم!.. كم مرّة سمعنا بعضهم يتحدث عن ان الإقليم سينأى بنفسهِ عن أيّ صراعٍ (شيعي - سني) على حد وصفهم! ليكتشف بعد أيّام بأنّ جوهر الخطر ليس كما كان يتصور، وانّما هو خطرٌ عام يحدق بكلّ العراق شاء ام ابى، وهو جزءٌ مُستهدفٌ منه!. ولذلك، فانّ علينا جميعاً، كعراقيين، ان نتنازل قليلاً لبعضنا لنواجه المخاطر المحدقة، والا فسنضطر للتنازل كثيراً جداً، ولغيرنا، لمواجهة نفس الخطر!. نتنازل قليلاً لبعضنا لنُبعد الخطر عنّا، والا فسنتنازل كثيراً لغيرنا لنحارب الخطر في عقر دارنا!. لنلتقي جميعاً في منتصف الطريق، فلا يستبدّ احدٌ على الاخر، ولا يستأسِد احدٌ على الاخر، ولا يشترطَ احدٌ على الاخر، ولا يتقاطعَ احدٌ على الاخر، فلقد راينا كيف انّنا جميعاً أصبحنا في مهبّ الريح وعلى كفّ عفريت عندما داهمنا الخطر. وكيفَ تحوّل السياسيون المنفوخون الذين ينفشون ريشهم ويحدّوا أسنانهم على زملائهم، الى ما يشبه النملة المفروكة، فاصفرّت وجوههم خوفاً ورعباً بعد ان كانوا يتفاخرون بقوّتهم!. امّا الذين ظلوا يتشبّثون بمقولة (نار الارهابّيين ولا جنّة الصفويّين) و (نار الافغان والعربان ولا جنة الشروگيّة) فلقد ثبت لهم، على ما اظن! انّهم على خطأ فضيع، ولربّما كانت ضارّةً نافعةً ان تمدّدت (الفقاعة) لتضلّل سماء مناطقهم مدّة من الزّمن ليتأكّدوا من خطأ ما يذهبون اليه، فعسى ان تعلّمهم التجربة حقيقة انّ التعايش مع اهلهِم ابسط ثمناً وأقل كُلفة من القبول بسلطة الارهابيين ولو للحظة واحدة. ما ضرّ (السّنة) لو انّهم استوعبوا التّغيير وقبِلوا الواقع الجديد الذي تشكّل بعد سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣؟. ما ضرّ (الكُرد) لو انهم توافقوا على خيرات البلاد من دون تزمّت وابتزاز؟. ما ضرّ (السّلف) لو انّه لم يصنع الأزمات الواحدة تلو الاخرى مع بقية شركاء الوطن؟. اذا بمن ظل مُعانداً، والاخر الذي ظل يبتز الميزانية، والثالث الذي اعتاش على الأزمات، يتسبّبون بكلّ هذه الأزمة الأمنيّة الخطيرة التي يمر بها العراق. فهلْ مِن مُتّعِظ؟!.