حجم النص
بقلم :ناصر سعيد البهادلي
اثبت ما يسمى بالربيع العربي وبشكل قاطع الدور الرئيسي - ان لم يكن الوحيد – للخارج في عملية التغيير للانظمة القائمة في بلدان العالم الثالث ، اثبت هذا الربيع بان دور شعوب المنطقة هو تنفيذ ارادة الدول الكبرى المتحكمة بلعبة الامم ، واصبحنا موقنين بان مستوى الوعي للشعوب تحدده هذه الدول وبما لايتجاوز الخط الاحمر الذي رسمته له ، وهذا الوعي المتشكل من وسائل الاعلام والاتصال المعلوماتي المتحكمة بها هذه الدول جعلت الشعوب اداة طيعة لما يضخ اليها من معلومات وافكار توجهها وفقا لمصالح الدول الكبرى ، فليس غريبا ان نكتشف اليوم مقبولية وجود الكيان الصهيوني في منطقتنا على الرغم من اجرامه وتاريخه البشع مع شعوب المنطقة قاطبة ، وليس غريبا ان نجد امريكا وبريطانيا وعلى الرغم من تاريخ دعمهم للانظمة الدموية في المنطقة ورهن مصير شعوب المنطقة بارادة هذه الدول ان تتخلى عن انظمة الديكتاتوريات لترسم ديمقراطيات مدجنة تتوائم مع مصالحها، وليس غريبا ان نجد اللون الطاغي في اعلامنا العربي يتفق مع مصالح الدول الكبرى حتى بات الصديق عدوا والعدو صديقا......
كتاب كثر نجد كتاباتهم مفتونة ومنصاعة بوعي او بدون وعي نحو تشكيل وترسيخ الاجواء النفسية لدى شعوب المنطقة للسير خلف اوامر ورؤى ومصالح الدول الكبرى والكيان الصهيوني ، فالحراك والصراع في المنطقة وبملاحظة مقدماته وشروطه نجد المآل يعارض ما تطمح اليه شعوب المنطقة من تحرير ارادتها ، فهاهي دول التخلف وهدر كرامة الشعوب والانسان مثل قطر والسعودية نجدها حاضرة في هذه المقدمات لتقدم الى شعوبنا الديمقراطية الموعودة على طبق من ذهب !!! ، وضرب الاعلام والكتاب عرض الجدار المبدأ العقلي فاقد الشيء لا يعطيه ليصبح التطبيل منهجهم لدول التخلف وهدر الكرامة.....
العراق وجد نفسه في خضم هذه اللعبة الدولية الكبرى فاقدا لارادته وتتقاذفه تجاذبات الصراع في المنطقة ذات اليمين وذات الشمال ، وجد العراق ارادته تتجزأ الى ارادات متناقضة ومتصارعة ووفق ارتباط الكتل السياسية مع الاجندة الخارجية ، فهاهي العراقية والتحالف الكردستاني تنخرط وبشكل لافت الى محور امريكا السعودية قطر في لي عنق العراق للسير في ركاب هذا المشروع على الرغم من الادراك التام بانه يستبطن ارادة اسرائيل ومصالحها ، والتحالف الوطني يقدم رجلا ويؤخر اخرى للانخراط بمشروع ايران وسوريا وحزب الله في مواجهة الاردة الامريكية والاسرائيلية ، ومن الغباء اليوم ان نبحث عن الاستقلال والحياد في خضم هذا الصراع لعدم توفر امكانات شروط الاستقلال ووقوع العراق في بؤرة الصراع ولعبة الامم ....
روسيا والصين تنفض الغبار عن نفسيهما لتدخل وبشكل قوي حلبة الصراع في لعبة الامم برفع الكارت الاحمر في وجه امريكا وحلفائها من دول المنطقة ، ايران تتوائم مع هذا اللوبي المنتفض ضد امريكا وحلفائها السعودية وقطر وتركيا ، وهذين المحورين وصراعهما هو الذي سيحدد مستقبل المنطقة.....
العراق لا يسمح له بالخروج من ازماته وتشكيل دولته خشية ان يضاف كعنصر مؤثر في لعبة الامم ، موقعه وثقافة مجتمعه وارتباطه الديني والتاريخي بقضية فلسطين يجعل ادراك امريكا واسرائيل بان العراق اذا ما خرج من ازماته سيكون حليفا للمحور الشرقي قبال المشروع الغربي ، ولذا لابد من وجود قوى عراقية تعرقل هذا الخروج ، ومن هنا نستطيع ان نتفهم سياق المواقف لساسة الكرد والعراقية في عرقلة اي نهوض للعراق وبناء دولته ، وكذلك نستطيع ان نتفهم التدهور والفساد المستشري في الطبقة السياسية والعراق عموما ، بل وكثير من الازمات ترتبط - اما بصورة مباشرة او غير مباشرة – بارادة المحور الغربي لكيلا يتمكن العراق من لعب دور يعارض هذا المحور ....
أقرأ ايضاً
- المسرحيات التي تؤدى في وطننا العربي
- وللبزاز مغزله في نسج حرير القوافي البارقات
- وقفه مع التعداد السكاني