- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
في رحاب شهر رمضان الكريم/الجزء الأول
حجم النص
بقلم : عبود مزهر الكرخي
يهل علينا في هذه الأيام شهر كريم شهرٌ كريم وشهرٌ فضله الله تعالى على بقية الشهور وسماه شهر الله والذي قال نبينا الأعظم في حديثه القدسي الشريف ((كل عمل بني آدم له إلا شهر رمضان فهو لي وأنا اجزي به))وهو الذي فيه تتجلى فيه أسمى آيات العبادة والتجلي والتضرع لله جل وعلا وفيه تفتح أبواب الإجابة حيث تكون فيه الدعوات مستجابة وتفتح أبواب الجنة من الذين تعتق رقابهم من النار وتغلق فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين وتصب رحمة رب العباد على الخلائق أكراماً لهذا الشهر العظيم شهر الرحمة والمغفرة.
فحري بعبادنا المؤمنين أن ينتهزوا هذه الفرصة والاستباق في طلب العفو والمغفرة والاستيزاد من هذا الشهر الفضيل شهر الخير والبركة.
الصيام من الناحية المادية:
فرض الله سبحانه وتعالى على عباده الصيام في هذا الشهر الكريم واعتبر الصيام ركن من أركان الدين الخمسة وجعله في مستوى الأركان الخمسة الأخرى وهي((الصلاة والصوم والحج والزكاة والولاية)) ولم يجز لأي من المؤمنين من الرجال والنساء بعدم الإتيان به كما في حالة النساء في الصلاة في حالة الدورة الشهرية لهنّ بل وجب عليهنّ قضاءهُ وشدد على الصوم وقلص حالة الإفطار في الأمور الواجبة التي نص عليها قرآننا الكريم وضمن الأحكام المتفق عليها وهذا مما يرفع قيمة هذا الشهر الفضيل والعظيم المنزلة عند الله جل وعلا.
وأحكام الصوم هو ما نص عليه القرآن والسنة النبوية وأئمتنا المعصومين(عليهم السلام أجمعين) بوجوب الامتناع عن الأكل والشرب من طلوع الفجر الصادق وإلى غروب الشمس أي إلى صلاة المغرب ووجدت أحكام لهذا في الامتناع عن المفطرات المادية والمفطرات الروحية والتي تجعل الصائم.
فالصوم فقط سنه الله صحة وفوائد للمسلمين وقد قال نبينا الأكرم محمد(ص) في الصوم ((صوموا تصحوا)) وقد أثبتت الدراسات الطبية والعلمية عن الصوم فأثبتت عدة فوائد منها تخلص الجسم من كل السموم الزائدة نتيجة تناول الأدوية والعقاقير وكذلك التخلص من السمنة الزائدة وتجديد الجسم بالطاقة والحيوية وإعطاء راحة للجهاز الهضمي وكل الأجهزة لكي يتم بعدها العمل بصورة مريحة واعتيادية وغير ذلك من الفوائد الطبية والصحية والتي لا زال العلماء يكتشفونها في الصوم يوماً بعد آخر.
هذا للصوم من الناحية المادية ولكن هناك
الصوم من الناحية الروحية :
والتي هي الأساس في هذا الامتناع عن ملذات الدنيا وتسليم روح وجسد العبد لله سبحانه وتعالى والتفرغ للعبادة والتوجه بكل جوارحه وأحاسيسه لله تبارك وتعالى جل جلاله وهنا يبدأ الجهاد الأكبر الذي أعتبره هو الصيام الحقيقي في الصوم والذي هو الأساس والذي في صيامنا تم تربيته لنا والتركيز من قبل نبينا الأكرم محمد(ص) والأئمة المعصومين من بعده فالصوم هو عبادة روحية وليست فقط مادية وقد قال خاتم الأنبياء سيدنا محمد(ص) ((قد أقبل عليكم شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور،وأيامه أفضل الأيام،ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله،وجعلتم فيه من أهل كرامة الله،أنفاسكم فيه تسبيح،ونومكم فيه عبادة،وعملكم فيه مقبول،ودعاؤكم فيه مستجاب،فسلوا ربكم بنيات صادقة،وقلوب طاهرة))من هنا جاءت التركيز على العبادات في هذا الشهر الفضيل وقيل في القرآن الكريم في آياته المحكمات ((قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم)) الفرقان آية 77
فهنا نركز على أخواننا وأخواتنا المسلمات بالدعاء والإكثار منه والتأكد من استجابة الدعاء لأن أبواب كما قلت سابقاً منفتحة وفي الدعاء المأثور ((اللهم أمرتنا بالدعاء وضمنت لنا الاستجابة)) فضمان الاستجابة هو في هذا الشهر الكريم.
فالامتناع عن ملذات الدنيا والدخول في محراب العبادات والدعاء والصلوات هي تمثل تهذيب النفس وراحة النفس وكما في قوله تعالى ((الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب))الرعد آية 28وهي أعلى مراحل الطمأنينة وراحة النفس والتي من خلال هذا الشهر الكريم الدخول في العبادات وذكر والابتعاد عن كل الفواحش ما ظهر منها وما بطن في شهر رمضان لكي يتم الوصول إلى هذه النتيجة العظيمة في بقية الشهور ولكي تكون النفس خالصة مسلمة لله سبحانه وتعالى.
ونلاحظ أن هذا الشهر يركز على الأعمال من قراءة القرآن إلى النوافل والصلوات والدعاء وحتى الصدقة وإفطار الصائمين واعتباره من الأمور المستحبة بالوجوب التأكيدي فهذه هي التي ترفع منزلة العبد عند الله التي يجزى عليها أفضل الجزاء حتى في الحديث القدسي يقول جل وعلا ((كل عمل بني آدم له إلا شهر رمضان فهو لي وأنا اجزي به)) فأن فرض الصلاة الذي يتم الصلاة فيه ليس كالفروض في الأيام العادية والصلاة على محمد تقرب من شفاعته صلوات الله عليه وعلى آله وعتق فيه الرقاب في آخر ساعة من نهار الصوم وفي كل ساعة من ليلة الجمعة ونهارها والأعمال كلها ترفع إلى البارئ فيتقبلها بقبول حسن أليس مذكور في زيارة أمين الله لمولانا أمير المؤمنين(ع) ((وعداتك لعبادك منجزة ...إلى وأرزاقك إلى الخلائق من لدنك نازلة وعوائد المزيد إليهم واصلة ..إلى وجوائز السائلين عندك موفرة وعوائد المزيد متواترة وموائد المستطعمين معدة ..إلى أخر الزيارة)).
فهنا يجب أن نقبل على مائدة الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر الكريم لكي نستزيد منها ونأخذ جوائزنا المعدة من قبله في مغفرته ورضوانه وعتق رقابنا من النار ففي الالتزام بأحكام الصوم والتأدب في هذا الشهر المبارك شهر الخير والرحمة والبركة وأن تكون إعمالنا وأوردانا كلها ورداً واحداً وأن نجازى عليها أوفر الجزاء بعمل أعمال شهر رمضان والمستحبات وأن نكون من أحسن عبيده الذين ينظر الله إليهم فيقول ويتباهى بهم أمام ملائكته ويقول(( أنهم أمرتهم بعبادتي وصوم شهري فاستجابوا وأطاعوني وأني قد غفرت لهم وعتقت رقابهم من النار)).
فطوبى لمن أحسن صيامه في هذا الشهر الفضيل ولنحسن صيامنا باجتناب المعاصي والفواحش والإقبال على مائدة الله التي أعدت لعباده المتقين والتي في جزءنا الآخر سوف نتعرف ماهية الأعمال التي نقوم لكي تقربنا من نيل الجائزة والظفر بهذا الشهر الكريم من الذين يرحمهم ويغفر ذنوبهم ويعتق رقابنا من النار أنشاء الله أنه سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أقرأ ايضاً
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- الأولويّةُ للمواطنِ وليسَت للحاكم
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني