حجم النص
تطرق ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في العتبة الحسينية المقدسة في 24/ رجب/ 1433 هـ الموافق 15/6/2012م فيما يتعلق بعمليات التفجير الإجرامية التي ذهب ضحيتها المئات من المواطنين الأبرياء وزوار الإمامين الكاظمين ( عليهما السلام) وعناصر الأجهزة الأمنية، وقال ان هذه الأعمال الإجرامية تضع الأجهزة الأمنية أمام تحدٍّ كبير وتقع عليها مسؤولية وطنية كبيرة بإزاء عدم توقف هذه الأعمال الإجرامية وازدياد عدد ضحاياها.
وزاد سماحته إنه ما تزال هناك ثغرات في الأداء المهني الأمني وعدم وجود جهد استخباري صحيح وفاعل إضافة إلى إن الصراع السياسي له دور مساعد في بقاء هذه الأعمال الإجرامية، مستدركا إنه لا ينكر إن هناك عناصر أمنية خيّرة ووطنية ومضحية تعمل من اجل توفير الأمن للمواطنين ولكن في نفس الوقت لا تزال هناك ثغرات أمنية سببها وجود فساد لدى بعض العناصر الأمنية وعدم كفائة مرضية لدى البعض الآخر إضافة إلى عدم وجود جهد استخباري صحيح وفاعل.
وأضاف إن الصراع السياسي له دور مساعد في استمرار هذه الأعمال الإجرامية لان هذا الصراع يعطي شيء من الأمل لدى المجاميع الإرهابية لتحقيق مآربها من خلال استغلالها لهذه الصراعات السياسية فيضاف إلى ذلك دخول عدة جهات إقليمية وتدخل دول أخرى في الملف العراقي بصورة سلبية .. كل ذلك تجعل المسؤولية الوطنية كبيرة جداً على الأجهزة الأمنية لمعالجة هذه الثغرات وتفعيل الجهد الاستخباري.
وبيّن إن المرجعية الدينية العليا تتوجه بالثناء والتقدير لجميع الزائرين والمواطنين الذين اظهروا مستوى عال من الشعور بالمسؤولية الوطنية من جهة ضبط عواطفهم ومشاعرهم وأعصابهم تجاه هذه الأعمال الإجرامية خصوصا ً وان اغلبها تستهدف مكوناً معيناً وما نراه من مشاهد مأساوية لضحايا هذه الأعمال الإجرامية، وفي نفس الوقت تحمّل المواطنين وصبرهم وضبط مشاعرهم وأعصابهم وعدم حصول ردات فعل غير منضبطة فان ذلك يعكس حجم الصبر والتضحية التي يقدمها هؤلاء من خلال عدم حصول أي رد فعل يهدّد الوحدة الوطنية لأبناء الشعب العراقي أو يفاقم الوضع الأمني، بل نجد الصبر الجميل والاستعانة بالله تعالى في تحمّل هذه الظروف وبالتالي يستحق هؤلاء المواطنين والزائرين كل ثناء وتقدير لما يتحلّون به من وعي وطني وديني، وأمل سماحته منهم ديمومة هذا المنهج والاستمرار بأداء مراسم الزيارة بهذه الطريقة الحضارية.
وعن تناول سماحته في الخطبة السابقة عن مجموعة أسئلة يطرحها مجموعة من المسؤولين الذين يعايشون الفساد المستشري في الكثير من دوائر الدولة .. استعرض في هذه الخطبة منهج الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في مكافحة هذه الآفة وقال إنه يعتمد على ثلاثة أركان ( طرحت ضمن ملف قدمه بعض المعنيين بملف الفساد) أوجزها بما يلي:
الركن الأول: التدابير الوقائية
وتتمثل في بيان المعايير الصحيحة في كيفية اختيار المسؤولين ووضع رقابة سرية وعلنية على أدائهم، والتلويح بعقوبات قاسية وعواقب وخيمة لمن تسول له نفسه الفساد.
الركن الثاني: تشخيص الفساد
باعتماد آليات قانونية أصولية لكنها سريعة وفعّالة تؤدي إلى ثبوت الجرم بما لا يقبل الشك وتهيئ الفاسد لمرحلة المحاسبة والعقوبة.
الركن الثالث: العلاج
الذي يجب أن يتسم بالسرعة والحسم والمتكون من جانب مادي ( عقوبة + استرداد الحق) وجانب معنوي شمل التشهير بالمفسد وإسقاط قيمته المعنوية علناً وجعله نموذجاً شاخصاً أمام الآخرين يمنعهم ويردعهم من اقتراف فعلته.
وعن ضرورة الوقاية من الفساد قال سماحته إنه يمكن معرفته من خلال عهد الإمام علي (عليه السلام) إلى مالك الاشتر حينما ولاّه مصر .. وتمر الوقاية من الفساد بالاختيار الصحيح للمسؤول وفقاً للأسس التالية:
أ- اختياره من شريحة اجتماعية ذات تاريخ مشرّف، يقول (عليه السلام) ( وتوخّ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة وذلك بان يكون المرشح قد توفرّت له تربية صالحة خلال فترة زمنية كافية ( القدم في الإسلام) تمتاز على حديثي العهد بالإسلام حيث تشربت وهضمت مبادئ الإسلام وترسخت مبادئ النزاهة والعفة لديهم بخلاف الذين دخلوا في الإسلام حديثاً وبعد أن أصبح الإسلام سلطة حاكمة مما يثير احتمال إيمانهم بدافع ضمان المصالح الشخصية وحب المكاسب.
ب- أن تتوفر صفتان في الشخص صاحب القدم في الإسلام وهي:
1- التجربة والحياء اللذان يمنعانه من الممارسات الخاطئة والمخجلة.
2- عدم إسناد المسؤولية كمكافأة أو إكرام للأشخاص.
وأكد سماحته على إن المسؤولية أمانة ولا يجوز تقديمها كهدية إلى احد أفراد الأهل أو العشيرة أو إلى رفاق الدرب بحجة إنهم تحمّلوا مسؤولية الكفاح والنضال أو لكونه احد أبناء مدينته وهكذا.
وأوضح إن المسؤولية هنا في الاختيار تضامنية تقع على عاتق الجميع ابتداء من الكتلة السياسية التي ينتمي إليها المسؤول بحيث يكون اختياره وفق هذه المبادئ، والمحاصصة السياسية وان كانت تفرضها واقع نتائج الانتخابات وتمثيل هذه الكتل في مجلس النواب لمكونات الشعب العراقي ولكن هناك – كما نجد حالياً – محاباة في الاختيار من جهة اختيار القادة للكتل.
وفي جانب آخر من خطبته لفت سماحة الشيخ الكربلائي إلى فترة المراهقة للشباب والتي تعد من الملفات الخطرة في مجتمعنا، وتحدث عن ظاهرة انتشرت في الفترة الأخيرة وهي جنوح هؤلاء المراهقين نحو بعض الممارسات اللا أخلاقية وتفاقمها لدى البعض الذي وصل حد ظهور سلوك إجرامي لديهم يتمثل بالقتل للآخرين.
وبيّن إن هذه الشريحة ذات المرحلة الحساسة والخطيرة في حياة الإنسان هي شريحة مهمة لأنها في مستقبلها تمثل شباب هذا الشعب وكوادره المستقبلية، فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع من الأسرة والأبوين بالخصوص والمدرسين والمعلمين والدولة والمجتمع.
وحث الجميع على ملاحظة خصوصية هذه الفترة ومواصفات وصفات المراهق فيها ولخصها بالأمور التالية:
1- يحاول المراهق الاستقلال الشخصي من سلطة الأسرة والمنزل وعن التبعية للآخرين، وطالب الآباء والأمهات والمعلمين التعامل البنّاء والمتفهم لهذه المرحلة فيتعاملون معه كالأخ المحب والأمين له ويتطلب ذلك التوجه اللين والمحبّب إليه والمصارحة له وتهيئة الأجواء الملائمة لإشباع حاجاته وتهيئة الثلّة الصالحة لمرافقته.
2- لابد أن يشعر الآباء والأمهات والمعلمون بخطورة ترك المراهقين يستقلون تماماً في تصرفاتهم وخصوصاً مصاحبة أصدقاء السوء وارتياد الأماكن التي لا يؤمن على مستقبلهم وأخلاقهم وسلوكهم منها.
3- إقامة مؤسسات وأماكن لممارسة الهوايات والألعاب البريئة لهؤلاء المراهقين والشباب لشغل وقت الفراغ.
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- تركيا تحذر من تأجيج الصراع في الشرق الأوسط بعد الانتخابات الأمريكية
- وزارة الكهرباء تنفي زيادة التعرفة وتؤكد استمرار الدعم الى 90%
- خبير نفطي: الإنتاج العراقي في أمان و"أوبك" تتحكم رغم الأزمات الإقليمية