- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العلاقة بين الحكومة و العشائر
ان كثرة المؤسسات والجهات التي تهدف الى اقامة علاقة مع العشائر لابد أن ينتج عنه كثرة الاراء والتصورات التي تأخذ بالاعتبار حاجة هذه المؤسسة أو تلك، الامر الذي من شأنه أن يؤدي الى تقاطعات وتعارضات وتباين حاد قد يصل في بعض الاحيان الى أحداث شرخ في هذه العلاقة، وليس العكس وفي اطار هذا التشخيص علينا أن نقرأ الرقعة الحكومية العامة في التعامل مع العشائر، هناك الان اللجنة العشائرية التي انبثقت من مكونات الهيئة العليا للمصالحة والوفاق الوطني، والاسبق من ذلك هناك وزارة دولة لشؤون العشائر. فضلاً عن اللجنة العشائرية في مجلس النواب، ناهيك عن الصلات. والحلقات التي يقيمها هذا المسؤول العراقي أو ذاك في تشكيل نواة لتنظيم عشائري ينسبه له ، وقد تشكلت مجالس وعقدت مؤتمرات عشائرية انتهى مفعولها العام بانتهاء انعقاد المؤتمر، وجميع تلك المؤتمرات بدون استثناء كانت لاغراض اعلامية، ومحاولات لخلق أهمية سياسيه واجتماعية لبعض العناصر على أساس أنها فاعلة في الوسط العشائري. ليس كل من تصدر الدواوين أصبح عارفاً، وليس كل من لبس العقال وتمنطق بالجاه الاني هو وجيه أو شيخ عشيرة، وأقول الان ليس كل من استطاع أن يجمع عشرة أو عشرين أو ثلاثين أو حتى مئة من أبناء العشائر في مؤتمر وما يتمخض عنه من تصريحات وطروحات استطاع أن يجير الوضع العشائري لصالح هذا المسؤول أو ذاك. ولقد ثبت أن الحكومة أصلاً بحاجة الى عمل مركزي موحد في العلاقة مع العشائر، وينبغي أن لا يتم التصور بأن الحكومة تحتاج العشائر لمقتضيات أمنية، لان مثل هذا الشعور يهز العلاقة مع العشائر وليس العكس علمـاً أن (الكلمات ليست أعمالاً كبيرة) بأستمرار، وطبقا لشهادات ميدانية قامت بها المديرية العامة لشؤون العشائر التابعة لوزارة الداخلية، أن رؤساء العشائر ووجهاءها يهمهم أن يتعاملوا مع جهات مسؤولة واحدة توصل أصواتهم للمسؤولين. وأن تعدد الجهات مع الوعود الفنتازية التي يغرقها البعض أضاع الكثير من المطالب العشائرية وليس العكس. وبالاتساق مع هذا الطرح أشير الى حقيقة مهمة وهي أن العشائر ليست بحاجة الى أطار تنظيمي جديد على وفق المقترح الخاص بتشكيل مجلس وطني للعشائر العراقية، المطروح امام دولة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي. وانما الحاجه الى المزيد من الانتباه الحكومي لمطالب وحقوق العشائر. وعندما وجه السيد رئيس الوزراء رؤساء المؤسسات بالانتباه والاهتمام الخاص بالعشائر ، فانما وضع دولته الامور في نصابها الحقيقي، خاصةً وان حاجة الحكومة الى العشائر ليست هي حاجه امنيه، فحسب بل انها حاجة وطنية عامة، وان من المسؤوليات الاساسية للمسؤولين هو بالانفتاح على مطالب المناطق والعشائر، وقد ثبت من دراسات ميدانية قام بها الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات التابع لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي حجم التخلف والضرر الذي تعاني منه المناطق العشائرية. ربما هناك من يقول ان تشكيل المجلس الوطني للعشائر العراقية سيجعل الدولة على مقربه من حقوق وهموم العشائر ومطالبها، واقول بدقة ان الحكومة لا تنقصها المعرفة بالواقع العشائري فهناك جهد متواصل تقوم به وزارة الداخلية ومن خلال المديرية العامة لشؤون العشائر على اكثر من صعيد وامر. ومن خلال المديريات الفرعية لشؤون العشائر، وبالامكان الاستفسار من السادة المحافظين ومجالس المحافظات لمعرفة جهد الوزارة في هذا الشأن. وهو جهد ناجح واعطى نتائج مهمة جداً لكن المشكلة (ان البعض يغني على ليلاه) وليس وارداً لديه ان يتعرف على هذا الجهد وهو جهد متنوع ولا يقتصر على الموضوع الامني مع العلم، وحسب معرفتي الادارية بالتوجه الحكومي العام ان السيد رئيس الوزراء ووزير الداخلية لا يريدان قطعاً تحويل العشائر الى جهاز امني، وانما على وفق الاهداف الحكومية العامة، وما يريدان ان تكون المناطق العشائرية امنه ونظيفة، خالية من البؤر الارهابية والجريمة العامة. والامن هناك يأتي في منظور عام وشامل ويعني الامن للعشيرة الواحدة والامن بين العشائر ايضاً. وفي هذا المجال نستطيع ان نؤكد ان وزارة الداخلية ومن خلال المديرية العامة لشؤون العشائر، استطاعت ان تفض بالحوار والطرق السلمية اكثر من (172) نزاعاً وخلافاً بين العشائر خلال العام الماضي 2007. والمؤكد ان انهاء هذه الخلافات يصب لصالح الامن العام للمجتمع العراقي وبالنسبة للانشطة الامنية العامة بالتعاون مع العشائر فهي متعددة ومتجددة ايضاً. وعودة على بدء نؤكد ان ما تحتاجه الحكومة للعمل في الوسط العشائري ليس هو في تكوين أغطية تنظيمية جديدة، وأنما تعزيز دور وزارة الداخلية لأنها الأكثر دراية ومسؤولية في التعاطي مع العشائر . كما تحتاج الحكومة أصلاً الى أن يحرص المسؤولون فيها في اطار الوزارات الخدمية ومجالس المحافظات على اعطاء المزيد من الاهمية للعمل الحكومي المنظم الذي أخذ بنظر الاعتبار أن المناطق العشائرية هي الاحوج الى الخدمات العامة من المدن نظراً لحجم التخلف والتأخر في ذلك. وأن اقامة مدرسة جديدة أو مركز صحي أو مركز خدمي زراعي أو مؤسسة اجتماعية في منطقة عشائرية هو الطريق الامني الناجح لتعزيز الصلة مع العشائر.