
تشهد العلاقات الاقتصادية بين العراق ومصر نهجاً تصاعدياً على مختلف المستويات مع توقيع البلدين 12 مذكرة تفاهم على هامش زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى بغداد، الخميس الماضي، على رأس وفد ضخم ضم عشرات رجال الأعمال ورؤساء الشركات المصرية الفاعلة في قطاع البنى التحتية والإنشاءات، فيما وقع رؤساء وممثلو شركات مصرية عقوداً مع عدة وزارات ومؤسسات عراقية خلال الزيارة.
وأكد مدبولي أن الشركات المصرية تعمل في العراق على مدار السنوات العشر الماضية، وأصبحت لديها قدرة كبيرة على تنفيذ المشاريع التنموية بأعلى جودة، معلنًا عن توقيع 12 مذكرة تفاهم جديدة، بعد أقل من عامين على توقيع 11 مذكرة تفاهم في المجال الاقتصادي والاستثماري والمالي أيضًا.
بالمقابل، كشف رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أن التعاقدات مع الشركات المصرية لتنفيذ مشروعات البنى التحتية تجاوزت 600 مليار دينار عراقي (460 مليون دولار)، خلال الفترة الماضية. وقال مسؤول في وزارة التجارة ببغداد، إن هناك تفاهمات على رفع القدرة التشغيلية للأيدي العاملة المصرية في العراق إلى نحو 100 ألف شخص خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن الأيدي العاملة المصرية ستكون حرفية ومتخصصة في المجالات التي تضطلع بها الشركات المصرية الحالية، والتي يتجاوز عددها 20 شركة تعمل في مجال البناء والإنشاءات والبنى التحتية، وضمن مواصفات تنافس التركية والإيرانية.
فرص مختلفة في العراق
وأكد عضو البرلمان العراقي علي المياحي، أن هذه الاتفاقيات تساهم في تعزيز البنية التحتية وتوفير فرص عمل جديدة للشباب العراقي، وستكون هذه الخطوة بداية لمرحلة جديدة من التعاون الذي يعود بالنفع على الشعبين.
وأوضح أن البرلمان العراقي ملتزم بمراقبة تطبيق هذه الاتفاقيات وضمان أن تعود بفوائد ملموسة على المواطن العراقي، خصوصاً في مجالات توفير الطاقة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وفي هذا السياق، قال الباحث الاقتصادي أحمد صباح إن الانفتاح المصري على العراق خطوة إيجابية، لكن نجاحها يعتمد على التنفيذ الفعلي والالتزام بالاتفاقيات، وخاصة أن الجانب المصري يمتلك خبرات في مجالات البنية التحتية، والإسكان، والطاقة، وهي مجالات حيوية للعراق، خاصة مع تحديات إعادة الإعمار.
وبيّن صباح، أن هناك تحديات كبيرة تتمثل في البيروقراطية والفساد وعدم الاستقرار الأمني، وهو ما قد يعرقل أي استثمارات طويلة الأمد، مضيفاً أن العراق بحاجة إلى سياسة اقتصادية متماسكة تضمن تنويع مصادر الدخل بدلاً من الاعتماد شبه الكلي على النفط. وأكد أن العراق إذا استطاع الاستفادة من هذا الانفتاح بشكل استراتيجي، فقد يكون ذلك بداية لشراكة عربية أوسع تعزز التكامل الاقتصادي في المنطقة.
وبين صباح أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، وتسعى مصر إلى تعزيز حضورها الاقتصادي في العراق عبر مشاريع إعادة الإعمار، والاستثمار في قطاعات مثل الطاقة والإسكان والبنية التحتية.
وأوضح أن الاستثمارات المصرية في العراق تشهد توسعًا ملحوظاً، وأن عدداً من الشركات المصرية الرائدة تعمل حالياً في العراق، من بينها المقاولون العرب، بتروجيت، السويدي إليكتريك، إنبي، وصان مصر، حيث تساهم هذه الشركات في مجالات الطاقة، النفط، البنية التحتية، والنقل.
وأشار إلى أن "التعاون الاقتصادي بين البلدين يعكس رغبة العراق في الاستفادة من الخبرات المصرية في مختلف القطاعات، لا سيما في ظل توجه الحكومة العراقية لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع الدول العربية، وفي مقدمتها مصر".
ووفقًا لتقديرات وزارة العمل العراقية، يبلغ عدد المصريين العاملين في العراق حوالي 40 ألف شخص، وهو أعلى معدل منذ عام 2003، يعملون في مجالات متنوعة تشمل الطب، الهندسة، الإنشاءات، والأعمال الحرة مثل تربية الدواجن، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد في السنوات المقبلة نظراً للاتفاقيات المبرمة بين البلدين ووجود عدد كبير من الشركات المصرية العاملة في العراق.
المصدر: العربي الجديد
أقرأ ايضاً
- تركيا وBKK.. هل يغادران العراق بعد مبادرة السلام؟
- العطل في العراق.. خسائر فادحة وشلل للمؤسسات الرسمية
- المصارف العراقية وواشنطن.. هل ستؤدي "المصالح الحزبية" لأزمة كبيرة؟