على بساطتهم وقلة ارزاقهم أسس اهالي " جلعة شخير" في الديوانية موكبا حسينيا منذ تسعون عاما توارثه الاجداد والاباء والابناء والاحفاد واحفاد الاحفاد، ليقدموا الخدمة ويقيموا العزاء في جميع المناسبات التي تحيي ذكر محـمد وآل محمـد فمن طبخ قليل وفرش لبارية القصب وماء يقدم في "الحِب" الى انفاق بعشرات الملايين، حتى وصل الى احفاد يخدمون الزائرين وقاتلوا الارهابيين.
تأسيس الاجداد
ويسرد كفيل موكب "انصار الحسين " من قضاء سومر في محافظة القادسية "عبد الحسين عريبي كاظم" قصة موكبهم لوكالة نون الخبرية بالقول ان" الموكب تأسس منذ العام (1935) عندما كان قضاء "سومر" في الديوانية يسمى " جلعة شخير" في العقد الخمسيني وما قبله، وأسسه اجدادنا من شيبة اهالي القضاء و تساهم فيه جميع العائلات والعشائر، ويقيمون مجالس العزاء لمدة (12) يوما من ليلة الاول من المحرم ولغاية الحادي عشر منه، ثم يذهبون قبل ايام من الزيارة الاربعينية الى محافظة كربلاء المقدسة لتقديم الخدمة للزائرين، وكان الموكب يقام في "بيت شعر"، ورغم الاحوال الاقتصادية الضعيفة حينها الا انهم كانوا يقدمون الطعام والشراب للمشاركين في احياء الشعائر والزائرين واغلبها التمن والمرق وقليل من اللحم، وتبدأ خدمتهم من مطلع محرم الى العاشر منه في منطقة حي سومر عبر اقامة المجالس الحسينية التي تتضمن محاضرة دينية ومجلس لطم، وتبدأ المجالس في التنقل بين مجموعة من البيوت ثم تختتم في جامع امامه ساحة واسعة تفرش بـ"البارية المصنوعة من القصب" عند منتصف ليلة العاشر من المحرم، وبعدها تبدأ خدمتهم في العاشر من شهر صفر الى العشرين منه في زيارة الاربعينية في محافظة كربلاء المقدسة، وبتعاون من اهالي كربلاء المقدسة الذين يخصصون لهم ساحة لتقديم الخدمة بالمشاركة في الموكب، وكان اجدادنا يصرون على مشاركة الاطفال في الشعائر الحسينية لزرعها في نفوسهم، ويوفرون الملابس السوداء لهم ورايات سوداء صغيرة يلوحون بها، وانتقلت منهم الى اجيال متعددة حتى وصلت الينا، اما مجالس العزاء النسوي في قضاء سومر قديما وحديثا فهي مستمر من الاول من المحرم الى العشرين من صفر دون انقطاع، وتتنقل النساء مع "الملاية" يوميا في اكثر من بيت للمشاركة في العزاء".
خمس مناسبات
يسكت "ابو علي" ويسحب نفسا من سيجارته ليتذكر تاريخ مباشرته في الخدمة الحسينية ويتنهد قائلا " لم تكن خدمتي ومشاركتي اعتيادية، حيث كنت امشي مع مجموعة من اقاربي اصدقائي (5) مرات خلال العام الواحد في مناسبات استشهاد آل البيت او ولادتهم، وفي مقدمتها العاشر من المحرم واربعينية الامام الحسين (عليه السلام) وعيد الاضحى والخامس عشر من شعبان ووفاة السيدة الزهراء، وبالرغم من ان السير من قضاء سومر الى كربلاء المقدسة يستغرق حاليا يومان فقط، الا اننا كنا نسير لمدة (8 ــ 10) ايام حتى نتمكن من الوصول الى كربلاء بسبب التضييق الامني والمطاردات، حيث نتعمد السير ليلا في البساتين، ونلجأ الى مجموعة من خدام الحسين "رحمهم الله" الساكنين في البساتين الذين يستضيفونا في بيوتهم نهارا الى صلاة المغرب ويطعموننا ثم يرشدونا ليلا على الطرق ويسيرون معنا لمسافة (10) كيلومترات ثم يتسلمنا خادم اخر ليسلمنا الى ثالث وهكذا، كما يضعون لنا وسيلة انارة التي كانوا يسمونها "الفسفوسة" وهي زجاجة يوضع فيها النفط الابيض وفتيلة تربط بالتمر من رأس الزجاجة، على الطرق البعيدة لنعرف اي طريق آمن نسلك".
احفاد الاجداد
ويكمل حديثه عن خدمة الزائرين في موكبهم العريق بالقول" بعد زوال النظام المباد اقيم العزاء بحضور خطيب حسيني ورواديد لمدة عشرة ايام في قضاء سومر بمحافظة القادسية مع تقديم الشراب والطعام واغلب الحاضرون هو احفاد واحفاد الاحفاد لمن أسس الموكب، ثم في الزيارة الاربعينية نبقى من الاول الى العشرين من شهر صفر في حسينية بمنطقة "باب طويريج" بمدينة كربلاء المقدسة، وتقتصر على خدمة الزائرين عبر تقديم وجبات الطعام والشاي، وامكنة المنام الباردة صيفا والدافئة شتاءً للزائرين، اما في ذكرى وفاة السيدة الزهراء (عليها السلام) فنقيم العزاء والمجالس على ايام وفاتها حسب الروايات الثلاثة، وكذلك نقيم مجالس العزاء والاطعام في ذكرى وفاة السيدة زينب (عليها السلام) في قضاء سومر ومدينة كربلاء المقدسة، وفي ذكرى استشهاد الامام موسى بن جعفر ننصب موكب الخدمة في مدينة الكاظمية المقدسة منذ العام (2003) لمدة ستة ايام من التاسع عشر من شهر رجب الى الخامس والعشرون منه، وساعدني اصحاب محال تجارية بالسماح بنصب الموكب امام محالهم، ونقدم ثلاث وجبات طعام، وعبر تلك السنين وبسبب الدعم الكبير من اهالي قضاء سومر ازدادت الخدمة عاما بعد آخر، حتى وصلنا الى تقديم نصف كارتون بيض لاعداد اكلة (الباقلاء بالدهن) للزوار كون العراقيين يرغبونها، والغداء ونطبخ كيسين من الرز مع ثلاث كارتونات دجاج، ومرق فاصوليا او سبيناغ او تبسي في الوجبة الواحدة، والعشاء مشويات من الكباب وغيره".
انفاق وقتال
ويعرج "ابو علي" على حجم الانفاق على الموكب قائلا ان" قيمة المبالغ التي ننفقها خلال العام الكامل بمجموع الزيارات تصل الى (70 ــ 80) مليون دينار، منها (22) مليون دينار في الزيارة الاربعينية، ويساعدني في الخدمة حوالي (19) خادم موزعين على الطبخ واعداد الطعام وتقديم الشاي، ويساعدنا ايضا اصحاب المحال التجارية في الكاظمية، واهالي كربلاء في الاربعينية، كوننا نفسح المجال لغيرنا لنيل الاجر والثواب في تقديم الخدمة للزائرين"، مؤكدا ان" مناسبتي استشهاد الامامين الهادي والعسكري نشارك فيها بتقديم الخدمة في سامراء المقدسة، وكذلك في محافظة واسط بذكرى استشهاد الصحابي "سعيد بن جبير"، وشاركنا في دعم المقاتلين بالدعم اللوجستي وشراء عدد من النواظير الليلية للمقاتلين قيمة الواحد منها (1800) دولار، كما دعمنا المقاتلين بسلة تضم مجموعة حاجات يحتاجونها مثل رصيد للهاتف النقال وجواريب وملابس داخلية ومناشف، وشاركت انا ومعي مجموعة من الخدام الحسينيون في القتال ضد عصابات "داعش" الارهابية ضمن تشكيلات فرقة العباس القتالية".
قاسم الحلفي ــ الكاظمية المقدسة
أقرأ ايضاً
- لزيادة الخدمات الطبية للمواطنين.. العتبة الحسينية تنقل تجربة مستشفى السفير وتقدم دعمها لثالث مستشفى حكومي في كربلاء المقدسة
- في مؤتمر أمنائها العامين.. توافق بالاجماع على دعم العتبات المقدسة بالتخصيصات كونها تقدم مختلف الخدمات(صور)
- ترعاه العتبة الحسينية المقدسة.. لاول مرة في العراق اجراء (130) عملية زراعة نخاع عظم في مركز المجتبى