- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المواجهة الجنائية لعصابات التسول
بقلم: سندس نوري حسان/ ماجستير قانون جنائي
ظاهرة التسول من الظواهر الاجتماعية السلبية المنتشرة في كثير من المجتمعات، مع وجود فوارق في مدى انتشارها وحدتها من مجتمع لآخر، والاخطر من ذلك ان هذه الظاهرة اخذت تظهر بأشكال اكثر اجرامية واحترافية حيث اصبحت هذه الجريمة ترتكب من قبل جماعات اجرامية دولية منظمة، فتقوم هذه الجماعات الاجرامية بإغواء الاطفال للخروج عن سلطة والديهم واستغلالهم بعد ذلك في التسول وقد تصل المسألة الى خطف الحدث، كما قد تصل في بعض الاحيان الى إحداث عاهات في جسد الشخص عمداً ومن ثم استغلاله في التسول لاستدرار العواطف، بل وصل الامر لأعظم من ذلك حيث صار الانسان لدى هؤلاء المجرمين الضالين مالاً يباع ويشترى، فهناك عصابات منظمة تقف خلف التسول وتفضل النساء والاطفال المتشردين وتخفي خلفها ظواهر اشد خطراً مثل تجارة الاعضاء والمخدرات والدعارة.
وهو نشاط من انشطة عصابات الجريمة المنظمة وبعض التشكيلات الاجرامية يدر ملايين الدولارات. ان هذه الجريمة اخذت في الظهور والبروز بشكل واسع في شتى انحاء العالم. وفي العراق فقد انتشرت في الآونة الاخيرة ظاهرة استغلال الاطفال والنساء بالتسول من قبل عصابات تقف خلف التسول على حساب الحط من كرامة الانسان وإيذاء يصل في بعض الاحيان الى حد الموت الحقيقي او المعنوي، ونظراً لخطورة هذا النشاط الاجرامي وآثاره المدمرة على حقوق الانسان وكيان المجتمع فقد اخذت التشريعات الجنائية الوطنية دورها في مجال مكافحة هذه الظاهرة بالتجريم والعقاب عليها، واتبعت في سبيل ذلك سياسة جنائية متلائمة مع درجة خطورة تلك الجريمة واثرها السلبي على المجتمع، ومن قراءة نصوص قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل يتضح أن المشرع قد عاقب في المادة (390) عن جريمة التسول وقد جعل الحبس عقوبة اصلية لها، وذكر بعض الظروف المشددة، ولم ينص على جريمة عصابات التسول كما لم يجعل من ارتكاب التسول من قبل عصابات ظرف مشدد، الا انه عالج احكام هذه الجريمة ضمن قانون خاص لمكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012، وبما يتلائم مع خطورة هذه الجريمة.
ووفقاً لهذا القانون فقد اعتبر هذه الجريمة من جرائم الاتجار بالبشر وذلك في المادة الاولى من هذا القانون التي عرفت الاتجار بالبشر وجعلت احد صور الاتجار بالبشر استغلال الاشخاص بالتسول، ونصت المادة (5) من هذا القانون على عقوبة هذه الجريمة والتي نصت على عقوبة السجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد عن عشر ملايين دينار، وقد شدد العقوبة الى السجن مدة لا تزيد على (15) سنة وبغرامة لا تزيد على (10000000) عشر ملايين دينار في حالة ارتكاب الجريمة بأستخدام اي شكل من اشكال الاكراه كالابتزاز او التهديد او حجز وثائق السفر او المستمسكات الرسمية او استخدام اساليب الاحتيال لخدع الضحايا او التغرير بهم او اعطاء مبلغ مالي او منافع للحصول على موافقة من له السلطة او الولاية عليهم، وفرض عقوبة الاعدام في حالة واحدة اذ تسبب فعل الاتجار بموت الضحية هذا بالنسبة للشخص الطبيعي، اما الشخص المعنوي فقد شملها نطاق العقاب والتجريم إذ فرض عليها عقوبة الحل او الايقاف من مزاولة النشاط كحد اقصى للعقوبة وفرضت كذلك العقوبات المالية الغرامات، إذ ثبت اشتراكها في الجريمة.