- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
التوازن الاسري ..مفتاح الاستقرار وحل ازمة

بقلم:علاء السلامي
حتى عام 2003 كانت مسؤوليات الاسرة تتوزع بين الاب الكادح عن لقمة العيش خارج المنزل وبين الام ربة البيت لادارة شؤونه الداخلية ومتابعة امور الجميع على ان هذا النمط الاسري الذي سار لسنوات وسنوات رفضه الجيل الجديد بسبب التغيرات التي طرأت على البلاد لاسيما في وقتنا الراهن ، باعتبار ان تنوع المسؤوليات لابد ان تستند على اساس التساوي بين الجنسين ، "فمثلما للرجل طموح ، فللمرأة طموح ايضا ، فلماذا نسلب الحقوق مادمنا بشر سواسية خلقنا الله تعالى من طينة واحدة رغم الاختلاف البايلوجي الذي لايؤثر اطلاقا على الانماط العقلية" وبالتالي الوصول الى اعلى سلم للنجاح الذي يتفاوت بين شخص واخر ، هذا الامر لايختلف عليه اثنان مع التغير الحاصل " ولا اسميه تطورا كون للتسمية معاني كثيرة" في كل مفاصل الحياة العامة ومن ضمنها الاجتماعية ، وهنا يفرض السؤال نفسه لماذا اذن كثرة نسب الطلاق عن السابق ولماذا وصلنا في بعض الاحيان الى التفتت الاسري الذي اثر سلبا على البنية الرئيسية للمجتمع ؟ لربما يعود الامر الى عدة اسباب ابرزها غياب الوعي وضياع تلك الادوار الرئيسية بين الاب والام اللذان يشكلان العمود الفقري للاسرة واي خلاف او اختلاف بينهما يؤدي بالتالي الى اعتلالها وتفاقم الاوضاع بداخلها ما يوصل الى ابغض الحلال وتفرق جميع الافراد..
ان المعرفة الحقيقية بالحقوق والواجبات الاسرية وبالتالي تبني الادوار بشكل طبيعي دون تعدٍ سيؤدي بسير سفينة الاسرة وسط امواج بحر هادئة ورياح خفيفة نحو الامان والاطمئنان العائلي ، وبالتالي استقرار المجتمع ، باعتبار ان الاسر السليمة هي الاساس الحقيقي لأي مجتمع سليم ومعافي فرغم الظروف الحياتية المختلفة لابد للطرفين من معرفة ذلك والاخذ به على محمل الجد وتطبيقه حرفيا وبالتالي يتولد شعور ايجابي عند الاطفال وتتميز الادوار لا شعوريا من خلال تحولها الى سلوك جمعي يؤخذ به مستقبلا في اختيار شريكة حياتهم المستقبلية ، هذا الامر ليس مثاليا بل واقعيا الى حد كبير من خلال التفاهم مع المقابل قبيل الارتباط على الخطوط العريضة وتطبيقه فور الارتباط ، اذ لامشكلة من تعاون الجميع في بناء الاسرة فسابقا كانت المراة لا تعمل في خارج المنزل والان اصبح دورها مشاركا في الدخل البيتي (والحديث هنا عن العائلة السوية) ولابد من تعاون الرجل بأعمال البيت كي تمضي الامور ، حتى لا نصل الى الفوضى المنزلية التي تسبب مشاكل عديدة ، ولابد للمرأة ان تكن الاحترام لذلك الرجل الذي شمر عن ساعديه لمعاونتها والتخفيف عن كاهلها ، وايضا عدم اشعاره بان تلك الامور اصبحت من مسؤولياته المباشرة ، ولابد ايضا عند اسهامها بشراء بعض الامور عدم بيان الامر على انها اصبحت كحاله في امور الصرف ، وان يؤخذ بزمام الامور المنزلية كون ذلك سيؤدي الى تخبط الادوار عند الابناء وتتحول الى ردود فعل سلبية ضد بعض الامور التي يطرحها الاب او الام لاسيما المصيرية منها ولايؤخذ برأييهما بعين الاعتبار ، لذا لابد ان تُشعر المرأة اولادها بان مايقوم به زوجها هو من سبيل المساعدة والتعاون " اذا كان ابيكم من يقوم ببعض الاعمال المنزلية للمعاونة فلابد من الجميع ان يتعاون لتمضي الامور " وبالمقابل يجب على الرجل احترام راي زوجته وعدم الاستهانة به خصوصا امام الاطفال وان يعطي زوجته المكانة التي يهابها الاطفال ويحترمونها كي لا يقللوا من شانها سيما في مرحلة المراهقة .
ان عملية البناء الاسري وحساب بعض السلوكيات التي تقلل من شان الوالدين امام الاطفال لابد من عدم الاستهانة به ، كي يعلم الاولاد حدود ومكانة الاب والام ، وهنا يتبادر الى الذهن لو جعلنا للتعامل حدودا لربما ستتوّلد هوة بين الوالدين وابنائهم خصوصا في مرحلة عمرية تعد خطيرة هي مرحلة المراهقة ..
نقول سواء شاء الوالدين ام ابوا فهناك امورا شخصية لا يحب الابناء مشاركتهم بها وهنا يبرز دورهم في عملية المراقبة باختيارهم للأصدقاء بحذر شديد دون ان يشعروا به ، وايضا مشاركتهم الى حد كبير في عملية القرارات المصيرية التي يتخذونها دون اجبار ..
ان عملية بناء الاسرة السوية ليس سهلا لكنه في الوقت ذاته ليس بالمستحيل فالإرادة الحقيقية ان تولدت للطرفين بشكل جدي واحترام الادوار لكل منهما وفهم الحقوق والواجبات سيتحول بمرور الوقت الى سلوك عند الاطفال وبالتالي نستطيع تدارك الخطورة التي وقع بها المجتمع الى حد ما وتقليل تلك النسب المخيفة من الطلاق والفراق ..
أقرأ ايضاً
- انتهاء الازمة الروسية الأوكرانية وتأثيرها الاقتصادي على العراق
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- ازمة الكهرباء تتواصل وحديث تصديرها يعود الى الواجهة