رغم المشاكل الكثيرة التي تعتري عمل المولدات الأهلية في العراق، من جشع وسطوة وتلاعب بالأسعار، إلا أنها باتت الملجأ الوحيد للعراقيين في توفير الكهرباء.
ومع نقص الخدمات وتردي الوضع الاقتصادي، فضلا عن ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من خمسين درجة مئوية، كشف مجلس محافظة بغداد، عن ضغوطات لإفشال نصب “العدادات” للمولدات الاهلية.
إذ قالت رئيس لجنة الكهرباء في المجلس نورا الجحيشي، في تصريح صحفي، إن “عملية نصب العدادات في المولدات الاهلية في مناطق العاصمة، كان الهدف الأساسي منها السيطرة على أسعار تلك المولدات ومنع استغلال معاناة المواطنين بالكهرباء، لكن كانت هناك ضغوطات مختلفة لإفشال هذه العملية”.
وأضافت أن “هناك مناطق محددة في العاصمة بغداد شهدت نصب عدادات داخل المولدات، لكن لا نعرف ما أسباب الإخفاق في اكمال هذا المشروع رغم أهميته، ولهذا سيكون لنا حراك لمعرفة أسباب ذلك، وسنعمل على استضافة الجهات المسؤولة عن ذلك، كما سنتحرك لنعرف ما تكلفة هذا المشروع المالية ولماذا أهمل وتوقف”.
وكان مجلس محافظة بغداد، شدد يوم الأحد الماضي، على ضرورة متابعة عمل المولدات الأهلية في العاصمة بعد عملها على استغلال المواطنين دون رقابة حقيقية.
وكشف رئيس لجنة النفط والغاز في مجلس محافظة بغداد، صفاء المشهداني في 15 آب الماضي، عن “استحصال موافقة مجلس الوزراء على تطبيق تجربة خصخصة الكهرباء في منطقة المنصور ثم ناحية المأمون، لينتقل بعدها إلى تطبيقها في جميع مناطق العاصمة تباعا”، مبينا أن “المجلس سبق أن صوت على جعل تسعيرة المولدات لشهري آب وأيلول 8 آلاف دينار للخط العادي، و12 ألف دينار للخط الذهبي”.
يشار إلى أن مجلس محافظة بغداد، أعلن في وقت سابق، استلام قسم شؤون المواطنين في المحافظة ما يقارب 600 شكوى شهريًا ضد أصحاب المولدات من قبل المواطنين.
ولجأ العراقيون الى المولدات الكهربائية منذ نحو ثلاثة عقود لتأمين ساعات اضافية من الكهرباء، كبديل وحيد لسد العجز المتزايد في التجهيز، بعد تدمير البنى التحتية وشبكات الطاقة اثر حرب الخليج الثانية، ومع تقادم عمر المحطات الكهرو-مائية فضلاً عن التزايد السكاني والتوسع في استخدام الأجهزة الكهربائية وعلى رأسها المكيفات.
وفشلت الحكومات المتعاقبة، في معالجة المشكلة رغم انشاء محطات انتاجية جديدة. واستمر العجز نتيجة تضاعف الاستهلاك وفشل بعض المشاريع وتردي شبكات النقل، ما يضطر السكان وأصحاب الأعمال الى استخدام المولدات الأهلية لسد النقص.
كما أن عوادم هذه المولدات تسهم بنحو كبير في التلوث البيئي وتهديد صحة السكان في المواقع القريبة، بحسب متخصصين، لاسيما أن ارتفاع أسعار الديزل (الكازوايل) يدفع أصحاب بعض المولدات الى استخدام النفط الأسود ما يضاعف نسبة التلوث وبالتالي المخاطر الصحية.
يضاف الى ذلك استهلاك كميات كبيرة من المياه لتبريد محرّكات المولدات، ناهيك عن ما تلفظه من زيوت، الى جانب الأخطار التي تنجم عن ملايين الأمتار من الروابط الكهربائية العشوائية بين محطات التوليد والمنازل والمتاجر.
مع وجود 6 ملايين و700 الف مشترك في خطوط المولدات الأهلية، بحسب الارقام الرسمية، فإن دفع كل مشترك منهم شهريا لمبلغ 30 الف دينار فقط -وهو الرقم الأدنى لأي اشتراك- يعني تجاوز المبالغ المدفوعة للمولدات الـ 200 مليار دينار شهرياً.
وفي كل الأحوال تظل احصائيات نفقات المواطنين المسجلة على الكهرباء، مؤشراً على أن الحصة الأكبر من ايرادات بيع الكهرباء في العراق تذهب الى المولدات الأهلية بدلاً من وزارة الكهرباء، إذ يبلغ سعر الأمبير الواحد من مولدات الكهرباء الأهلية المدعوم وقودها من الدولة 10 ألف دينار(7,60 دولار) للإشتراك العادي (لساعات محدودة في اليوم) و 15-25 الف دينار (11,45 إلى 19,08 دولار) لما يسمى بالأمبير الذهبي (يتمتع مشتركوه بتيار كهربائي متواصل لمدة 24 ساعة).
ويعزو مسؤولون عراقيون جزءاً من تراجع امدادات الكهرباء، خلال بعض الفترات، إلى توقف ضخ الغاز الإيراني المستورد والذي يشغل محطات تنتج 8 آلاف ميغاواط، أي بحدود ثلث انتاج محطات الكهرباء الوطنية، لكنهم في العادة يتجنبون الحديث عن الأسباب الأخرى وعلى رأسها الفساد الذي تسبب في هدر مليارات الدولارات في مشاريع غير كفوءة.
وأدى هذا العجز الى بقاء سوق المولدات الأهلية نشطاً، رغم أن غالبيتها قديمة وتصدر محركاتها المتهالكة دخاناً أسوداً (دقائق الكربون) إضافة إلى الضوضاء العالية، بسبب عدم التزام الكثير من أصحابها باستخدام ما يعرف بكاتم صوت المحرك.
وفي تصريح صحفي لوكيل وزارة التخطيط للشؤون الفنية ماهر حماد جوهان، ادلى به في 2023، أشار الى ان الجباية الحكومية لأجور الكهرباء، لا توفر سوى 6% مما تنفقه الدولة سنوياً على الطاقة الكهربائية، مبرراً عدم امتلاك وزارة الكهرباء لعائدات تمكنها من تحسين خدمة الطاقة.
وفي ذات الجانب، يشير تقرير لوكالة الطاقة الدولية، إلى أن قدرة العراق الإنتاجية من الطاقة الكهربائية تبلغ نحو 32 ألف ميغاواط، ولكنه غير قادر على توليد سوى نصفها بسبب شبكة النقل غير الفعالة التي يمتلكها، كما تشير التقديرات إلى أن العراق يحتاج إلى 40 ألف ميغاواط من الطاقة لتأمين احتياجاته، عدا الصناعية منها، فيما وقت يحتل فيه المرتبة الخامسة عربيا والـ50 عالميا من أصل 211 دولة مدرجة في الجدول كأكبر مستهلكي للكهرباء في العالم حسب مجلة CEO WORLD الأمريكية.
أقرأ ايضاً
- عمليات بغداد: المناطق التي تنتهي فيها عملية التعداد السكاني سيرفع عنها الحظر
- النزاهة تعلن الإيقاع بأربعة متهمين في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد الدولي
- الاستخبارات العسكرية تطيح بعصابة تتاجر وتروج بالمخدرات والممنوعات في بغداد