- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حول التكامل الداخلي لاقتصادنا
بقلم: ثامر الهيمص
بعد انحسار الثلاثي, الزراعة والمياه والازهار, تحجم القيمر والعنبر والعسل, كطليعة لاولى الضحايا التي تترى من الاسماك الى اللحوم والبيض, حيث عصف الاهمال وسوء الاداء والتصحر بفضل قاطرة الفساد’ التي ترمي بلاويها على الجار واصدقاء الصدفة اولا, فهؤلاء كانو ولا زالوا لا يهابون الناطور, الذي يذود عن البستان, بتسلل من ثغرات مصنعة بين القطاعات الثلاثة الزراعة والصناعة وخدماتهما, اذ الاخيرة تجنست والزراعة تصحرت والصناعة في عهدة و رعاية وزارة المالية.
فمثلا لدينا معركة الاسماك, تقول لنا ان البحيرات غير المجازة سببا اساسيا داخليا في شحة المياه مبكرا’ رغم توفر البدائل في عملية الاقفاص داخل النهر ولكن فشلت او تراجعت, مما يعني فوضى في عالم الثروة الحيوانية, وهكذا في عملية السقي الحديثة’ المنظم الحيوي لفوضى السقي التقليدية’ ايضا ساهمت مباشرة في شحة المياه داخليا كما تقول وزارتي الزراعة والموارد المائية.
وهكذا جفت الاهوار والحبانية, هنا التكامل القطاعي مفقود اي عمودي, فوزارة الصناعة تعلن عن صناعة المرشات منذ سنوات واسمعت لوناديت, لان الفوضى اجدى بدون كلف حتى من ابسط الغرامات او الرسوم او الضرائب. التي تسمى عندنا ماليا الموارد غير النفطية لكي تبقى صادرات النفط الخام المحتكر الاكبر لنفوذ السلطات الثلاث. لنستورد المشتقات بثلاثة مليار دولارسنويا, نجم عن ذلك جدار عازل بين الصناعة النفطية والصناعة عموما والزراعة من خلال الاسمدة البترو كيمياوية وغيرها من ديزل او دهون, ونبقى ايضا بدون زفت التبليط الذي لا يشرف بنيتنا التحتية, سيما ونحن نستقبل طريق الحرير ومشروع الفاو الكبير.
لا نريد ان نطنب بالحديث عن القطيعة بين القطاعات الثلاثة كأعمدة للاقتصاد الحقيقي, فقطاع الاستيراد العذول الذي يسعى بين الاعمدة عازلا مجمدا مدمرا, فالتوجهات الحالية تبعث اشارات وومضات باتجاه يتقاطع مع تراكمات سوق العملة واجازات استيراد من جزر الواق واق لم نسمع بها او منتجها, وما يكتنف من غسيل وتبيض فاحت زاكمة انوف النزاهة الحكومية حاستنا الوحيدة عمليا وراس حربتنا. وهذا يعني اننا محاصرين من الداخل كما اسلفنا, اما التحدي الاكبر, فهو اولا دوليا اذ الصراع بين العملاقين يجد نفسه في بلدنا اكثر من اي جار بعد ان حسم الاقليم تحيزاته الوطنية, فعلينا ضبط بوصلتنا الدولية اولا ففشل امريكا في فيتنام في القرن الماضي وجهت وجهها للصين وزيارة نكسون وفشلها في العراق. ففشل هذه المحاولات ولدت اخفاقات ليس فقط ازمة جديدة للهيمنة الامريكية بل اطلق عليها ازمة الجولة الاخيرة, قد تساعد على خلق الشروط والظروف المناسبة لولادة اتحاد لمجموعة السوق العالمي ذات المصالح المشتركة في ظل حضارات مختلفة كما تصورها ادم سمث قبل (230) عام. (د.محمد سعيد العضب /ادم سمث في بكين / مقال في ملحق المدى /تشرين ثاني 2016), هل نقول بدون تحفظ ان اجتماعي البريكس الاخير وال جي 20 في مشاريعهما طريق الحرير والممر التجاري سيلتقيان في مشروع الفاو الكبير؟ المعطيات التجارية الدولية تقول كذلك حيث الجدوى الاقتصادية اولا. مما يقتضي تكامل وتعاضد اركان اقتصادنا الحقيقي لخدمة طريق التنمية كونه الاجدى من باقي المشاريع التي تطرح الان. هذا المناخ الدولي الان اضافة الى ضغط مشاكل البيئة التي هي ليست مجرد ظاهرة عابرة انها مستمرة وشاملة تقتضي جهد دولي حقيقي.
اما موقفنا الاقليمي الموحد لاقتصادنا الحقيقي, هو علينا غلق تجارة الترف التي اوصلتنا نتيجة الانفتاح الحدودي الى المخدرات ومن يخدمها داخليا, الذين يتخادمون مع المبيضين والغاسلين والمهربين وصولا للدواعش. هذه ببساطة نقطة ومنصة التعاطي’ بها تحسم مشاكل المياه عندما تكون مرشاتنا الوطنية وترشيد مياهنا والجوفية منها ستخفف الضغط على اليد التي توجعنا وبعد صيانة وتوسع خزاناتنا وتوسع زراعتنا وثروتنا الحيوانية وبعد سيادية وكرامة حدودنا وكماركنا بعد الاستباحة.
السؤال الاعظم (ما العمل), في الريف لكي نصعد للمدينة من خلال تكامل القطاعات الثلاثة فلدينا تجربة, ففي الريف لدينا شواهد على ذلك عملية بين التحدث والتقليدي. فقرى ربيعه في الموصل لدينا من المشروعات السائدة في المنطقة: 38 مشروع للبستنة و42مشروع لتربية وتسمين الخراف, وعلى اية حال تعاني قرى ربيعة من شحة الموارد المائية المستقرة. ومن المتوقع الا تستمر هذه الحالة طويلا, فمن المتوقع ان تصبح هذه المنطقة مجهزة بنظام خاص للري وذلك ابتدأ من عام 1990. (د. هوشيار معروف / تصنيع الريف في الاقطار النامية /ط اولى 1989). هذه التجربة قبل شحة الان ومدى الاهتمام بها, تصنيع الريف اذن شرط اساس, بذلك لا يمكن ان نصنع الريف بذات الادوات الاجتماعية فقط بكل الاحوال اذا لم تصاحبها نقلة في المفاهيم نحو الحداثة. فالريف العراقي عموما لا يزال شكليا على الاقل يتنفس اجواء القبيلة بتقاليد جذورها بدوية لا تحترم المهنة, فقد قوض الغاء القانون القبلي من جانب الدولة عام 1956 وتطبيق قانون الاصلاح الزراعي في عام 1958 والمراسيم ذات الصلة في عام 1963 و 1964 السلطة الاجتماعية للشيوخ والاغنياء وقاد بعد عام 1966الى زوال نفوذهم السياسي على المستوى الوطني على الاقل.
وساهمت الاجراءات ذاتها في المزيد من اضعاف الروابط القبلية. كما قلل تقسيم الملكية من تلاحم الاسر الممتدة. (حنا بطاطو /فلاحو سورية /ص/64 / 2014).
بكل الاحوال لم نسمع ان قبائل تحالفت من اجل التنمية, الا اذا تحولت قبيلة الى دولة كما حصل لدول الخليج مثلا, وهذا الاستثناء الذي يثبت القاعدة, من انه لابد من دولة بعلم واحد لشعب واحد.
فاستحداث مديرية في وزارة الداخلية بأسم مديرية شؤون العشائر. الطارئه على عشائرنا الكريمة, والتي لا تشبع ولا تغني عن جوع مجرد اسماء وعناوين براقة, لاعداد الولائم الباذخة لبعض الاسماء, اذ وصل التمادي للاعضاء ان يدعو السفيرة الامريكية على وليمة في احد المضايف لشيوخ العشائر’ وهم يتزاحمون للسلام عليها. (جريدة الصباح /صفحة اراء /ليوم 26/اب/ 2023).
ما علاقة ما تقدم امام هيمنة الاستيراد للمحاصيل الزراعية, ففي قول لعضو اتحاد الجمعيات الفلاحية في ديالى يقول ان 85% في المائة من المحاصيل الزراعية المعروضة في اسواق المحافظة مستوردة من دول عدة, رغم ان المحافظة تضم اراضي زراعية واسعة. (طريق الشعب /10 /ايلول / 2023.
عمليا تدهور الريف امتد الى المدينة كما نسمع ونرى من ان طبيب دفع 80 مليون دية لذوي مريض رغم انه توفى بسبب وضعه الحرج وتوقيع ذويه على العلاج ونتائجه. (مصدر سابق /ليوم /27/اب /2023), ناهيك عن خلق بيئة طاردة للاستثمار صناعيا او زراعيا او خدميا.
فاذا لم تتخادم القطاعات الثلاثة لايسعنا التفكير بالتنمية وطريقها وغيرها من الرؤى الاقليمية او الدولية مالم تحسم مسألة الارض.
والبداية من الريف الذي بات سكانه اقل من ربع السكان ليمتد الى المدن والضواحي.
لذا نكرر ان اقامة شركات مساهمة في الريف بموجب انتاجها التقليدي وتساندها المصارف الرسمية وغيرر الرسمية, ويكون اثرياء ووجهاء العشائر هم المؤسسين ويفتح المجال واسعا للمساهمين بحيث يكونو من ضمن شركات هيئة الاوراق المالية اي معترف بها ومكفولة من الدولة او المصارف. كما ان التصنيع الزراعي ينبغي ان يكون حاضرا بمواده الخام من الزراعة العراقية بمعمل مجاور لتصنيعها من معجون الطماطة الى قصب السكرو البنجر الى نباتات الزيتية وصناعة الزيوت ناهيك عن التعبئة والتغليف والنقل.
وهذا يساهم مباشرة بتحويل المكتنز من الكتلة النقدية البالغة 115 ترليون دينار الى الادخار في المصارف بدلا من مجازفات حالية لدى الصيارفة وعمليات الربى الان التي احيت سامكو التسعينات.
هذا الخيار الوحيد اي بعد تضامن وتكافل القطاعين العام والخاص المتعثرة قوانينه ومشاريعه لحد الان, هو اي هذا الخيار نكون مؤهلين لعضوية نادي الدول المحترمة كما هي في الشرق الاوسط بعيدا عن الوصاية والحديقة الخلفية, واول اجراء كخط شروع احترام سيادة الحدود بما يخدم مشاريعنا في القطاعات الثلاثة. ونعم الوكيل الله.
أقرأ ايضاً
- تساؤلات حول مصداقية المحكمة الاتحادية
- تطبيع الاعلام حول مجازر غزة
- الفساد العلمي بوابة تحول المعرفة إلى سلاح في يد الفاسدين