- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شرح دعاء اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك
بقلم: الشيخ محمود الحلي الخفاجي
(اَللّـهُمَّ اغْسِلْني فيهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَطَهِّرْني فيهِ مِنَ الْعُيُوبِ، وَامْتَحِنْ قَلْبي فيهِ بِتَقْوَى الْقُلُوبِ، يا مُقيلَ عَثَراتِ الْمُذْنِبينَ).
- الدعاء المبارك يشتمل على ثلاثة أمور سنتكلم عنها تباعاً بتوفيق الله وعونه:
- الأمر الأول:
الطهارة المعنوية. الطهارة لها معنيان:
- الاول: هو الطهارة المادية أي النظافة وإزالة الأوساخ.
- الثاني: الطهارة المعنوية وهي المعنية في الدعاء والتي تعني طهارة باطن الإنسان، وقد أشارت إليها بعض الآيات القرآنية مثل قوله تعالى: (كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ). أو قوله تعالى: (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ).
فطهارة باطن الإنسان تعني أن هناك أدران وأوساخ الذنوب والمعاصي ورذائل الأخلاق لابد من إزالتها لأن إبقاؤها يزيد من تلويث القلب بشكل تصاعدي مع اتساع سعته فيشكل حجاباً على قلب الإنسان فتنعدم الرؤية عنده لحقائق الأشياء وهذا أعظم خطر يواجهه الأنسان، ومن هنا تدعوا الضرورة إلى ازالة هذا الحجاب وهذا الرين وتطهير القلب من أدران وملوثات المعاصي، وهذه الإزالة تكون بوسيلتين:
١- المدوامة على أداء الفرائض الإلهية والإشتغال بذكر الله عز وجل.
٢- محاولة الحفاظ على التوازن الروحي فلا تفريط في جانب دون الآخر حيث أن التفريط في أحدهما ينتج عنه الإنحراف السلوكي وتزداد تراكمية الذنوب شيئاً فشيئاً.
والغسل هو هجر المعاصي وإحلال الفضائل الحميدة محلها. وشهر رمضان شهر الطهارة والمغفرة، وشهر تربية النفس وتزكيتها.
- الأمر الثاني:
الطهارة من العيوب (وَطَهِّرْني فيهِ مِنَ الْعُيُوبِ). وهناك طهارة متممة للطهارة من الذنوب وهي الطهارة من تلك النواقص التي لا تليق بشأن الإنسان فضلاً عن المؤمن حيث أنها تشمل حتى المباحات، فالأكل في حال المشي أو في الطرقات أمر مستهجن، أو القهقهة في الأماكن العامة أمر معيب ويعد منقصة أو ارتداء ملابس غير مناسبة والخروج فيها خارج المنزل... وكل ما يسيء إلى الآداب العامة. هذه وإن كانت مباحة ولكنها تعد عيوباً ونواقص، وهي التي أطلق عليها الفقهاء: (منافيات المروءة)، والتي طلبت الشريعة الإجتناب عنها وهي ليس ذنوباً لكنها نواقص أخلاقية فيها إهانة لشخصية الإنسان، والإسلام أراد حالة التكامل لشخصية المؤمن، وتخليصها من كل ما ينافي المرؤة والعمل على تحصينها وذلك بعدم الدخول العارم في عالم الماديات المليء بالعيوب غير المنسجمة مع أخلاقيات الإسلام. ولا بد من البحث عن الحلول، والحلول على وجهين:
١- دفع تلك العيوب وعدم التحلي بها فهو من الأول يدفع بنفسه عن اكتساب مثل هذه العيوب.
٢- رفع هذه العيوب والنواقص التي حلت فيه واتصف بها فمن اتصف بالعجب أو التكبر أو الحقد أو الغيبة أو النميمة... يحاول رفعها عن نفسه وهذه تحتاج إلى جهد ومعاناة كبيرة.
- الأمر الثالث:
إخضاع القلب لله عزوجل (وَامْتَحِنْ قَلْبي فيهِ بِتَقْوَى الْقُلُوبِ). قلب الإنسان هو المحور وأساس سعادة الإنسان وشقاءه وهدايته وضلاله، والدعاء يعلمنا غرضاً تربوياً وهو أن نطلب من الله تعالى أن يمتحن قلوبنا أي أن يجعلها خاضعة وممتثلة له عزوجل، وحذرة منه ومراقبة له في كل تصرافاتها، فإن الإنسان إذا حل في قلبه الخوف والخشية والمراقبة فإنه يسهل عليه اجتناب المعاصي، وكلما نمت في النفس خشية الله والوجل منه، وأخذ حذره من ارتكاب المعصية كلما نمت عنده صفة التقوى والتي قوامها هذان الأمرين: (الخشية والحذر من المعصية)، وهذه نتيجة رابحة حصل عليها الإنسان بعد أن حقق نجاحاً كبيراً في أهم مضمارين وهما مضمار الطهارة المعنوية من ركام المعاصي، ومضمار الطهارة من العيوب، فكانت النتيجة النجاح الكبير والربح الغزير وهو الحصول على التقوى.
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر