- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شرح دعاء اليوم الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك
بقلم: الشيخ محمود الحلي الخفاجي
(اَللّهُمَّ افْتَحْ لي فيهِ اَبْوابَ فَضْلِكَ، وَاَنْزِلْ عَلَيّ فيهِ بَرَكاتِكَ، وَوَفِّقْني فيهِ لِمُوجِباتِ مَرْضاتِكَ، وَاَسْكِنّي فيهِ بُحْبُوحاتِ جَنَّاتِكَ).
- تناولت فقرات الدعاء (أربعة) أمور سنشير إليها تباعاً بتوفيق الله وعونه:
- الأول: الفضل.. هو الرحمة الإلهية والخير والنعم التي يختص بها الله تعالى من يشاء من عباده، و هذه الرحمة والخير لا يمكن تضييقها بصورة معينة بل هي تشمل مطلق الرحمة والخير، وسواء أكانت مادية كالثروة والمال أو معنوية كالعلم والجاه. بل يمكن القول أن كل نعمة هي فضل من الله، وأن نعمه تعالى لا تعد ولا تحصى، وأن لهذه النعم والأفضال الإلهية أبواب، ولهذه الأبواب مسالك وطرق توصل إليها، وهذه الطرق والمسالك منها يكون قريباً ومنها يكون بعيداً، بمعنى أن بعضها يحتاج للوصول الى تلك الأبواب مسافات طويلة يطويها الإنسان كي يصل إلى أبواب الرحمة والنعم الإلهية، وبعض الطرق تكون مسافته قصيرة للوصول إلى تلك الأبواب، وهذا ما أشار إليه الإمام زين العابدين عليه السلام في إحدى مناجاته: (سُبْحانَكَ ما أَضْيَقَ الطُّرُقَ عَلى مَنْ لَمْ تَكُنْ دَلِيلَهُ! وَما أَوْضَحَ الْحَقَّ عِنْدَ مَنْ هَدَيْتَهُ سَبِيلَه). وأيضاً يقول عليه السلام: (وَاَلْحِقْنا بِعِبادِكَ الَّذينَ هُمْ بِالْبِدارِ اِلَيْكَ يُسارِعُونَ، وَبابَكَ عَلَى الدَّوامِ يَطْرُقُونَ). وطول الطريق وقصره تحدد مسافاته المعنوية هو طاعتنا لله عزوجل، أي بحسب قربنا من الله بطاعته وبعدنا منه بمعصيته.
إذن.. فبلوغ تلك الغايات وطرق أبواب الرحمة والنعم الإلهية يكون بوسائل معينة وهي أداء الفرائض بمجموعها والأعمال الصالحة والأخلاق النبيلة، كلها وسائل توصلنا إلى تلك الأبواب وفتحها كي ننال تلك المنالات الهنية من لدن رب كريم، وحصول ذلك الفوز: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
- الثاني: (وَاَنْزِلْ عَلَيّ فيهِ بَرَكاتِكَ). البركة: هي الزيادة والنماء والشي الثابت والمستقر، وفي مقامنا تعني ثبوت الخير في الشيء واستقراره، وقد استعملت في القرآن كثيراً وكذلك في روايات أهل البيت عليهم السلام، ومن مقتضيات وأسباب البركة هو:
١- الإيمان والتقوى. قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
٢- الإستغفار سبب من أسباب نزول البركات. قال تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ).
وكذلك الروايات الشريفة والأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام منها: (وباركْ لنا في جميع ِالاُمُورِ)، و(وَبارِك لَنا في أعمارِنا) و(وَبارِكَ لَنا في شَهْرِنا...). والروايات الشريفة منها: ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: (البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عزوجل فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضيئ لأهل السماء كما تضيئ الكواكب). ومنها عنه أيضاً: (وإذا دخل أحدكم بيته فليسلم فإنه تنزل البركة وتؤنسه الملائكة). ومنها أيضاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وإخلاط البر بالشعير للبيت لا للبيع). ومنها: (يا كميل البركة في المال من إيتاء الزكاة ومواساة المؤمنين وصلة الأقربين وهم الأقربون - لنا).
- الثالث: مر شرحه وبيانه في أدعية قد سبق شرحها ولاحاجة للإعادة حذراً من الإطالة.
- الرابع: (وَاَسْكِنّي فيهِ بُحْبُوحاتِ جَنَّاتِكَ). البحبوحة: هي المكان الذي يتوسط المنزل، وهو أفضل الأمكنة في الدار من البقية لأنه يشكل مركز الدائرة. وبحبوحة الجنة هي أفضل الجنان، وقد أشار إليها الإمام زين العابدين عليه السلام في إحدى مناجاته: (وَاجْعَلْنِي مِنْ صَفْوَتِكَ الَّذِينَ أَحْلَلْتَهُمْ بُحْبُوحَةَ جَنَّتِكَ). فبحبوحة الجنة مكان أعدت لصنف خاص من المؤمنين المتقين وهم الصفوة من العباد الذين اصطفاهم الله تعالى فاكرمهم بكرامته فأعد لهم ذلك النعيم بفضله والمن الجسيم أنه هو المعطي الكريم الذي لا حدود لكرمه وعطاءه.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد و على آله الطيبين الطاهرين.
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر