حجم النص
بقلم:عبدالحسين الهنين
( حتى المبيعات ألنقدية ذات الاستخدام الشخصي فهي كذلك تباع في سوق البورصة ثم تجمع و ترزم و تهرب إلى أربيل ثم الى تركيا ثم دول أخرى. بمعنى ان الأصل في وجود المزاد هو تهريب عملة و ما عداه هي حاجات ثانوية ) هذه الجملة اثارت تساءل بعض الأصدقاء وهنا ارى من الواجب ان اوضح بشكل اكثر وبشكل عام :
ببساطة ان الدولار يتم تهريبه من العراق لأنه يباع بسعر رخيص و اقدر معدل الفرق في كل دولار مع اسواق اخرى غير العراق هو 17 سنت تقريبا ( بحسب سعر البيع الرسمي حاليا ) , وهذا الفرق لا علاقة له بالفرق بين السعر الرسمي وسعر البيع داخل السوق العراقية وانما هو فرق في القيمة السوقية للدولار في العراق ( السعر الرسمي ) و بين قيمته السوقية في اسواق البلدان ألأخرى ( 17% ربح كبير جدا في تجارة تشكل المخاطرة فيها Zero % )
البعض يعتقد ان القضية مرتبطة بإيران والعقوبات . صحيح هناك عقوبات مصرفية ضد ايران لكن الحوالات وهي الجزء ألأكبر من عملية بيع الدولار تتم مع دول اخرى ليس من بينها ايران بسبب العقوبات , الواقع ان اسواق جميع الدول تستقبل و ترحب بالدولار القادم من العراق , فالأمر يشمل تركيا و روسيا والصين والهند و غيرها , و حتى الولايات المتحدة نفسها لو كانت هناك فرصة او تمتلك حدود معنا او طيران مباشر . لا يوجد سبب آخر للتهريب سوى رخص قيمة الدولار في العراق مثلما كانت تهرب المنتجات النفطية لأنها كانت رخيصة وهكذا بقية المنتجات .
ايران قصتها مختلفة مرتبطة باستحقاقاتها المالية بالدولار الناتجة عن بيع الغاز والكهرباء للعراق ( حوالي ثلث انتاج الطاقة الكهربائية يعتمد على الغاز ألأيراني ) .
التهريب يتم بطريقين ألأول من خلال الحوالات بمباركة البنك المركزي و هو امر سهل من خلال تقديم فواتير صحيحة و مزيفة اما الثاني فهو التهريب النقدي الذي يحتاج الى تجميع واعادة رزم ليرسل بشكل غير قانوني الى دول اخرى , وشخصيا اعرف انه يعبر الى تركيا بشكل مباشر .
الإجراءات التي يقوم البنك المركزي مثل زيادة البيع بطريقة نقدية او اقتراح العديد من الناس ان يتم تسليم الراتب او جزء منها بالدولار , انما هو توسيع للتهريب حيث يتم توفير كميات كبيرة من الدولار تعوض لهم النقص الحاصل نتيجة رفض الفواتير المزيفة .
ما الحل ؟ و هو سؤال مشروع لكل مواطن وتحديدا ذوي الدخل المحدود الذي تقل قيمة دنانيرهم السوقية مع أي صعود لقيمة صرف الدولار في السوق العراقي .
بتقديري لا يوجد حل سريع لهذه المعضلة التي وضعنا فيها منذ ثمانية عشر عاما و نتج على اثرها و بسببها تأسيس مصارف اهلية يفوق عددها اي عدد لمثيلاتها في دول اخرى في المنطقة و هذه المصارف مرتبطة بأصحاب القرار في العراق .
بتقديري ان الحل الحقيقي الذي لن يتمكن البنك من الأقدام عليه هو ان يتبع المركزي سعر السوق الموازي وليس العكس , وان تعالج الحكومة ( وزارة المالية ) غلاء المعيشة لملايين الموظفين والمتقاعدين بمخصصات غلاء المعيشة تقرر بنسبة معينة . ربما 17% كزيادة تعتبر مناسبة وان لا تذكر قيمة صرف الدولار في الموازنة .
هذه الأموال الإضافية سوف لن تشكل خسارة باهضه مقابل عودة القطاعات الحقيقية الإنتاجية للعمل كالزارعة والصناعة التي تم الإجهاز عليها بفعل السياسة النقدية المنحازة للمنتج ألأجنبي , فحتى المعامل التي فتحت ونحن نفاخر بها انما هي مجمعات لأعاده تعبئة لمنتجات اجنبية او اجراء بعض المعالجات البسيطة لها , بل وصل ألأمر ان تلصق عبارة ( صنع في العراق ) على الغلاف الخارجي لمولدات ذات ماركات عالمية معروفة , وحتى هذه اللصقات مصنعة في الصين ايضا , ويساعد على هذه السرقات ان يتم وضع مادة في الموازنة العامة للبلاد تسمح بذلك تحت بند يمكن تسميته ب ( فساد تحت مظلة القانون )
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!