بقلم: محمد حميد رشيد
الأوضاع السياسية والإقتصادية السائدة في العراق الحالية غير قابلة للإستمرار والحديث عن التغيير يتكلم فيه الكثيرون عبر نظريات ورؤى متعددة وهناك إختلافات بين كل الأطراف على هيئة هذا التغيير القادم فهو حقيقة لا يمكن إعفالها فقط ننتظره فمن النادر أن يستمر نظام فاسد أو طاغية مفسد مهما كانت قوته وجبروته ولنا في التاريخ القديم والحديث عشرات الأمثلة لابد أن يصحى الشعب في لحظة ما ويثورعلى هذا انظام الفاسد وإن كانت فرصة الفساد أطول فيما مضى فهي الأقصر الآن في ظل العولمة وثورة الإتصالات وتحول العالم إلى شاشة صغيرة (نافذة) تطل منها على كل بقاعه تتابع ما يجري فيها بشكل مباشر لحظة بالحظة وتداخلت قضايا الشعوب مع القضايا الوطنية وأصبحت صورة على النت كفيلة برسم صور وتشكيل رأي عام عالمي وتعاطف دولي يجبر الحكومات على إتخاذ موقف قد لا يتماشى مع سياساتها (مركل وقضية اللاجئين والإتحاد الأوربي)؛ وأصبحت حقوق الإنسان شرعة دولية تخضع لها جميع الدول والأنظمة بموجب مواثيق الأمم المتحدة وهناك منظمات اممية ومحاكم أممية ودولية (من أهم هذه المنظمات «منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ـ الوكالة الدولية للطاقة الذرية ـ المحكمة الجنائية الدولية ـ المنظمة الدولية للعمالة ـ صندوق النقد الدولي ـ المنظمة الدولية للهجرة ـ الاتحاد الدولي للاتصالات ـ المحكمة الدولية لقانون البحار ـ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ـ البنك الدولي ـ منظمة الصحة العالمية ـ المنظمة العالمية للملكية الفكرية. ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان) إضافة إلى منظمات المجتمع المدني العالمية ولإعلام والصحافة العالمية وهي خاضعة للشرعة الدولية ومتاحة للجميع (أفراد أو جماعات أو منظمات) يمكن أن يتصلوا بها ويمكن الحصول على العناوين ومعلومات الاتصال الأخرى بالرجوع إلى الكتاب الأزرق للأمم المتحدة للتعرف على الوكالات المتخصصة والمنظمات ذات الصلة التي لها مكاتب اتصال في مقر الأمم المتحدة وفي الكثير من بلدان العالم ولها وسائلها في محاسبة الأنظمة الفاسدة والمجرمين والإرهابين «الذين ينتهكون القوانين الإنسانية والدولية « ومحاصرتهم وفضحهم نعم أن فرص الفساد والطغيان والإرهاب تضيق كل يوم على الطغات والفاسدين وهي أصلاً كانت ضيقة ورغم أنهم في أوج طغيانهم يمتلكهم الغرور والاستعلاء ولا يتعظون من دروس التاريخ ومن مصائر أمثالهم ممن سبقوهم من الطغاة الأوائل مثل (نيكولاي تشاوشيسكو) من أشهر الدكتاتوريين في التاريخ المعاصر.
حكم رومانيا لمدة أربعة وعشرين عاماً (من 1965 حتى 1989) بالحديد والنار والإرهاب والرعب، بعد أن أصيب بجنون العظمة وكان يطلق على نفسه القائد العظيم والملهم ودانوب الفكر والمنار المضيء للإنسانية والعبقري الذي يعرف كل شيء.
كان لا يقبل أي انتقاد ولا يبدي أي رحمة تجاه معارضته وتعامل معهم بمنتهى الوحشية وكان هناك حاشية من المنافقين يصفونه بأوصاف مبالغ فيها كوصفه بيوليوس قيصر وبالإسكندر الأكبر ومنقذ الشعب، وأن عصره هو العصر الذهبي، وبأنه الشمس التي تشع الدفء. وكانت قبضة النظام الفولاذية لا ترحم أي معارض؛ ورغم ذلك كرهه شعبه ورغم كل جبروته وعنفه المفرط وفساده ثار الشعب عليه وكانت البداية بخروج عدد من (طلبة) الجامعات في مظاهرات احتجاجية لم يسترح لمشاهدتها إذ اعتبرها تحديا شخصيا له، فأمر قوات الأمن الداخلي (سيكيوريتاتا) بالقيام بإطلاق النارعلى المتظاهرين؛ وكانت النتيجة قتل ((20 طالبا)) وهو ما أغضب بقية المتظاهرين فلجؤوا إلى العنف والثورة ولاحقته الجماهير بعد أن هرب والقي القبض عليه واعدم هو وزوجته في محاكمة ثورية! ولم تفلح كل قوى الأمن وقادته في حمايته بل إنقلبوا عليه وأشتركوا مع الثوار وسقط شلوتشسكو مع كل نظامه وزبانيته بيد الشعب الروماني! ؛ الشعب ينتصر في النهاية.
وهكذا كل الطغات رغم كل دمويتهم ثار عليهم الشعب واسقطهم رغم الدعم والأسناد الخارجي لأنظمتهم منهم في تاريخنا المعاصر زين العابدين بن علي، رئيس الجمهورية التونسية منذ 7 نوفمبر 1987 إلى 14 يناير 2011، وأول رئيس تونسي يتم خلعه من منصبه إثر احتجاجات شعبية ضد نظامه القمعي، القذافي حكم 42 سنة حتى ثار عليه شعبه وقتله. جان بيدل بوكاسو كان هو الاخر مصاب بجنون العظمة والوحشية المفرطة ومن جرائمه المشهورة قتله 100 طفل تظاهرو من أجل توفير الزي المدرسي لهم ! ؛ إسلام كريموف وكان وحشياً لدرجة أن ينقر بطون الحوامل دون قتلهم ويقتل الأجنة حتى إنتفض عليه الشعب عام 2002م ؛ ليبولد الثاني مؤسس دولة الكونغو وكان سبباً في وفاة 15 مليون شخص! وهكذا كانت نهاية العشرات من الطغات على يد شعوبهم دون اي تدخل خارجي العنف والسلاح والوحشية والمليشيات لا تحمي الأنظمة وإغلبهم تكون نهايتهم ماساوية وفضيعة وإياكم والظلم...
وفي العراق فأن التغيير قادم بلا شك على يد الشعب العراقي طالما الشعب العراقي غير مقتنع بمن يقودوه بسبب فسادهم العلني وفشلهم في إدارة الدولة والإرتقاء بها وبدء الرفض ظاهراً للعيان في الإنتخابات الأخيرة أكثر من 70% من من لهم الحق في الإشتراك بالإنتخابات لم يشتركوا بها وفشلت أغلب الأحزاب المشاركة فيها في الحصول على الأغلبية لذا رفضوا الإنصياع إلى نتائج الإنتخابات ولازال الفاسدين الفاشلين يصرون على إستمرارهم بالحكم الفاسد وتمسكهم بالسلطة خصوصأً أن الأحزاب العقائدية تصر على نشرعقائدها بكل طريقة بل وإلزام الناس بها وإمكانيات السلطة تتيح لهم ذلك ؛ بينما تهدف الأحزاب السيااسية تحقيق مصالح الجماهير وتنصاع لها. التغيير قادم في العراق إن لم يحسب الحكام حسابهم لوعي الأمة و لغضبة الشعب وإنتفاضته المزلزلة القادمة نتيجة فقدان الثقة بالسلطة ونفاذ صبر الأمة (بكل مكوناتها). التغيير قادم ما داموا لا يسمعون لصرخة الشعب وأنينه وجوعه ورفضه المكتوم الآن والذي سيقتلعهم غداً.
لقد فشلت المعارضة قبل عام 2003م في حكم العراق لأنهم إعتمدوا على الإحتلال في كل شيء في تكون مجلس الحكم وفي كتابة الدستور وفي حل الجيش العراقي وفي تبعية الحكومات الاحقة والأمر الثاني فشلهم في المجيء بخبرات وكفاءات لإدارة الدولة وإعتمدوا على الحزبيين رغم جهلهم وفشلهم في إدارة الدولة والأمر الثالث فساد الحكومات ونهب الثروات فكانت النتيجة الفشل وكره الشعب لهم وإنفضاض قاعدتهم الجماهيرية التي نبذتهم وستثور عليهم بطريقة قد تختلف عن ما جرى في تورة تشرين 2019م ؛ والأمر الرابع إنشغالهم (ولازالوا) بالعقد التاريخية والأحقاد السياسية والثارات وتحولهم نحو العقائد الطائفية الدموية المتشددة التي أنتجت طائفية دموية متوحشة غير جديرة بحكم العراق وغير مناسبة للمتغيرات الحضارية العالمية وتتناقض مع مفاهيم الدولة المدنية المعاصرة ولاتتماشى مع المنطلقات الديمقراطية. لابد من أجل السلام الإجتماعي والأمن الوطني ولتجنب الصراعات الدموية والتدخلات الخارجية من العودة إلى الشعب سريعاً والقضاء على المفسدين أو(إنهاء) الفساد وإستعادة هيبة الدولة ومركزيتها وحصر السلاح بيدها والتحول نحو مدنية الدولة وفرض السلام الإجتماعي والقضاء على الطائفية السياسية وتوفير بيئة إستثمارية آمنة ومنع تدخل الأحزاب السياسية في السياسة الإقتصادية وفي إستقلالية الحكومة وتنشيط المعارضة البرلمانية وغير البرلمانية وإعتبار (الهوية الوطنية) هي هوية الدولة وإعتمادها فعلياً في القوانين وفي إدارة الدولة مع بقاء الحرية الشخصية الكاملة في إختيار المواطن لمعتقده الديني أو الفكري او الثقافي. التغيير قادم وإلا فأن الثورة الشعبية قادمة وقد تختلف عن ما جرى في تورة تشرين 2019م. والتغير السلمي الحضاري أقل كلفة من التغير العنيف لأن التغيير قادم لا محالة شاء من شاء وأبى من ابى فليكن سلمياً وديمقراطياً.
إمكانيات العراق وثرواته وطاقاته عظيمة وغير محدودة تؤهله لكي يكون في مصاف الدول النامية والمتحضرة والغنية في تكامل إقتصادي وثقافي وإجتماعي جميل ولا يستحق العراقيون أقل من الرفاهية الغنية والرقي العالي.
أقرأ ايضاً
- التعدد السكاني أزمة السياسة العراقية القادمة
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد