بقلم: حميد طارش
ظهر حديثاً مصطلح مبادئ فوق الدستورية، أي بمعنى علّوها وسمّوها على الدستور، وهي لا تسقط بسقوطه ولا تنال منها الثورات والانقلابات والاحتلال، هذه المبادئ تتعلق بحقوق الانسان الاساسية، التي تأتي الدساتير للكشف عنها وليس منحها، وتأمينها وليست مصادرتها، وهي لصيقة بالانسان ولا تنفصل عنه وسواء كان محكوما أم حاكما وسجينا أم حرا ولا جئا أم مواطنا ومهاجرا شرعيا أم غير شرعي.
وأصبحت تلك الحقوق غير داخلة في الاختصاص المحجوز للدولة بعد تدويلها عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفقاً لنص ميثاق الامم المتحدة على احترام حقوق الانسان وتعزيزها، لذلك لا تعد الحماية الدولية لها تدخلاً في الشؤون الداخلية للدول أو مساساً بسيادتها.
ولم تتوقف الامم المتحدة عند حدود نص ميثاقها وانما أصدرت الاعلان العالمي لحقوق الانسان في العاشر من كانون الاول عام 1948 ليكون يوماً عالمياً لمراجعة مستوى التمتع بتلك الحقوق الذي لايزال دون المستوى المطلوب، فضلاً عن الانتهاكات الجسيمة لها في العديد من دول العالم وخاصةً بلدان العالم النامي.
وقد صدرت العديد من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان وتأسيس عدة آليات لمراقبة تنفيذها من قبيل اللجان والمقررين وتلقي الشكاوى وإجراء الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الانسان بمشاركة حكومات الدول واصحاب المصلحة.
وعلى الرغم مما مثلته تلك الآليات من أهمية في مسار الحماية والتعزيز لتلك الحقوق الّا أن مستوى الحرمان منها والاعتداء عليها لا يزال خطيراً في الدول المذكورة آنفاً، ولا يزال يشهد جرائم الرق والاتجار بالبشر ومصادرة الحريات والتمييز والحرمان من الضمان الاجتماعي عند العجز والبطالة والمرض، وما زالت تعاني المرأة والطفل وذوو الاحتياجات الخاصة من صعوبات كبيرة تتعلق بالحصول على العمل والتعليم اللائق والضمان الاجتماعي والحماية من العنف المجتمعي والاسري.
وسبب هذه المشكلات يكمن في غياب التشريعات الوطنية التي تجرّم تلك الجرائم وتكفل المساواة لتلك الفئات أو عدم كفاءة الاجهزة التنفيذية الخاصة بها، فضلاً عن أن المستوى المطلوب للتعامل مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل الدولة لا يرقى الى كونها قانونا داخليا ملزما أو هي أعلى منه منزلة.
أقرأ ايضاً
- اكذوبة سردية حقوق الانسان
- كربلاء دولة الإنسانية والحسين عاصمتها
- قوانين أبى الإنسان حملها فحملتها الرفوف