ما كان الكمبيوتر في شيء إلا زانه، و لا دخل في حرفة أو مهنة إلا وطورها وأسهم في استخراج مكنون مبدعها ، فعندما دخل الكمبيوتر على المهندس المعماري أصبحت مخططاته أجمل وأدق، ودخل على الطبيب فأصبح يتفنن في إجراء أعقد الجراحات، ومن بعد، ودخل على أهل الإخراج السينمائي فزاد الانتاج و تميز، واليوم نراه يدخل على الفن التشكيلي ليقدم لنا سحراً مرسوماً في لوحات تجمع أصالة الفن التشكيلي وروعة العالم الرقمي. كنت ممن كان جالس في أمسية بإحدى كازينوهات كربلاء الجميلة ودار حوار حول الفن الرقمي مع نخبة طيبة من الشباب المبدعين في مجال التصميم ، في تلك الأمسية تحدثوا عن دور الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية وكيف أننا نراها هذه الأيام التي تخرج علينا تباعاً، فكل يوم يصغر حجمها ويقل سعرها وتزيد فاعليتها، ونظراً لانتشار هذه الأجهزة في العالم انتشرت المعلومة المكتوبة والمسموعة والمرسومة والمرئية، وأصبح حجم المعلومات يتضاعف سنة بعد سنة حتى صارت المعلومة متوفرة للجميع ، ثم استمرت الأمسية وتحدث احد أفراد المجموعة وهو أصغرنا سنا لكنه مميز بتصاميمه ويفاجئنا بين الحين والأخر بأعماله الفنية المصمم الشاب السيد محمد البخاتي عن تاريخ الفن الرقمي ، وفكرة لتكوين مجموعة الفن الرقمي ، ورسالة المجموعة للمجتمع ، وتمخضت الأمسية بورشة عمل لنموذج تشكيلي رقمي يمثل كربلاء والحسين علية السلام.
كنت قبل هذه الأمسية احضر معارض الفن التشكيلية التي تقام بين الحين والآخر، ، وللأمانة فقد تشجعت لحضور معرض للفن الرقمي أقامته العتبة الحسينية المقدسة على هامش مهرجان ما فذهلت من روائع لوحات الفن الرقمي والبعد الفكري لكل لوحة ، وكيف أن الكمبيوتر أسهم للفن الرقمي ؛ بكم أكثر ، و بكيف أعمق ، وبإبداع ساحر، في الوصف والتعبير والمحتوى انطلاقا من تراكم خبرات ظهرت في فضاء اللوحة بأشكال ومفردات تجمع بين الرؤية والمهارة ، فشكرا للتقنيات الرقمية التي ساعدت المبدعين على إخراج مكنون سحرهم بشكل لم يسبق له مثيل.
وكما يقول أستاذ في الفن التشكيلي د. علي شناوة معاون عميد كلية الفنون الجميلة (جامعة بابل ) إن الفن الرقمي متطلب تشكيلي معاصر يعكس التطور التقني السريع المتنامي، وفي نفس الوقت يعكس الحالة الانفعالية للفنان بنفس سرعة هذا التنامي، فعلى الرغم من النقد الموضوعي الذي يطوله في بعض الأحيان - بوصفه فن \"العفوية\" أو فن غير الموهوبين ، إلا أنه فن له من الخصوصية بما يمكن وصفه إنه فن يحمل شخصية تعبيرية للفنان مغلفة بتقنية مغايرة تصنف حالة التقنية وليست حالة الفنان ، بمعنى إنه يوظف الانطباع التشكيلي اللحظي بوسيط مغاير غير المعهود من صور الفن التقليدية ، لتتحول معها \"باليتة\" دمج الألوان إلى متغير رقمي له نفس انطباع الفنان وسرعة أداء التقنية المعاصرة.
ومن محاسن الصدف أن أقرا في مجلة الأحرار التي تصدر من العتبة الحسينية المقدسة عن الثنائيات التي تتجاذب الإنسان بقضية الإنسانية واقعة ألطف ، وحيث إنه في العالم الرقمي تتواصل الأجهزة فيما بينها وتتراسل بلغة رقمية ثنائية ذات حرفين فقط، هما الصفر والواحد، فكل صورة وكل صوت وكل مشهد ينتشر في آفاق الإنترنت إنما يكون بلغة ثنائية فقط، أصفاراً واحاداً ، ثنائيان لا ثالث لهما، ثنائيان يشهدان بأنه ما أكثر الثنائيات التي تتجاذبنا في هذه الحياة، وما أكثر الثنائيات التي نتقمصها وهو ما يفسر إشكاليات الإنسان، بين الخير والشر، وبين كل متضادين.
تقرير: امجد الكعبي
أقرأ ايضاً
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- بركات الامام الحسين وصلت الى غزة ولبنان :العتبة الحسينية مثلت العراق انسانيا(تقرير مصور)