- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
القنوات الفضائية الدينية ومنهجية التجهيل.. الجزء الثالث
حسن كاظم الفتال
إجترارية النهج
ـــــــــــــــــــــــ
بصراحة أننا لا نأتي بمظلمة أو إجحاف حين نعلن ونبين أن معظم الفضائيات الدينية لا تنتج إلا برامج إجترارية نمطية لا ترقى لأن تندرج بقائمة عناوين البرامج المرموقة مسموعة كانت أو مرئية. إذ هي لا يتغاير بعضها عن البعض الآخر كثيرا فهي متداخلة متشابكة في ما بينها في الشكل والأطر والنمط والمحتوى كلها متماثلة مكررة ترسخت في ذاكرات المشاهدين المقاطع والجمل والعبارات المتطابقة لبعضها لا لجودة مضامينها أو لما تحمل من حكمة ومفاضلة إنما بسبب التكرار وخلوها من أي جدوى. بل صارت تثقل على المتلقي بالتخبط وغياب المهنية والحرفية بالتسطيح وتشابه (الكلايش) إن صح التعبير.
ومن هذه القنوات أو الإذاعات ما منح الأفضلية والأسبقية لبرامج المسابقات وإشراك المستمع أو المشاهد زاعمين أنهم سيكونون على تماس مع المستمع أو المشاهد ويزعمون أنها تفاعلية.
وإدامة مثل هذه البرامج تتطلب أن يكون التركيز على عنصرين مهمين يعتمدهما المقدم وهما: سهولة الأسئلة المطروحة بطريقة تقليدية خالية من أي بعد فكري وبتسطيح تام ثم الإعلان عن تخصيص جوائز معينة تمنح للفائزين بالإجابات الصحيحة للأسئلة التقليدية. وليس الغرض من منح الجوائز التكريم إنما هي عامل ومحفز لجذب أكثر عدد من المشاركين. وبما أن القناة أو الإذاعة تحمل أسما أو مسحةً دينية فمن أجل إثبات هذه الحقيقة يعمد المقدم على وضع أسئلة تصطبغ بصبغة دينية وهي بالحقيقة لا تمت بأي صلة أو علاقة بالعمق الديني العقائدي المبدئي. إنما هي ليست إلا غطاء يتوهم بسدله بعضهم ليوهم به بعض البسطاء.
وكثيرا ما يشارك المقدم نفسه بالإعلان عن الإجابة الصحيحة على السؤال بإيحاءات أو إيماءات معينة يلتقطها المستمعون أو المشاهدون وبذلك يقنع نفسه والآخرين بنجاح البرنامج وأهميته وفاعليته وليكمل البرنامج على أحسن وجه.
ولعل القاسم المشترك الآخر الذي تشترك فيه بعض
الفضائيات والإذاعات هو إقحام دوراتها البرامجية ببرامج أطلق المتابعون على القسم الأكبر منها تسمية (المزورچية) من تلك البرامج التي تستغرق أوقاتاً طويلة وبصراحة يجلس المقدم ويتخذ من الاستوديو مرئيا أو مسموعا (حسينية) أو (جامع) ويتحدث وكأنه في (موكب) أو (تكية) فبعد مقدمة ملائية (روزخونية) أو (منبرية) يعلن مقدم البرنامج فيها استعداده للزيارة بالنيابة عن المشاهد أو المشاهدة أو المستمع أو المستمعة ويتعهد لهم بتسجيل اسم المتصل وتسليمه إلى الإمام المطلوب. وبما أن استمرار المقدم مرهون باستمرار الإتصالات من قبل المستمعين أو المشاهدين من تلك الإتصالات التي يخولونه بها الزيارة نيابة عنهم هذا يدعوه أحياناً أن يتصنع في طريقة حديثه مرة بنبرة حزينة وأخرى بطريقة بكائية مصطنعة ومرة بتكنيك نفسي عن طريق استفزاز المشاعر بدغدغتها وهكذا حتى ينتهي وقت البرنامج.
إن هذا التوصيف لا يفلت من إشكالياته الكثير من الفضائيات والإذاعات فهو أشبه بوصف شامل لمعظمها.
البرامج الميدانية
ــــــــــــــــــــــــــ
هذه التسمية تطلق على برامج يقدمها بعض المقدمين خلال جولات يقومون بها في أماكن عامة أو حتى خاصة وهي تتطلب مستلزمات تلفت إليه الإنتباه من قميص مطرز عليه اسم القناة أو الإذاعة وجهاز تسجيل ولاقطة صوت وغير ذلك يحاورون بها أفرادا ممن ينتخبهم المقدم للحوار أو من ينوب عنه.
وإما أن تحدد مواضيع معينة يشترك بها الجميع أو تطرح أسئلة ويطلب الإجابة عنها ليفوز المجيب بالإجابة الصحيحة أيضا بجائزة.
ومثل هذه البرامج يكثر تقديمها في المناسبات الدينية وتحمل صيغاً أو نمطية متماثلة حيث تتشابه فيها الأسئلة والأجوبة.ويساعد المقدم كثيرا الضيف ليسهل عليه الإجابة فيفوز وينتهي الأمر بسلام
وهذه البرامج أقرب نمطا لبرامج المسابقات وهي أكثر تقليدية ورتابة وتكرارا من برامج المسابقات.
إلى اللقاء مع الجزء الرابع
حسن كاظم الفتال
أقرأ ايضاً
- القنوات المضللة!!
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول