بقلم: حسام السراي
واحدٌ من أكثر المؤشّرات الدالة على فشل النظام السياسي الحالي بكلّ تمثّلاته في مجلس النواب والحكومة، هو ألا شواخص عمرانيّة أو مبانيَ شيّدت في عهده، وهذا مبعث من مباعث السخط العام على المسؤولين منذ 2003.
نعم، يمكن أنْ نقبل بفرضية عدم الاستقرار خلال أعوام 2004 وحتّى 2007 ومنذ 2014 وحتّى 2018، لكنّ كثيراً من الفرص قد ضُيّعت في مناطق وأحياء آمنة، بدّدنا خلالها الكثير من الموارد والميزانيات على مجسّرات ومدارس أنجزت بمواصفات متدنية، وصارت بغداد، ثاني أكبر المدن في العالم العربي، تحتاج إلى بغداد ثانية، على مستويات عدة، منها البناء والتخطيط العمراني وحماية البيوت التراثيّة التي يجري تخريبها بطرق شتّى.
البصرة والموصل، وهما الحاضرتان التاريخيتان أيضاً في العراق، تعبّران كذلك عن ذلك الفشل الذي ينطلق من بغداد، ولا ينتهي عند نهر العشار أو مستنقع النفايات الحالي في مدينة السياب، أو عند الجانب الأيمن من الموصل الذي ينتظر إعادة الإعمار، وكذا مدن أخرى على قيد الإهمال.
كُتبت الكثير من المقالات والانتقادات لطبيعة اختيار المسؤولين المتعلّقة أساساً بصفقات وحصص، لا علاقة لها بمنطق الدولة الذي يفترض تكليف الأشخاص بمناصب على وفق مؤهلاتهم وسيرهم الذاتية.
اليوم وصل النظام السياسي الذي عشنا معه طوال 15 عاماً، إلى مرحلة الموت السريري، إذ فقد الصلة بشارعه ولم يعد الجمهور مقتنعاً بمجموعة أشخاص غير قادرين على أداء فعل حقيقي لصالح الناس، لأنّ الكتلة السياسيّة هي أولى من مصالح العراقيّين، والحزب وزعيمه- بالنسبة للمسؤول التابع لهما- مقدّسان أمام أي تطلّعات شعبيّة.
طابع الرفض الذي يسجّله الشباب بدرجة أساس لهذه النخبة السياسيّة، سيكون العلامة الفارقة في الأعوام المقبلة، إذ لا بدّ لهذه الجموع بكلّ ما تحمله من طاقة ورغبة بالتغيّير، أن تحقّق تحوّلاً على الأرض، إنْ لم ينجح في إزاحة الفاشلين، فإنّه سيحيّد الكثير منهم.
العجب كلّ العجب من أفراد يتصدّون لمسؤوليات، ولا يفكّرون بلحظة مغادرة هذا المنصب، ما الذي تركوه وما إنجازهم في هذا الموقع؟ هؤلاء الذين لا يخجلون من عامّة الشعب، ألا يخجلون من أبنائهم وذويهم، بأنّهم أصحاب مناصب في بلد أصبح خراباً بسببهم.
العجب أيضاً من ذلك المسؤول الذي يُطنّش وهو يسمع ويقرأ الكلام القاسي والشتائم التي تطاله يوميّاً في مواقع التواصل.
هذه هي صورة مجتزأة من واقع أكبر، تجعلنا أمام سؤال عسير: من سيبني للعراقيّين؟